Connect with us

Published

on

طشقند – أوزبكستان | أحوال المسلمين

تطرق الاستاذ مجدي كامل الصحفي المخضرم بموسسة اخبار اليوم وعضو اتحاد كتاب مصر ضمن كتاب “وراء كل ديكتاتور طفولة بائسة!!” عن دار الكتاب العربي، لطفولة إسلام كريموف، دكتاتور أوزبكستان، معنونا الفقرة الخاصة به تحت عنوان “من دار الأيتام إلى طاغية في صورة رئيس”.

المـحـتــويــات

تقديم للكتاب :

هم قتلة .. وحوش .. مصاصو دماء لشعوبهم ، و ربما لشعوب أخرى . إنهم طغاة عاثوا في الأرض فساداً ، و نكبت البشرية باستبدادهم و ديكتاتوريتهم . و كان السؤال دائماً و أبداً : ما الذي يمكن أن يحول المرء إلي شخصية تدميرية ، ما الذي يدفعه للتخلي عن آدميته ، و يتحول إلى وحش ضار يستلذ بسفك دماء بني جنسه ؟!

و لأن المسألة قد تجاوزت السياسة ، و أصبحت مادة خصبة للتحليل النفسي ، فقد توصل الباحثون إلى أن الديكتاتور أي ديكتاتور لا يأتي من الفراغ المجرد ، و إنما تصنعه طفولته ، و البيئة التي ولد و نشأ و تربى فيها .. في هذه الطفولة يوجد مفتاح شخصية كل ديكتاتور !!

ففي هذه المرحلة التي تتشكل فيها شخصية الديكتاتور عادة ما تشهد ظروفاً في غاية السوء و القسوة ، لا تترك للصغير فرصة لكي ينمو كشخص سوي ، بل تخلق له من العقد و الأمراض النفسية ما يحول دون ذلك .

و من هذه الظروف مثلاً الأسرة المفككة ، و العلاقات المتصدعة بين الوالدين ، و الحرمان من رعاية الأم أو الأب ، أو شعور الطفل بانه غير مرغوب فيه او منبوذ ، أو إفراط الأبوين في الدلع و التدليل ، أو إفراطهم في القسوة في تعاملهم معهم !

و قد أظهرت الدراسات النفسية أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين طلاق الزوجين وظهور السلوك العدوانى لدى الاطفال ، بسبب الضغوط والصراعات داخل المنزل ، كرد فعل لهذة الضغوط ، و أن الاسرة التى تستخدم العدوان اللفظى ، أو البدنى فى كل نزاع بين الوالدين ، تميل الى استخدام نفس الإسلوب العدوانى مع الآخرين ، ومن ثم فان الطفل العدوانى هو نتاج عدوان الوالدين .

كما أثبتت الدراسات أن الأسرذات المستوى الاجتماعى المنخفض – معظم الطغاة ينتمون إليها – تستخدم العقاب البدنى بصورة أكبر من الطبقات الوسطى والعليا ، مما يشكل دافعا للسلوك العدوانى ، بعكس الطبقات الوسطى ، التى تميل الى استخدام العقاب النفسى مثل : النبذ ، و اللامبالاة ، و التجاهل ، و هذا يفسر زيادة نسبة السلوك الاجرامى بين الطبقات الدنيا .

و من العقد و الأمراض النفسية الناجة عن الولادة في مثل هذه الأجواء مثلاً – كما سنرى في هذا الكتاب – عقدة الحرمان المادي أو العاطفي أو كلاهما معاً ، و عقدة الخوف نتيجة قسوة الوالدين ، أو النرجسية نتيجة التدليل ، أو الشعور المفرط بالضآلة و الدونية ، و الرغبة في السعي وراء السلطة للانتقام من المجتمع !

و من العقد النفسية التي تصاحب معظم الطغاة أيضاً عقدة الشعور بالنقص حيث يشعرون بالنقص حين يدركوا – كما سنى في هذا الكتاب – أن لديهم نقصاً عن الأخرين ، إما في شكلهم ، أو في علاقاتهم الاجتماعية ، أو في حالتهم الصحية والمادية وغيرها .

و من تأثيرات هذه العقدة – كما سنجد لاحقاً – العدوان ، والاستعلاء ، والتظاهر بالشجاعة ، والإسراف في تقدير الذات ، ومحاولة جذب الانتباه . ولاشك أن ذلك يرجع لما شهده الطاغية في صغره من ظروف أسرية ، و لأسلوب التربية ، التي تربى عليه فس سنواته الأولى !

و يشترك جميع الطغاة في كونهم شخصيات تسلطية تعاني اضطراباً في الشخصية يصاحبها منذ الصغر . فالحكام المتسلطون كانوا في طفولتهم إما خائفين من والديهم أوغاضبين منهم ، ولذلك فإنهم يظلون غير آمنين ويتمسكون بالعدوان وهم كبار ، حيث يقومون بعملية إسقاط لعدم كفاءتهم على أفراد المجتمع ، و يصبون جام غضبهم من آباءهم على هؤلاء الضحايا !!

و هؤلاء الطغاة أصحاب الشخصيات التسلطية يتسمون بأنهم جامدون تجاه الضعف سواء في الآخرين أو في أنفسهم ، ويميلون الى العقاب الشديد ، وتسيطر عليهم لغة القوة والعنف والخشونة المفرطة حتى مع اقرب الناس إليهم !

ويقول علماء النفس إننا من خلال خبراتنا في الطفولة نتعلم طرقا ونكتسب عادات لمواجهة وحل المواقف بطرق ثابتة نوعا ما ، وهذه الطرق تستمر طوال سنوات الحياة التالية ،كما أننا نكوّن ايضا صوراً او توقعات معينة سواء بالنسبة لأنفسنا أو بالنسبة للأخرين ، وهذه الصور والتوقعات تستمر كذلك في سنوات الحياة التالية. وكثيراً ما نشعر بأن هذه النماذج السلوكية والتوقعات غير ملائمة ، ولكننا نجد أنفسنا غير قادرين على التخلي عنها ، ونشعر بأن ظروف الواقع ومتطلباته تتطلب سلوكا مختلفا ، ولكننا نبدو غير قادرين على التعامل بطريقة معينة ، مما يسبب لنا الضيق والحصر والقلق ، وإذا كان الفشل في المواقف الاجتماعية يؤدي الى القلق ، فإن القلق بدوره يؤدي الى تدهور الاتزان والتعامل السوي ، وبذلك يفقد الإنسان المرونة ، ويميل الى التصلب كرد فعل ، وهو مظهر من مظاهر الاضطراب النفسي .

و غالباً ما يكون أي ديكتاتور في بداية حياته مصاباً بالاضراب النفسي كمظهر من مظاهر اضطرابه النفسي . . هذا التصلب يقف عقبة كئود في وجه كل التوافقات الداخلية الفردية ، أو الخارجية مع الأخرين ، ويكون ذلك بداية الجنوح نحو الانحراف في الشخصية ، حيث يتمسك هؤلاء الطواغيت بآراءهم ، و يدافعون عنها دفاعا مستميتا ، ويكنون العداء لكل إنسان يختلف معهم ، أو لا يشاركهم الإيمان بها ، أو يرفضونها باعتبارها أراء متطرفة تدعو الى العنف والقتل وإلغاء الآخر .

و يربط علماء النفس بين التصلب والعدوان والنزعة التسلطية وعدم التسامح من جهة ، وبين المحبة والفهم وتقبل الذات والآخر من جهة أخرى ،حيث ان السمات الاولى هي سمات التوحش والافتراس في السلوك الإنساني !!

و يشترك الطغاة أيضاً في تحولهم بفعل طفولنهم غير السوية إلى شخصيات معادية للمجتمع ، كسمة رئيسية لما يعانوه من اضطراب . و قد يبدأ هذا الاضطراب في المراهقة ويستمر إلى الكهولة . ومن أعراضه الخرق المكرر للقوانين ، و الغش والخداع ، و التهور والاندفاعية بدون اعتبار لسلامة ألآخرين ،و التعدي والقسوة الزائدة على الآخرين أو ممتلكاتهم ، و عدم تقدير المسؤولية مع الاستهتار الشديد ، و عدم إبداء أي اهتمام لمشاعر أو حقوق الآخرين .

و في هذا الكتاب سنحاول عزيزي القارئ الغوص في أعماق شخصيات روعت البشرية بعدوانيتها ، و سلوكياتها المريضة ، شخصيات بلغت من الطغيان مداه ، و مارست أبشع صور القتل و التدمير ، دون أن وازع من رحمة ، أو ضمير ، و كلما كانت تتمادى في بغيها ، كلما كانت تستميت من أجل المزيد ، لترتفع كل يوم قائمة ضحاياها .

أما الهدف فهو التعرف على العوامل التي تصنع الديكتاتور ، الظروف التي توفر له في سنواته الأولى التربة الخصبة لكي يخلغ عنه إنسانيته و آدميته ، و يتحول في النهاية إلى وحش ، فلربما نستطيع التعرف على هؤلاء الشياطين في وقت مبكر ، قبل أن نقبلهم حكاماً علينا ، ثم ندفع ثمن جهلنا بما هو آت غالياً فاحش الغلاء .

في هذا الكتاب سنتعرف على طفولة النازي أدولف هتلر ، و ديكتاتور روسيا الأحمر جوزيف ستالين ، و طاغية إيطاليا الفاشستي بينتو موسوليني ، و سفاح البوسنة سلوبودان ميلوسيفيتش ، و سفاح كمبوديا بول بوت ، و النازي الجديد كما لقبه كتاب بلاده الأمريكي جورج بوش ، و ديكتاتور العراق الراحل صدام حسين ، و ستالين الجديد في روسيا فلاديمير بوتين ، و طاغية اسبانيا فرانكو ، و أفريقيا الوسطى جان بيدل بوكاسا ، و الأوغندي عيدي أمين ، و الأرجنتيني أوجستو بينوشيه ، و الروماني نيقولاي تشاوسيسكو ، و الأوزبكي إسلام كاريموف .

في هذا الكتاب محاولة لرصد طفولة هؤلاء الطغاة للوقوف على السمات الشخصية المشتركة التي تجمع بينهم ، تلك السمات التي تشكلت في طفولتهم جميعاً ، و حولتهم لوحوش !!

مجدي حسين كامل

أنر فكرك

مصر : هل قرأت الفصل المحذوف من كتاب السلام العالمي والإسلام للمفكر سيد قطب ؟

Published

on

القاهرة – مصر | أحوال المسلمين

في سنة 1951 خطّ المفكر الإسلامي سيد قطب كتابه القيم “السلام العالمي و الإسلام”، ذاكرا من خلال أن الإسلام وحده هو الذي يحقق السلام العالمي الشامل المتكامل: سلام الضمير، وسلام البيت، وسلام المجتمع، وسلام العالم، و لشدة خطورة ما احتواه الكتاب تم حذف فصل من فصوله، و الإكتفاء بنشر باقي الفصول.
أما في سنة 2000 فقد نشر الناقد الإسلامي الكبير محمد الحسناوي كتابه الشهير “صفحات في الفكر والأدب” في دار القلم ببيروت، و ضم الكتاب دراسات ومقالات حول التصور الإسلامي للفنون، وحول العواطف البشرية في القرآن الكريم، أو في أدب علي أحمد باكثير، ويضم أيضا مراجعات نقدية لثلاثة كتب حول السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد، و حول انهيار الحضارة الغربية، و الجريمة والعقاب على الطريقة الروسية .
وفي الوقت نفسه يكشف النقاب عن حذف فصل مهم من كتاب “السلام العالمي والإسلام” لسيد قطب و يعيد نشره لما ينطوي عليه من أهمية مصيرية .
و هنا نقدم لكم نص الفصل المحذوف، بالإضافة الى نسخة كاملة خالية من أي حذف لكتاب المفكر سيد قطب.

“على أنني أعيذ البشرية أن يستبد بها الصلف الأمريكي السخيف، الذي قد لا يقاس إليه الصلف البريطاني ذاته في أرض المستعمرات.. إن عداوة الأمريكي للملونين عداوة كريهة بغيضة، وإن احتقاره للملونين لتهو ن إلى جانبه تعاليم النازية؛ وإن صلف الرجل الأبيض في أمريكا ليفوق كل ما كانت تتصوره الهتلرية!! وويل للبشرية يوم يوقِعها سوء الطالع في ربقة هذا الصلف الأمريكاني، بلا قوة في الأرض تخشى، ويعمل لها حساب!

إن طريق الخلاص للبشرية المنكودة الطالع لن يكون هو الانضمام إلى هذا المعسكر أو ذاك، ليسحق أحدهما الآخر سحقًا، ويخلو له وجه العالم، يسيطر عليه وحده، ويسيِّره كما يريد!

إنها ستدمر مواردنا نحن، وتحطم حياتنا نحن، وتدع أرضنا بقعًا خراباً.. وسواء علينا انتصرت هذه، أم انتصرت تلك، فسنخرج نحن من المعركة فتاتًا و حطامًا!! لا كما خرجت أوروبا من الحروب الماضية، ولكن كما لم تخرج أمة من حرب قط!

إن دعاة الكتلة الغربية هنا يمّنوننا بحل قضايانا المعلقة مع الاستعمار، إذا نحن انضممنا إلى معسكر الرأسمالية، الذي يدعونه معسكر الديمقراطية ! كأننا لم ننضم إلى هذا المعسكر مرتين متواليتين، وكأننا لم نلدغ من ذلك الجحر مرتين .. وأنا أعرف السبب في ذلك ا لموقف الغريب المريب .. إنه تلك المحالفة الطبيعية بين الرأسمالية المحلية والاستعمار الغربي.. إنه المصلحة المشتركة بين المحتلين والمستغلين..

إن طريق الخلاص هو أن تبرز إلى الوجود في أرض المعركة المنتظرة كتلة ثالثة، تقول لهؤلاء ولهؤلاء: لا !

إننا لن نسمح لكم بأن تديروا المعركة على أشلائنا وحطامنا، إننا لن ندع مواردنا تخدم مطامعكم، ولن ندع أجسادنا تطهر حقول ألغامكم، ولن نسلمكم رقابنا كالخراف والجِداء!

يجب أن يشعر هؤلاء أن في هذه الرقعة الفسيحة الضخمة الهائمة ناسًا، يحسب لهم حساب، لا كميات هائلة، ولا ماشية وأذناب! وإن الذين استعمرت دعايات الكتلتينن وأرواحهم ليقولو ن : إن هذا مستحيل، ما إليه من سبيل، فنحن لا نملك القوة التي نقف بها حاجزًا بين الكتلتين، وستدوسنا الأقدام من هنا أو من هناك، لا يغني عنا أن نعلن الحياد، أو أن ننضم إلى هذا أو ذاك!!” ا.هـ

كان قطب – رحمه الله – يعتبر سلام الإنسان، وسلام الأسرة، وسلام المجتمع، وسلام الدولة، وسلام العالم كله.. منوط به منهج واحد وشريعة واحدة هي الإسلام، يجب أن يعلو الإسلام نظم البشرية كلها حتى يتحقق السلام العالمي، فالإسلام – وحده – هو الحق المطلق، وهو وحده الحق والعدل الرباني.
لقراءة الكتاب كاملا (مع الفصل المحذوف)

[slideshare id=52223755&doc=random-150830162807-lva1-app6892&type=d]

Continue Reading

أنر فكرك

كريموف .. من دار الأيتام إلى طاغية في صورة رئيس | بقلم / مجدي كامل

Published

on

طشقند – أوزبكستان | أحوال المسلمين

تطرق الاستاذ مجدي كامل الصحفي المخضرم بموسسة اخبار اليوم وعضو اتحاد كتاب مصر ضمن كتاب “وراء كل ديكتاتور طفولة بائسة!!” عن دار الكتاب العربي، لطفولة إسلام كريموف، دكتاتور أوزبكستان، معنونا الفقرة الخاصة به تحت عنوان “من دار الأيتام إلى طاغية في صورة رئيس”.

المـحـتــويــات

تقديم للكتاب :

هم قتلة .. وحوش .. مصاصو دماء لشعوبهم ، و ربما لشعوب أخرى . إنهم طغاة عاثوا في الأرض فساداً ، و نكبت البشرية باستبدادهم و ديكتاتوريتهم . و كان السؤال دائماً و أبداً : ما الذي يمكن أن يحول المرء إلي شخصية تدميرية ، ما الذي يدفعه للتخلي عن آدميته ، و يتحول إلى وحش ضار يستلذ بسفك دماء بني جنسه ؟!

و لأن المسألة قد تجاوزت السياسة ، و أصبحت مادة خصبة للتحليل النفسي ، فقد توصل الباحثون إلى أن الديكتاتور أي ديكتاتور لا يأتي من الفراغ المجرد ، و إنما تصنعه طفولته ، و البيئة التي ولد و نشأ و تربى فيها .. في هذه الطفولة يوجد مفتاح شخصية كل ديكتاتور !!

ففي هذه المرحلة التي تتشكل فيها شخصية الديكتاتور عادة ما تشهد ظروفاً في غاية السوء و القسوة ، لا تترك للصغير فرصة لكي ينمو كشخص سوي ، بل تخلق له من العقد و الأمراض النفسية ما يحول دون ذلك .

و من هذه الظروف مثلاً الأسرة المفككة ، و العلاقات المتصدعة بين الوالدين ، و الحرمان من رعاية الأم أو الأب ، أو شعور الطفل بانه غير مرغوب فيه او منبوذ ، أو إفراط الأبوين في الدلع و التدليل ، أو إفراطهم في القسوة في تعاملهم معهم !

و قد أظهرت الدراسات النفسية أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين طلاق الزوجين وظهور السلوك العدوانى لدى الاطفال ، بسبب الضغوط والصراعات داخل المنزل ، كرد فعل لهذة الضغوط ، و أن الاسرة التى تستخدم العدوان اللفظى ، أو البدنى فى كل نزاع بين الوالدين ، تميل الى استخدام نفس الإسلوب العدوانى مع الآخرين ، ومن ثم فان الطفل العدوانى هو نتاج عدوان الوالدين .

كما أثبتت الدراسات أن الأسرذات المستوى الاجتماعى المنخفض – معظم الطغاة ينتمون إليها – تستخدم العقاب البدنى بصورة أكبر من الطبقات الوسطى والعليا ، مما يشكل دافعا للسلوك العدوانى ، بعكس الطبقات الوسطى ، التى تميل الى استخدام العقاب النفسى مثل : النبذ ، و اللامبالاة ، و التجاهل ، و هذا يفسر زيادة نسبة السلوك الاجرامى بين الطبقات الدنيا .

و من العقد و الأمراض النفسية الناجة عن الولادة في مثل هذه الأجواء مثلاً – كما سنرى في هذا الكتاب – عقدة الحرمان المادي أو العاطفي أو كلاهما معاً ، و عقدة الخوف نتيجة قسوة الوالدين ، أو النرجسية نتيجة التدليل ، أو الشعور المفرط بالضآلة و الدونية ، و الرغبة في السعي وراء السلطة للانتقام من المجتمع !

و من العقد النفسية التي تصاحب معظم الطغاة أيضاً عقدة الشعور بالنقص حيث يشعرون بالنقص حين يدركوا – كما سنى في هذا الكتاب – أن لديهم نقصاً عن الأخرين ، إما في شكلهم ، أو في علاقاتهم الاجتماعية ، أو في حالتهم الصحية والمادية وغيرها .

و من تأثيرات هذه العقدة – كما سنجد لاحقاً – العدوان ، والاستعلاء ، والتظاهر بالشجاعة ، والإسراف في تقدير الذات ، ومحاولة جذب الانتباه . ولاشك أن ذلك يرجع لما شهده الطاغية في صغره من ظروف أسرية ، و لأسلوب التربية ، التي تربى عليه فس سنواته الأولى !

و يشترك جميع الطغاة في كونهم شخصيات تسلطية تعاني اضطراباً في الشخصية يصاحبها منذ الصغر . فالحكام المتسلطون كانوا في طفولتهم إما خائفين من والديهم أوغاضبين منهم ، ولذلك فإنهم يظلون غير آمنين ويتمسكون بالعدوان وهم كبار ، حيث يقومون بعملية إسقاط لعدم كفاءتهم على أفراد المجتمع ، و يصبون جام غضبهم من آباءهم على هؤلاء الضحايا !!

و هؤلاء الطغاة أصحاب الشخصيات التسلطية يتسمون بأنهم جامدون تجاه الضعف سواء في الآخرين أو في أنفسهم ، ويميلون الى العقاب الشديد ، وتسيطر عليهم لغة القوة والعنف والخشونة المفرطة حتى مع اقرب الناس إليهم !

ويقول علماء النفس إننا من خلال خبراتنا في الطفولة نتعلم طرقا ونكتسب عادات لمواجهة وحل المواقف بطرق ثابتة نوعا ما ، وهذه الطرق تستمر طوال سنوات الحياة التالية ،كما أننا نكوّن ايضا صوراً او توقعات معينة سواء بالنسبة لأنفسنا أو بالنسبة للأخرين ، وهذه الصور والتوقعات تستمر كذلك في سنوات الحياة التالية. وكثيراً ما نشعر بأن هذه النماذج السلوكية والتوقعات غير ملائمة ، ولكننا نجد أنفسنا غير قادرين على التخلي عنها ، ونشعر بأن ظروف الواقع ومتطلباته تتطلب سلوكا مختلفا ، ولكننا نبدو غير قادرين على التعامل بطريقة معينة ، مما يسبب لنا الضيق والحصر والقلق ، وإذا كان الفشل في المواقف الاجتماعية يؤدي الى القلق ، فإن القلق بدوره يؤدي الى تدهور الاتزان والتعامل السوي ، وبذلك يفقد الإنسان المرونة ، ويميل الى التصلب كرد فعل ، وهو مظهر من مظاهر الاضطراب النفسي .

و غالباً ما يكون أي ديكتاتور في بداية حياته مصاباً بالاضراب النفسي كمظهر من مظاهر اضطرابه النفسي . . هذا التصلب يقف عقبة كئود في وجه كل التوافقات الداخلية الفردية ، أو الخارجية مع الأخرين ، ويكون ذلك بداية الجنوح نحو الانحراف في الشخصية ، حيث يتمسك هؤلاء الطواغيت بآراءهم ، و يدافعون عنها دفاعا مستميتا ، ويكنون العداء لكل إنسان يختلف معهم ، أو لا يشاركهم الإيمان بها ، أو يرفضونها باعتبارها أراء متطرفة تدعو الى العنف والقتل وإلغاء الآخر .

و يربط علماء النفس بين التصلب والعدوان والنزعة التسلطية وعدم التسامح من جهة ، وبين المحبة والفهم وتقبل الذات والآخر من جهة أخرى ،حيث ان السمات الاولى هي سمات التوحش والافتراس في السلوك الإنساني !!

و يشترك الطغاة أيضاً في تحولهم بفعل طفولنهم غير السوية إلى شخصيات معادية للمجتمع ، كسمة رئيسية لما يعانوه من اضطراب . و قد يبدأ هذا الاضطراب في المراهقة ويستمر إلى الكهولة . ومن أعراضه الخرق المكرر للقوانين ، و الغش والخداع ، و التهور والاندفاعية بدون اعتبار لسلامة ألآخرين ،و التعدي والقسوة الزائدة على الآخرين أو ممتلكاتهم ، و عدم تقدير المسؤولية مع الاستهتار الشديد ، و عدم إبداء أي اهتمام لمشاعر أو حقوق الآخرين .

و في هذا الكتاب سنحاول عزيزي القارئ الغوص في أعماق شخصيات روعت البشرية بعدوانيتها ، و سلوكياتها المريضة ، شخصيات بلغت من الطغيان مداه ، و مارست أبشع صور القتل و التدمير ، دون أن وازع من رحمة ، أو ضمير ، و كلما كانت تتمادى في بغيها ، كلما كانت تستميت من أجل المزيد ، لترتفع كل يوم قائمة ضحاياها .

أما الهدف فهو التعرف على العوامل التي تصنع الديكتاتور ، الظروف التي توفر له في سنواته الأولى التربة الخصبة لكي يخلغ عنه إنسانيته و آدميته ، و يتحول في النهاية إلى وحش ، فلربما نستطيع التعرف على هؤلاء الشياطين في وقت مبكر ، قبل أن نقبلهم حكاماً علينا ، ثم ندفع ثمن جهلنا بما هو آت غالياً فاحش الغلاء .

في هذا الكتاب سنتعرف على طفولة النازي أدولف هتلر ، و ديكتاتور روسيا الأحمر جوزيف ستالين ، و طاغية إيطاليا الفاشستي بينتو موسوليني ، و سفاح البوسنة سلوبودان ميلوسيفيتش ، و سفاح كمبوديا بول بوت ، و النازي الجديد كما لقبه كتاب بلاده الأمريكي جورج بوش ، و ديكتاتور العراق الراحل صدام حسين ، و ستالين الجديد في روسيا فلاديمير بوتين ، و طاغية اسبانيا فرانكو ، و أفريقيا الوسطى جان بيدل بوكاسا ، و الأوغندي عيدي أمين ، و الأرجنتيني أوجستو بينوشيه ، و الروماني نيقولاي تشاوسيسكو ، و الأوزبكي إسلام كاريموف .

في هذا الكتاب محاولة لرصد طفولة هؤلاء الطغاة للوقوف على السمات الشخصية المشتركة التي تجمع بينهم ، تلك السمات التي تشكلت في طفولتهم جميعاً ، و حولتهم لوحوش !!

مجدي حسين كامل

Continue Reading
Advertisement
MEDIUM RECTANGLE