Connect with us

Published

on

166323040

 

نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريرًا مؤخرًا بعنوان: “France’s Forgotten War”، أو: “حرب فرنسا المنسية”، تناول فيه مؤلِّفه “وبرت زيرتسكاي” واقعَ العمليات العسكرية التي تقودها “باريس” ضد الجماعات الإسلامية في مالي، والفشل الفَرَنسي في تحقيق الهدف من الغزو العسكري، وكيفية خروج فرنسا من المستنقع المالي.

أفغانستان جديدة:

وأضاف أن الزعيم الفَرَنسي السابق “شارل ديجول” أكَّد ذات يوم أن فرنسا لن تكون فرنسا بدون عظمة، وهذه العظمة لا تكون على الساحة الدولية فقط، بل تشتمل كذلك على رغبة فرنسية في تحديد مصاير الشعوب، لكن هذه المشاعر الديجولية تحوَّلت على يد الرئيس الاشتراكي “فرنسوا هولاند” إلى كابوس مُخِيف، منذ أن وطئت أقدام القوات الفرنسية العاصمة المالية “موباكو” في يناير الماضي.

الحملة الانتخابية لهولاند التي رفعت الشعار المعروف “إنه الاقتصاد يا غبي”، ركَّزت بصورة كبيرة على جملة الإصلاحات الاقتصادية التي سيتخذها “هولاند” عند دخوله إلى قصر الإليزيه، لكن الجميع – بما فيهم الرأي العام، والنخبة، والمثقفون – فُوجِئوا بقرار “هولاند” بالتدخل العسكري في مالي – وسط الوضع الاقتصادي الخطير الذي تعاني منه فرنسا – تحت ذريعة منع الجماعات الإسلامية من السيطرة على المستعمَرة الفرنسية القديمة، وفي نفس الوقت لم يُجْرِ “هولاند” الخطوات المطلوبة لانتشال الاقتصاد الفرنسي من أوضاعه المتردِّية.

بعض النُّخَب والمثقفين حاولوا تبرير العمليات العسكرية الفرنسية في مالي، برغبة باريس في الحصول على اليورانيوم في دولة النيجر المجاورة، لكن على الجانب الآخر شكَّك عدد من السياسيين في الأهداف الفرنسية، مؤكِّدين على أنها بقصد الدعاية فقط، وأشار “دومينك دوفلبان” – رئيس الوزراء الأسبق – إلى أن “هولاند” يفتقر إلى الخبرة الكافية في إدراك الحقائق الجيوسياسية في الماضي والحاضر، وشدَّد على أن الرئيس الفرنسي يقود البلاد إلى أفغانستان جديدة.

استطلاعاتُ الرأي الفرنسية كشفتْ عن تدنِّي شعبية “هولاند” ورئيس وزرائه “جون مارك ايرولت” منذ أواخر العام الماضي 2012، بسبب ارتفاع معدَّلات البطالة، وتدهور الاقتصاد، وفشل “هولاند” في تنفيذ وعوده الانتخابية، وبعد أسبوعين من التدخل في مالي شهدت شعبية هولاند مزيدًا من التراجع، وأكد 90 % من الخاضعين للاستطلاع أن فرنسا بحاجة إلى قائد حقيقي.

وحتى الآن – وبعد ما يزيد على ثلاثة أشهر من الغزو الفرنسي لمالي – لم يستطع “هولاند” تحقيقَ العظمة الفرنسية التي أكَّد عليها الزعيم شارل ديجول؛ بل أصبحت فرنسا مستهدَفة من قِبَل بعض التنظيمات المسلَّحة، مثلما حدث في الاعتداء على السفارة الفَرَنسية في طرابلس، كما أدرك الرأيُ العام أن فُرَص نجاح المهمة الفرنسية تبدو ضعيفة؛ حيث ذكرت استطلاعات الرأي أن 50 % من الجمهور الفرنسي يشكِّك في قدرة فرنسا على القضاء على الحركات الإسلامية في شمال مالي.

فشل فرنسي هائل:

وتنتشر التنظيمات الإسلامية في عددٍ من المناطق في شمال مالي، بالإضافة إلى وجود جماعات جهادية في غرب إفريقيا، وعناصر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؛ مما يصعبُ من تحقيقِ أهداف الغزوِ الفَرَنسي، وقد عبَّر أحد القادة العسكريين المَيْدانيين عن هذا الوضع حين قال مؤخرًا: إن القوات الفَرَنسية ليست مزوَّدة بمعلومات استخباراتية عن أماكن تلك التنظيمات، علاوة على أن أهداف الحملة العسكرية ذاتها غير محدَّدة وواضحة المعالِم.

ويُدرِك الشعب الفَرَنسي أن تحقيقَ أي نصرٍ عسكري – مثل منع دخول الحركات الإسلامية إلى العاصمة “موباكو” – يبدو مؤقتًا، خاصة مع تقارير الأمم المتحدة التي حذَّرت من أن توقف العمليات الاستطلاعية التي تقوم بها القوات الفرنسية في المناطق الجبلية في شمال مالي قد يؤدِّي إلى عودة تلك الحركات إليها مرة أخرى.

فشلُ فرنسا في تحقيق نصرٍ عسكري سريع، أدَّى إلى استياءِ السكان المحليِّين، خاصة أن القوات الإفريقية العاملة في تلك المناطق تحت رعاية الأمم المتحدة، لا تمتلك القدرات القتالية المطلوبة لمواجهة هذه الحركات، التي يبدو أنها أكثر تسليحًا وتنظيمًا وخبرة من القوات الفرنسية والإفريقية، وهي المخاوف التي أكَّد عليها وزير الدفاع الفرنسي “جان أف لو درين” في زيارته القصيرة إلى مالي، التي أجراها مؤخرًا، وتشديده على ضرورة بقاء القوات التشادية بعد انسحاب القوات الفرنسية؛ خشية وقوع انفلات أمني واسع النطاق.

وبالإضافة إلى الفراغ الأمني، تعاني “مالي” من فراغ سياسي؛ حيث دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية الفرنسية إلى ضرورة إجراء انتخابات وطنية في يوليو المُقبِل، كوسيلة لتجديد الشرعية الديمقراطية، لكن بعض القوى السياسية في مالي ترفض هذا الاقتراح، في ظل وجود الجيش التشادي والقوات الفرنسية على أراضيها، كما أعلنت الحركة الوطنية لتحرير “أزواد” التي تناضل من أجل استقلال الإقليم عن “موباكو” عن عدم مشاركتها في الانتخابات المقبلة، طالما لم تُسفِر المفاوضات مع الحكومة المالية عن واقع جديد؛ مما قد يُدخِل البلادَ في نفقِ اضطرابات سياسية، علاوة على الاضطرابات الأمنية.

إن الحرب الفرنسية تدخلُ شهرَها الرابع دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، ولم يُدْلِ المسؤولون الفَرَنسيون عن أيَّة معلومات عن خريطة وأهداف تلك الحملة العسكرية، ومع تفاقم الوضع الأمني والسياسي في البلاد، يتعيَّن على فرنسا سحب قواتها على الفور من مالي، ورعاية مفاوضات شاملة تضم كافة القوى السياسية – ومنها التنظيمات الإسلامية – على الساحة المالية؛ من أجل الاتفاق على خارطة طريق تضمن الاتفاق على ترتيبات محددة لحل مشكلة “إقليم أزواد”؛ حتى لا تتحول مالي إلى صومال جديدة أو أفغانستان أخرى.

مساجد

المسجد في الإسلام

Published

on

المسجد ليس ديرًا ولا كنيسةً، وليس في الإسلام رهبانية تقطع المسلم عن مجريات الحياة، بل إنه دِين كامل شامل، ومن هذا المنطلق فإن البيت الذي اختص للعبادة في الإسلام لا بد أن ينطلق من هذه الشمولية، ويستوعب جميع المجالات، ويهتم بجميع عناصر المجتمع الإسلامي، ويقوم باستخدام طاقات الشباب ومواهبهم استخدامًا نافعًا للإسلام، ويزود أبناء الجيل الجديد بزادٍ من التقوى والإحسان والسلوك والمعرفة، ويغرس فيهم حب الإيمان والعمل الصالح.

و الشيء الذي دفعنا للحديث عن المسجد ودوره في البعث الإسلامي، هو أنه اليوم لا يلعب الدور المطلوب في هذا المجال، في حين أنه مرجو ليكون في مقدمة المؤسسات الدينية والتربوية التي عليها أن تتحمل النصيب الأوفر في هذا المضمار.

ورب نظرة خاطفة عن دور المسجد عبر التاريخ الإسلامي، ترينا حقائق كثيرة، وتطلعنا على أمور ما أحوج المسلمين اليوم للتعرف عليها: ذلك أن بناء الرجال وصناعة المجتمعات، وتحميس الأفراد، وتنقية قلوبهم وأفكارهم وعقد ألوية الجهاد في سبيل الله، كل هذه الأمور كانت من عمل المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق الله تعالى إذ يقول: “في بيوت أذن الله ان ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء من غير حساب”. سورة النور.

في هذا المبحث سنتعرف على دور المسجد في المجتمع الإسلامي، و المجالات التي كان يشملها.

الطهارة الحسية والمعنوية

إن المسلمَ مطالَبٌ في صلاته بأن يكون طاهرَ الثوب، والبدن، والمكان، وأن يكونَ طاهرًا من الحدَثَيْنِ الأكبرِ والأصغر، وحين يصلي فإن الصلاةَ تُطهِّرُه من الذنوب والآثام، يقول الله تعالى: ﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التوبة: 108].

دار القضاء

كان المسجد دارًا للقضاء، والفصل بين المتخاصمين؛ حيث يأمَنُ فيه كلُّ إنسان على نفسه، ويطمئنُّ على أخذ حقه؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ﴾ [سورة ص: 21، 22].

قال الإمامُ القرطبي في تفسيره: “ليس في القرآن ما يدلُّ على القضاء في المسجد إلا هذه الآياتُ، وبها استدَلَّ من قال بجواز القضاء في المسجد، ولو كان ذلك لا يجوز – كما قال البعضُ – لَمَا أقرَّهم داود عليه السلام على ذلك، وقال لهم: انصرفا إلى موضع القضاء”.

وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم والخلفاءُ يقضُون بين النَّاس في المسجد. [1]

مدرسة/جامعة

ذكر عبد الرحمن السيد في كتابه (مدرسة البصرة النحوية) في هذا الصدد: “لم تكن هناك بطبيعة الحال مدارس منظمة أو معاهد مهيَّأة يلتقي فيها المعلمون والمتعلمون على النحو الذي نراه في عصرنا الحاضر، وإنما كانت الدراسة ملائمة لهذه الحقبة من تاريخ البشرية، متماشية مع حاجات الناس في ذلك العصر المتقدم، فكان من جملة ما يسعى إليه الدارسون لأخذ العلم والأدب واللغة المساجدُ، فكانت حلقات الدراسة تُعقَد فيها”.

و لم تكن المساجد على هذه الحالة في البصرة فقط، فقد عمت جميع مساجد العالم، حتى مساجد تمبكتو في مالي دأبت على نفس المنوال، و أذكر ما قال عبد الرحمن السعدي في كتابه “تاريخ السودان”:

“ولم تكن تمبكتو تضم فقط هذه المساجد الثلاثة المشهورة: بل ضمت مساجد أخرى: ولكنها لم تصل إلى شهرة هذه الثلاثة ومكانتها في التاريخ الحضاري الإسلامي لغرب إفريقيا، وقد أوصل المؤرخون عددها إلى أكثر من تسعة مساجد .

كانت هذه المساجد الثلاثة – بصفة خاصة – معاهد تعليمية كبرى. ومراكز ثقافية مهمة، مثل الجامع الأزهر بالقاهرة؛ والجامع الأموي بدمشق. وجامع الزيتونة بتونس؛ وجامع قرطبة بالأندلس؛ وجامع القرويين بفاس. وغيرها من المساجد الإسلامية الكبرى.

فكانت المرحلة العليا من التعليم – في هذه المساجد التمبكتوية – تشبه ما كان بالأزهر قديما وما هو كائن اليوم. إذ إن حلقات الدراسة مازالت تعقد في جامع تمبكتو، وينتظم فيها طلبة الدراسات الإسلامية؛ الذين يمنحون شهادة الإجازة (الليسانس)؛ تماما كزملائهم الذين يتخرجون في الكليات المختلفة في جامع الأزهر .

ويسمي بعض المؤرخين هذا النوع من التعليم المسجدي بالجامعات العامة. لأنه يجمع بين فكرة التخصص الدقيق وفكرة الثقافة التربوية العامة. وهو تعليم إسلامي أصيل. وضعت بذرته الدعوة الإسلامية وما تمت ظلالها .” [2]

ناهيك عن انتشار الكتاتيب في المساجد، و تطور كبير في بعض منها، كما حصل في مسجد القرويين، و الذي استحدث فيه أول جامعة في العالم.

و بخصوص الكتاتيب: فهي بداية التعليم لدى الطفل، ومفردها كتّاب ويطلق عليه المكتب، وسمي بذلك لأنه يتعلم فيه التلميذ الكتابة؛ ويطلق عليه أهل صنعاء واليمن المعلامة. والمعلامة: غرفة ملحقة في الغالب بأحد المساجد أو تجاورها، يأتي إليها الأطفال في سن السادسة من العمر يوميا لتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب، والتدرب على قراءة القرآن الكريم: وكان المعلمون لا يتقاضون أجرًا رسميا مقابل تعليمهم للصبيان، بل كانوا يعتمدون على ما يدفعه لهم الصبيان من نقود في آخر الأسبوع، وكان أهل صنعاء يسمونها: “حق الخميس”. [3]

مكتبة

تحتوي العديد من المساجد خلال مختلف الأزمة على العديد من الكتب التي تهم المسلم، دينا و دنيا، و تكون مفتوحة للعامة لمن أراد القراءة.

وأذكر منها [4] :

مكتبة الحرم المكي

مكتبة أيا صوفيا

مكتبة مسجد أبي أيوي

مكتبة مسجد السلطان أحمد الثالث

خزينة جامع السلطان محمد.

وفي الجامع الكبير في صنعاء مكتبة تحتوي على مخطوطات هامة وكتب قيمة، وقد بدأت هذه المكتبة صغيرة فكانت مجرد خزانة خشبية تقع في مؤخرة الجامع، ثم تطورت بعد ذلك تدريجيا وأقبل الطلاب من صنعاء وخارجها على هذه المكتبة؛ نظرا لكونها أكبر مكتبات الجوامع بصنعاء خاصة واليمن عامة؛ ولان الكتب التي بداخلها كتبت بخطوط رائعة [5].

و بإمكان الباحث أن يستزد في هذا الباب من خلال كتاب “المكتبات العامة الموصلية منذ القرن الثامن عشر و حتى القرن العشرين” للمؤلف قصي حسين آل فرج.

الفلك

كان للجامع الأموي الكبير (حلب) دور كبير كمؤسسة لعلوم الفلك، فقد درس فيه العديد من العلماء المشهورين أمثال: العالم ابن النقيب (900-971هـ/ 1494-1563م)[6] والعالم أحمد آغا الجزار (في القرن 19).

وقد قضى عالم الفلك العربي ابن الشاطر معظم حياته في وظيفة التوقيت ورئاسة المؤذنين في الجامع الأموي من عام 1332 حتى وفاته في عام 1376 [7]، وقد قيل أنه قام بتنصيب مزولة كبيرة على المئذنة الشمالية للمسجد في عام 1371. [8]

مكان للتشاور و الإستشارة

المسجدُ كان – ولا يزال – أفضلَ مكانٍ للتشاور بين المسلمين، في كل شأن من شؤون دِينهم ومعيشتهم؛ لأن المسلمَ في المسجد يكونُ بعيدًا عن هوى النَّفس ونزغات الشيطان.

مآل الفقراء و المساكين و أهل الصفة

الحرصُ على صلاة الجماعة وسيلةٌ ممتازة للتعرُّف على ظروف هؤلاء وأحوالهم، وهذا في الواقع يُعَدُّ هدَفًا من أهداف الإسلام حين رغَّبَ في صلاةِ الجماعة، وحثَّ عليها.

 عن مُعاذِ بن جبلٍ رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشيطانَ ذِئبُ الإنسان، كذئب الغنم، يأخذ الشاةَ القاصية والناحية؛ فإياكم والشِّعابَ، وعليكم بالجماعةِ والعامَّةِ والمسجد)) رواه الإمام أحمد في المسند.

>>حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال “أصليت يا فلان” قال “لا” قال “قم فاركع ركعتين”

قوله : ( قم فاركع ) زاد المستملي والأصيلي ” ركعتين ” وكذا في رواية سفيان في الباب الذي بعده ” فصل ركعتين ” ، واستدل به على أن الخطبة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد ، وتعقب بأنها واقعة عين لا عموم لها فيحتمل اختصاصها بسليك ، ويدل عليه قوله في حديث أبي سعيد الذي أخرجه أصحاب السنن وغيرهم جاء رجل والنبي – صلى الله عليه وسلم – يخطب والرجل في هيئة بذة ، فقال له : أصليت ؟ قال : لا . قال : صل ركعتين ، وحض الناس على الصدقة الحديث فأمره أن يصلي ليراه بعض الناس وهو قائم فيتصدق عليه<< [9]

محمد بن خفيف رحمه الله من علماء الحنابلة قالوا قد نزل به الفالج، الفالج هو مثل الجلطة شلل نصفي، يقولون فكان إذا أُذّن عليه للصلاة إذا سمع الآذان قال :” احملوني إلى المسجد” قالوا : سبحان الله، إن الله قد عذرك، قال: “أعلم أن الله قد عذرني أعلم لكني لا أطيق” -لا أصبر- ثم قال :”إذا سمعتم حيّ عل الصلاة حيّ على الفلاح ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبره” يعني إن لم تجدوني في المسجد اعلموا أني قد مت، أنا في المقبره، “فاطلبوني في المقبره” !

دور للعلاج و حضانة للأطفال

في ترجمة العالم الجليل سليمان ربيع يذكر يوسف المرعشلي في كتابه “نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر ” قوله “كما أنشأ مستشفى خيريا كبيرا يجمع مختلف الأطباء في جميع التخصصات العلاجية: وأحدث الطرق العلاجية للأمراض المزمنة. وخاصة مرض الفشل الكلوي. حيث استورد جهازا للغسيل الكلوي ليكون بأسعار مخفضة ومتاحة للمرضى.

وقد الحق بالدور العلاجية مبنى للمسنين الذين لا يجدون من يقوم بخدمتهم، فأتاح لهم الراحة الكاملة، من خدمات ومماشات يومية. وعوضهم خيرًا عن أبنائهم وأقاربهم الذين اهملوا رعايتهم وحقوقهم بعد لن كبروا في السن.

وفي طريق طلب العلم ونشره أنشأ معهدًا كبيرًا وضمه للأزهر؛ وهى معهد الفتيات بمصر الجديدة. كما أتمّ بالحي نفسه بناء خمسة عشر مسجدًا، وألحق بكل مسجد دورًا للعلاج وحضانة للأطفال وتعليمهم.” [10]

مستشفى

لقد كانت المستشفيات في بلاد المسلمين تُبنى في أفضل الأماكن البيئية وأبعدها عن أسباب التلوث والتغير؛ وبدأ ذلك منذ فترة باكرة، فأول بيمارستان في الإسلام كان خيمة نُصِبت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد هو أطهر مكان في أرض المسلمين، إذ يجتمع الناس فيه للصلاة وهم متطهرون، وكان أول ذلك الأمر بعد غزوة الأحزاب، وكان أول من عولجوا هم جرحى هذه الغزوة، وعرفت الخيمة باسم طبيبتها رفيدة الأسلمية فكان يقال «خيمة رفيدة» [11]

ونرى كثيراً من المستشفيات في الحضارة الإسلامية بُنيت بجوار المسجد، ويزداد الأمر وضوحاً إذا علمنا أن المسجد كان هو مركز المدينة الإسلامية وأفضل البقاع فيها، وأحياناً تُبنى بجوار القصور أو تُحوَّل القصور إلى مستشفيات، ولا ريب أن القصر يُبنى في أفضل المواقع من المدينة كما هو معروف ومتوقع. وأحياناً لا تبخل علينا المصادر فتصف موقع المستشفى بمزيد تفصيل فإذا بنا نجده على شاطئ نهر أو على شاطئ بحيرة (وتسمى: بِرْكَة) أو نحو هذا.

فمن هذا ما ورد من أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بنى بيمارستاناً «كان مكانه في قبلة مطهرة الجامع الأموي» عند المئذنة الغربية.[12]

و لمن أراد الإستزادة في هذا الصدد، فبإمكانه مراجعة مقالة مجلة البيان “مواقع المستشفيات في الحضارة الإسلامية”. [13]

توثيقِ عقود الزواج

كان المسجد دارًا لتوثيقِ عقود الزواج؛ لِما رواه الترمذيُّ وغيرُه، عن عائشةَ رضي الله عنها، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أعلِنوا هذا النكاحَ، واجعَلوه في المساجدِ، واضرِبوا عليه بالدُّفوفِ)).

ولكي يعود للمسجد دورُه الرِّياديُّ في نهضة الأمَّة وتقدُّمها، واستعادة مَجْدها؛ فإنه ينبغي أن يمكَّنَ للمسجد كي يؤديَ رسالته الرُّوحية، والتعليمية، والاجتماعية، دون قيود؛ لكي يعودَ كما كان مِحورًا للعديد من المجالات النافعة للأمة؛ كأن يُلحَق به نادٍ للشباب يمارسون فيه رياضةً بدنيَّة خفيفة، ويقومون بأنشطة ثقافية وترفيهية، وأن يضم مكتبةً أكبر للقراءة والمطالعة، يتزوَّدُ فيها رواد المسجد بالثقافة الرَّفيعة.

وينبغي كذلك أن يقومَ المسجد بدوره في رعاية الطلاب، وتقديمِ العون لهم؛ كي يتفوّقوا في دراستهم؛ تخفيفًا عن كاهل أولياء أمورهم، ولكي تتوثَّقَ علاقة الشباب بربِّه عن طريق ارتباطه بالمسجد.

المراجع

[1] تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) 1-11 ج8 ص 118

[2] تاريخ السودان (كتاب في تاريخ الإسلام والثقافة والدول والشعوب) ص 74

[3] تاريخ صنعاء منذ فجر الإسلام وحتى أواخر القرن الرابع الهجري. ص:299

[4] تفسير الراغب الأصفهاني المتوفي في حدود سنة 450هـ دراسة وتحقيقاً من اول سورة آل عمران

[5] عفيفي البهنسي: الجامع الكبير بصنعاء، دراسة تاريخية و معمارية لأقدم مسجد دامع في اليمن، ص 130

[6] “خليل بن أحمد النقيب.” الموسوعة العربية، (http://arab-ency.com/.)

[7] Charette، François (2003), Mathematical instrumentation in fourteenth-century Egypt and Syria: the illustrated treatise of Najm al-Dīn al-Mīṣrī (Kitāb Fī Al-ālāt Al-falakīyah). p.16

[8] Selin، Helaine، المحرر (1997)، Encyclopaedia of the history of science, technology, and medicine in non-western cultures p.413

[9] فتح الباري شرح صحيح البخاري 888

[10] نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر  ص 1834

[11] ابن هشام: السيرة النبوية 2/239، الطبري: تاريخ الطبري 2/586

[12] ابن العماد: شذرات الذهب 7/584

[13] رابط المقالة في مجلة البيان.

Continue Reading

مقالات

محمد أيت العربي يدون : على سنة أبينا إبراهيم في القرن الواحد والعشرين

Published

on

كانت الأصنام في العصور الغابرة محاولة تلجأ إليها الأقوام، بعد وسوسة من الشيطان، كي تتذكر الصالحين الذين أعادوا أجدادهم للصراط القويم، قبل تدور الأيام فيعتبروا هذه الأصنام شفعاء ووسطاء في علاقة القبائل مع الله، ثم أخيرا يأتي جيل يراهم آلهة تُعبد من دون الله تعالى، وهؤلاء كانوا فخرا للشيطان، على الأقل قبل ظهور جيل فاق كل التوقعات.
الجيل الجديد لم يتخذ أصناما كانت تذكيرا بالصالحين وإنما اتخذ له المعتدي على حرماته إله معبودا مع الله، أما الأصنام فمجرد تذكير به. يأتي المعتدي ليأخذ من أرضه ما يريد، ويزرع في أرضه ثمار التبعية وف أرحام بنات بلده أجنة لن تجد لها والدا مربيا، ثم يأتيك المعتدى عليه ليُمجد ما تركه من اعتدى عليه.

ومن أمثلة ذلك ما حل بالعالم الذي بلغ عصرا حيث السلام يسود العالم، فلم تعد أرواح تسقط في اليمن من الجوع والحرب ولا في سوريا ولا جرائم يشرف عليها النظام الأمريكي في العراق وقد تم حل مشاكل أهل بورما المسلمين ولم يعد لمسلمي الصين ما يمنعهم من العيش مسلمين، بل وانتهى عصر المجاعات والأوبئة والظلم، وقرر الخمسة الكبار في مجلس الأمن التخلي عن الفيتو حتى تتساوى دول العالم. كان العالم يعيش في سلام قبل أن يستفيق على هول مصيبة بل وفعل ظالم يعيدنا لعصور غابرة من الإرهاب، حيث يقوم شخص بتدمير أصنام قبيلته في محاولة لإيقاظ أمته، تقريبا مثلما فعل محمد وابراهيم عليهما الصلاة والسلام -لكن لن يُقال عنهما إرهابيان لتفادي تأكيد ما تعرفه الشعوب من عمالة حكامها-.
استيقظ العالم على مقطع ملتح بقميص أبيض يشوه تمثالا تركه الاحتلال الفرنسي كهدية للجزائريين بعدما أخذ منهم ما أخذ من خيرات وحياة، تمثال امرأة عارية يتماشى والثقافة الفرنسية التي على الجزائريين -حسبما يبدو- أن يتعلموا التعايش معها بل تقبلها وتبنيها، تمثال امرأة عارية فوق عين الفوارة قريب من مسجد ما يزال يحتضن صلاة من بقي من المسلمين في هذه الأرض الطيبة، حيث كان المصلون يتوضأون بمياه النافورة قبل دخولهم للصلاة في المسجد. وبعد الفعل الإرهابي الذي حدث فُقدت كل فرصة في توبة التمثال ودخوله الإسلام تأثرا بما يراه من طاعة ودوام عليها.
الأمر يتعلق بالشاب عباس -الإسم ذاته الذي حمله قبله إرهابي آخر نعرفه باسم عباس بن فرناس- الذي سولت له نفسه تشويه تمثال من صنع الاحتلال الفرنسي، كيف له أن يخرج بفعله هذا عن أفعال “مغامري” العالم الذين سبقوه؟ كيف لشخص عاقل أن يترك قتل المسلمين أو فقراء العالم ويتجرأ على تشويه تمثال من إبداع الاحتلال الفرنسي؟ كيف لشخص عاقل أن يفعل ذلك؟ وربما صدق من وصف الملتحي المجرم بالمريض عقليا.

الواقعة شهدتها مدينة سطيف الجزائرية من طرف الشاب عباس عبشي، وهو ابن 36 ربيعا، المنحدر من منطقة بني وسين شمال سطيف، متزوج له طفلة، و يشهد له جميع من يعرفه بحسن إيمانه و رجاحة عقله و رفعة خلقه، و دوامه الرباط في المساجد. وقد أُمسك متلبسا وهو يحاول إحياء سنة إبراهيم من قبله -عفوا، تجاهلوا هذه الجملة- وقد أُمسك متلبسا من طرف مجموعة من الأبطال الذين تدخلوا لإنقاذ تذكار أحد آلهتهم -عفوا، تجاهلوا هذه الجملة كذلك- وقد أُمسك به من طرف مجموعة من الأبطال أثناء عوتهم من تحرير فلسطين ليحاولوا إيقافه عن فعله الإجرامي، فهذا يقذفه بالحجر وآخر يصرخ عليه فيما يتربص آخر منتظرا الفرصة السانحة للانقضاض عليه ورميه أرضا قبل تسليمه لرجال الأمن الذين عرضوه على قاضي التحقيق بمحكمة سطيف أمس الأربعاء الذي أَودعه الحبس المؤقت إلى غاية إجراء الخبرة القضائية للتأكد من سلامته العقلية ومحاكمته.

لكن لحسن الحظ أن الحكومة الجزائرية التي تعاني من فائض في ميزانيتها التي تخصصها لتمويل البحوث العلمية والإنفاق على الفقراء، قررت حسبما تتناقله الألسن أن تنفق على إصلاح التمثال العزيز على القلوب، وأمنيتنا أن تتجاوز “السيدة العارية” تصرف هذا الهمجي صاحب المطرقة ويرق قلبها للإسلام.

وآخر ما نطالب به حكتم العالم أن يخرجوا أمثال عباس من دولهم فهم أناس يتطهرون

Continue Reading

العالم الإسلامى

المغرب : عبد الله الحمزاوي يكتب .. أيها القاضي أفرح قلوبنا بالافراج عن الصغيرات‎!

Published

on

عبد الله الحمزاوي – كاتب اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين فرع سلا

بعد تسعة أشهر من المخاض ستولد الأحكام في حق عشرة نساء، منهن سبع قاصرات اتهمن بتهم ثقيلة ليس لهن علاقة بها كما صرحن أمام قاضي التحقيق، وكذلك أمام القاضي المكلف بالنطق بالحكم.

القضية بدأت مع الحملة الانتخابية الأخيرة (لاستحقاقات 7 أكتوبر 2016) التي جيشت فيها الدولة العميقة أو المخزن كل إمكانياتها للإطاحة بحزب العدالة والتنمية الإسلامي، مستخدمة في ذلك حملات التشويه والتخويف من الإسلاميين، فكان اعتقال “خلية النساء العشرة” -مع أن أغلبهن طفلات صغيرات-، بتهمة التخطيط لتفجير بعض مكاتب التصويت!!

ولنا أن نتساءل هنا: ما ذنب هؤلاء الفتيات في هذه اللعبة السياسية القذرة؟ ولماذا أقحمتموهن في نتنكم؟ أم تراهن الحائط القصير وأن مشجب الإرهاب هو الأوفر حظا لحصد نتائج أفضل ضد كل ما هو إسلامي؟!

تسعة أشهر من معاناة المعتقلات وعائلاتهن، ابتدأت مع بزوغ فجر يوم الاثنين 3 أكتوبر 2016، حين انتهكت حرمة عشرة بيوت في سبع مدن مختلفة بطريقة هوليودية، عشرات رجال فرقة مكافحة الإرهاب المعروفة باسم “بسيج” بأسلحتهم المتنوعة يقتحمون بيوتا آمنة ويروعون أهلها ويفاجئونهم باعتقال أغلى من في البيت، تخيلوا معي هذه المشاهد المأساوية.. أمّ يخطف رجال ملثمون ومسلحون بأسلحة مرعبة ابنتها من بين يديها ويسوقونها نحو المجهول، بل لا تعرف حتى سبب الاعتقال!! وأب يرى غرباء يعبثون في بيته وبكل ما يجدونه أمامهم، وقد أوقفوا ابنته كمجرم قاتل ولا يستطيع التدخل أو حتى الكلام!! هل هناك أبشع وأفظع من هذا المشهد؟! هل هناك إرهاب أكبر من هذا؟!

ليت الأمر يقف هنا.. إثنا عشر يوما من التحقيق مع القاصرات بدون أولياء أمورهن، وهذا مخالف لقانونهم الذي يريدون تطبيقه، وبأنواع من الحيل والتدليس والضغط والإرهاق النفسي وقع الآباء على محاضر لم يقرؤوا ما كتب بها!!

لتبدأ بعدها معاناة لن تنته لعائلات المعتقلات العشر بسجن العرجات بضواحي مدينة سلا، سفر طويل من مدن بعيدة، زاكورة وتارودانت وطاطا وطنجة.. لزيارة بناتهم ودائما بعد الانتظار لساعات أمام السجن وداخله لرأيتهن لنصف ساعة فقط كلها خليط من البكاء والعناق والدعاء بالفرج، ولا يبقى لهم حتى الوقت لسؤالهن عن أحوالهن داخل السجن، هذه الأسوار والقضبان التي لا يطيقها حتى الرجال الأقوياء، فكيف بصغيرات ضعيفات لم يبتعدن عن حضن أمهاتهن من قبل..

يا أيها القاضي تخيل نفسك وابنتك ذات الخمسة عشر سنة في هذا الحال!!

ألا يكفيكم كل هذه المعاناة؟ تسعة أشهر من التأجيل في الحكم، أربع جلسات عند قاضي التحقيق، وخمس جلسات أمامك بقاعة المحكمة من أجل تهم لا علاقة لهن بها ويتبرأن منها، لم يجدوا عندهن شيئا سوى كتب وهواتف ونفين كل ما اتهمن به…

يا أيها القاضي ألم يؤثر فيك بكاء الأمهات المكلومات، وصراخ وإغماءات القاصرات؟!

ألم تهزك دموع الرجال على فلذات أكبادهم؟!

ألم تر الأب وهو يبكي ولا يستطيع القيام من مقعده بقوة الألم، وهو يشاهد ابنته العروس التي كان ينوي أن يزفها لعريسها فإذا بكم تزفونها إلى قفص الاتهام وقضبان وأسوار السجن؟!

بالله عليك يا أيها القاضي يكفي مزيدا من هذه المعاناة، تسعة أشهر من الفراق والحزن والمصاريف المكلفة، لقد تعبوا من هذا الظلم الذي حل بهم.

أيها القاضي ستنطق بالحكم يوم الخميس 22 من الشهر الجاري الذي سيوافق يوم 27 من رمضان المبارك قبل أيام من عيد الفطر، فلا تفجع قلوبا أتعبها الألم والحزن والفراق في هذه الأيام المباركة، واعلم أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب..

Continue Reading

العالم الإسلامى

قضية الفتيات الأسيرات العشر .. بين الإعلام الأصفر و القضاء المستباح

Published

on

عبد الله الحمزاوي : عضو اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين

“سابقة إعلامية حصرية” هكذا عنونت الجريدة الإلكترونية المغربية “ميديا 24″ في مقال لها حول الفتيات العشر المعتقلات مؤخرا من لدن السلطات المغربية، و قد وصفتهن الجريدة ضمن المقال المنشور بتاريخ الأربعاء 18 يناير 2017 بـ”هكذا تطرفت 10 مغربيات وخططن لعمليات إرهابية”.

ضمن طيات المقال، ذكر معده قائلا”هذه هي المرة الأولى من نوعها في تاريخ المخابرات المغربية التي يوافق فيها مسؤول كبير على تقديم توضيحات حول الأبحاث التي أدت إلى اعتقال مجموعة متطرفة نسائية”(!!)، هكذا يوضح لنا كاتب هذا الخبر ويصرح كيف أن هذه جريدته الإلكترونية استطاعت أن تخرق القانون هي وهذا المصدر المأذون الرفيع المستوى داخل المكتب المركزي للأبحاث القضائية المعروف اختصارا بـ”بسيج” كما وصفه محاوره.

فكيف يتجرأ هذا المسؤول الكبير على إخراج معلومات وأسرار عن التحقيق في قضية لم يقدم القضاء فيها كلمته الأخيرة، بل والقضية لازالت عند قاضي التحقيق يحقق في تفاصيلها وفي التهم الموجهة للمعتقلات؟ والأدهى والأمر أن أولياء أمور القاصرات المعتقلات في هذه القضية وهم المعنيون بالأمر لا يعلمون تفاصيل التهم الموجهة لبناتهم، لأنه ببساطة لم تحترم الضابط القضائية مسطرة الأحداث، وتستمع للقاصرات أثناء التحقيق رفقة أولياء أمورهن، كما ينص على ذلك قانون محاكمة القاصرين، حيث تم المناداة على أولياء أمورهن إلى مقر البسيج ووقعوا على المحاضر الجاهزة دون الاطلاع على ما فيها، بل اتبعوا مع أوليائهن طرق الاحتيال والضغط، فقد صرح لي أب إحدى القاصرات أنهم اتصلوا به وطلبوا منه الحضور لأخذ ابنته، وعند وصوله طلبوا منه التوقيع على عدة أوراق ليتسلم ابنته والهاتف المحجوز معها، لكن عند انتهائه من التوقيع اكتشف أنها فقط حيلة حتى يوقع على المحاضر دون الاطلاع على ما فيها، ولم يتسلم لا ابنته ولا الهاتف!!

ومن الأولياء من أرغم على التوقيع وهو لا يعرف حتى القراءة، وعندما سألته لماذا وقعت على المحاضر وأنت لا تعرف ما بها؟ قال: “لقد كان رجال السلطة كثرا، كل واحد فيهم يأمرني بعد الآخر بالتوقيع، حتى خفت أن يقتلوني”، ومن شدة رعبه قال وهو يصدق ما يقول: “وبالفعل يقدرون على قتلي”!!

من ضمن المحجوزات كتيب متن العقيدة الواسطية و كتاب حقيقة التوحيد

من ضمن المحجوزات كتيب متن العقيدة الواسطية و كتاب حقيقة التوحيد

أما تفاصيل التحقيق التي صرح بها محاور هذه الجريدة الإلكترونية الذي رغب في عدم الكشف عن هويته لأسباب واضحة مرتبطة بنشاطه المحاط بالسرية -كما زعموا- في حين لم يراع سرية التحقيق وعدم التأثير على القضاء والرأي العام، فقد أعلن عن التهم التي وجهتها أجهزته للمعتقلات اللواتي نعتهن بأنهن كن متطرفات إسلاميات، وأنهن توصلن بتمويلات خارجية عن طريق إحدى عناصر الخلية التي تلقتها بعلم من زوجها المعتقل، والذي كان على علم بالمخطط الإرهابي لزوجته، كما أن إحدى الموقوفات من مدينة زاكورة بعد تواصلها مع بعض القادة العسكريين للدولة الإسلامية، توصلت بدليل ومواد لتصنيع عبوة ناسفة أولية، هذه القاصرة كانت قاب قوسين من تنفيذ عملية إرهابية في مكتب التصويت بمدينتها (يوم 7 أكتوبر الماضي).

كما أدى البحث أيضا إلى اكتشاف مكونات لصنع حزام ناسف كانت إحداهن تنوي تفجيره يوم الانتخابات أيضا، ومنهن من تعاقدت على زواج افتراضي على الفيسبوك مع أحد المقاتلين من داعش من غرفتها ودون علم والديها، وقد دعاها زوجها إلى إعداد جواز سفر للانضمام له، كما أن إحدى القاصرات وهي تلميذة تلقت مباركة من أجل قطع رأس تلميذين في مدرستها لأنهما كان يكيلان الانتقاد والسب لداعش، وغيرها من التهم؛ إلى أن تم لقاؤهن في أحد المنازل بعد تقاسمهن نفس القناعات الإيديولوجية.

وبما أن التحقيقات لم تعد سرية، ولن تؤثر على مسار القضية التي لايزال التحقيق جاريا فيها، ولم يقدم القضاء حكما فيها، وبما أني أحد أعضاء اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين والمكلف بالتواصل مع عائلات المعتقلات في هذه القضية، سألت الزوج المعتقل (زوج إحدى الموقوفات) بعدما اتصل بي بهاتف السجن، والذي اتهمه هذا المسؤول الأمني بعلمه بالأموال التي كانت تصل زوجته من الخارج، وأنه كان يعلم بالمخطط الإرهابي لها، فأجاب بكل حسرة: “زوجتي لا تجد ما تؤدي به واجب الكراء، ولا ما تصرف به على نفسها، فكان أحد من المحسنين ببريطانيا يرسل لها بين الفينة والأخرى مساعدات مادية لا تتجاوز 2000 درهم، وانقطع منذ مدة طويلة”.

ويتحدى هذا الزوج من يتهمه أن يظهر أي حوالات أخرى تثبت أن زوجته تلقت أي مبلغ كبير من ألمانيا كما يدعون، وبما أنه كان على علم بكل هذا لماذا لم يأتوا لتحقيق معه هو أيضا؟ بل يقول هو أرسل رسالة من داخل السجن عندما اعتقلت زوجته يريد مقابلة رئيس البسيج أو الوكيل العام للملك حتى يستفسر عن أسباب اعتقال زوجته، لكن لم يستجب لطلبه إلى الآن!

واستغرب أبو القاصر المعتقلة من مدينة زاكورة من التهم الموجهة لابنته، وقال أين هي هذه العبوة الناسفة التي كانت تنوي ابنتي تفجيرها بعد أربعة أيام من اعتقالها؟ كان من المفترض أن يصور إعلام القنوات الرسمية الذي كان حاضرا وقت الاعتقال العبوة الناسفة، بدلا من تصوير السانوج (الحبة السوداء) وهاتف نقال ومصباح صغير محترق. مضيفا أن ما أخذ مع ابتي من البيت هو هاتفها، وحاسوب البيت، ومصباح محترق أتى به أخوها الصغير من كراجي لإصلاح السيارات، وقليل من السانوج الموجود في غالب البيوت، ودرهم من الكبريت تستعمله أختها لأمراض جلدية، وقليل من الدوليو تستعمله أمها من أجل الحناء، وقليل من الفحم المدقوق تستعمله لتبيض أسنانها، وهو الذي يخصها من هذه المواد كلها.

الناظر في هذه التهم الموجهة للمعتقلات يخطر في باله عدة تساؤلات:

كيف يتهم هذا المسؤول الأمني زوج إحداهن ولم يتم التحقيق معه ولا الاستماع له؟

وكيف تصنع قاصر عبوة ناسفة من تلك المواد التي توجد في أي منزل؟

وتهمة مضحكة لتلميذة صغيرة عمرها 15 سنة كانت تنوي قطع رأسي تلميذين بسبب انتقادهما لداعش.

وكيف اجتمعت جميع الفتيات في أحد البيوت وهن يقطن بمدن مختلفة وغالبهن قاصرات؟

كيف سيسافرن دون علم آباءهن؟ وأولياؤهن يؤكدون أنهم كانوا يراقبون بناتهم ولا يمكن أن يكن سافرن دون علمهم، وأسئلة أخرى تنقدح في ذهن المتابع والقارئ لهذا الكلام.

وأخيرا يصرح هذا المسؤول الكبير والرفيع المستوى داخل المكتب المركزي للأبحاث القضائية والمأذون له، أنه حين تم القبض عليهن دافعن عن أنفسهن بالقول أنهن لا يفهمن أن رغبتهن للانضمام إلى تلك الدول (سوريا والعراق) هي ضد القانون!!!

هل هن كن يردن أن ينفجرن في المغرب؟! أم يردن الالتحاق بتلك الدول؟! أم ماذا بالضبط؟!

الله أعلم.

Continue Reading

العالم الإسلامى

المغرب : عبد الله الحمزاوي يكتب : في انتظار اعتقالي

Published

on

كاتب اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين فرع سلا

عند آخر كل شهر دجنبر في السنوات الأخيرة، تقوم الأجهزة الأمنية في المغرب بحملة اعتقالات واسعة في صفوف المنتمين للتيار السلفي، وتصف هذا الإجراء بالروتيني والعادي تزامنا مع آخر السنة، واحتمال إحداث فوضى أو تفجيرات.

لكن هذا الإجراء بالنسبة لضحية هذه الحملة، لا يكون لديه الأمر عاديا، إذ كيف يكون عاديا ومع حلول الفجر يقتحم بيتك عدد من رجال الاستعلامات العامة والشرطة القضائية ويروعون مضجعك أنت وأهلك، ثم يصحبونك معهم ويتركون الخوف والحيرة وسط أسرتك، لا يعرف أفرادها هل ستعود لهم هذه المرة أم سيغيبونك وراء القضبان لسنوات.

لقد تم اقتحام بيتي واعتقالي لنهار كامل في أواخر شهر دجنبر سنة 2014 وكذلك الأمر سنة 2015 بذريعة جمع المعلومات، وكأن هذه المعلومات لا يمكن جمعها إلا بهذه الطريقة التي لا تراعي حقوقا ولا كرامة، وفيها اعتداء علي وعلى زوجتي وأبنائي بل وكل أفراد عائلتي ومعارفي.. يدقون باب بيتك بقوة يستيقظ معها زوجتك وأبناؤك على صوت دخول مجموعة من الغرباء لبيتهم ليصطحبوا أباهم وكأنه مجرم قاتل أو سارق أو عدو للأمن والبلاد.. حتى أصبح هذا الشهر شهر شؤم وخوف وترقب سيء عند أسرتي وأقاربي.

لقد قلتها لمعتقليَّ بصريح العبارة: هل مقصودكم من هذه الطريقة من الاعتقال هو أنا أم المقصود هو إرهاب عائلتي وتشوه شخصي أمام جيراني، وإعطاء الفرصة لبعض المنابر الإعلامية حتى يألفوا القصص والأخبار الكاذبة، كما حصل السنة الماضية عندما نشرت بعض الصحف أن اعتقالي جاء تزامنا مع اعتقال خلية داعشية كانت تنوي تفجير بعض الأماكن مع الاحتفال برأس السنة وتم الافراج عن أحد أعضائها (المقصود أنا)، والصواب إذا كان رجال المخابرات يريدون الاستفسار وجمع المعلومات عن تحركاتي ونشاطاتي الحقوقية وعلاقاتي مع الشخصيات الحقوقية والإعلامية يمكنهم إرسال استدعاء أو الاتصال بي ويطلبون مني الحضور عندهم، فسأحضر مجبرا ودون أي إضرار.

هذه الطريقة هل هي أصلا قانونية أم فقط هي من تسلط وتجبر القوة القمعية؟! كيفما كان الجواب فهي طريقة بعيدة كل البعد عن حقوق الإنسان التي من العجيب أنهم يحتفلون بها مع بقية العالم في هذا الشهر، وهم بهذا الأسلوب من الاعتقال يولدون البغض والكراهية في قلوب كل من مر من هذه التجربة، ومن عانا معه من عائلته وأبنائه.

فمع دخول هذا الشهر واقتراب رأس السنة صرت أتألم على الحالة التي تعيشها زوجتي وردة فعلها المليئة بالخوف والاضطراب والصدمة وهي تسمع صوت أي سيارة أو خربشة أو طقطقات أحذية مع الفجر، معتقدة أن رجال المخابرات قد جاؤوا في زيارتهم السنوية غير المرغوب فيها.

أما بالنسبة لي فمنذ أن اخترت طريق الدفاع عن المظلومين داخل السجون ومساعدة عائلاتهم بكل الطرق المشروعة أعلم أنها طريق مليئة بالصعاب والابتلاء، ولا أريد من وراء هذا العمل بعد الثواب من الله سبحانه سوى مد يد المساعدة والعون لإخواني، وهذا ما يجعل عائلتي وأصدقائي يساندونني ويتعاطفون معي، وكم أكون سعيدا وقويا عندما أكون سببا في تخفيف المعاناة عن المعتقلين وعوائلهم وعن أي مظلوم في هذا البلد.

لهذا أوجه رسالة أخيرة لهذه الأجهزة الأمنية: غيروا من أسلوب تعاملكم مع أبناء هذا الوطن، وارتقوا في التعامل معنا فنحن بشر ولنا حقوقنا التي لا يمكن أن نتخلى عنها.

Continue Reading
Advertisement
MEDIUM RECTANGLE