Connect with us

Published

on

تُنشر بالتعاون مع مجلة (منبر الداعيات)

في وقت بات المسلمون بأشد الحاجة للتعريف بدينهم بصورة صحيحة، ظهرت في تركيا فكرة المدارس الدينية (مدارس الأئمة والخطباء)؛ لتجمع بين العلم الشرعي والكَوْني وتُخرِّج دعاة ومصلحين وسياسيين.

هذه المدارس نشأت في العهد العثماني، وتمَّ تطويرها عام 1950 لسد احتياج الدولة للأئمة والخطباء.

حول هذا الموضوع نسلِّط الضوء مع ضيفتنا في هذا العدد

الأستاذة شيماء أرسلان

سيرتها الذاتية:

حصلت على الليسانس من جامعة أتاتورك – قسم الشريعة – عام (1997)، وعلى الماجستير من جامعة مرمرة قسم التربية الدينية عام (1999)، وعلى الدكتوراه من الجامعة نفسها والقسم نفسه عام (2006)، وهي عضو فعال في مركز تربية القيم (Değerler Eğitimi Merkezi) منذ عام 2003م، وتعمل فيه مساعدة محرِّر للمجلة التي يُصدرها، وفي مجالها كُلِّفَتْ بوظائف شتى في تنظيم مؤتمرات محلية ودولية، ومنذ عام 2009 تعمل عضوَ هيئةِ تدريس في جامعة إسطنبول – كلية الشريعة – في مجال التربية الدينية، وأما مجالات اهتمامها فهي: سياسات التربية الدينية، وفلسفة التعليم.

«منبر الداعيات»: نلحظ زيادة أعداد مدارس الأئمة والخطباء في عهد حكومة العدالة والتنمية في تركيا، فما أسباب إقبال الطلاب، لا سيما الطالبات عليها؟

أ. شيماء أرسلان: هناك الكثير من النُّخب الموجودة في حزب العدالة والتنمية، ممن تخرجوا من هذه المدارس، والناس يُعلِّقون آمالًا كبيرة على هذا الحزب؛ ليزيد من فرصة التعليم الديني، وليس هناك صلة رسمية بين الحزب وبين هذه المدارس، ولكن من الطبيعي أن تدعم الحكومة المتدينة هذا النوع من المدارس، وأن تزيد من عددها.

أما بالنسبة لإقبال الطالبات عليها، فذلك يرجع إلى أن هذه المدارس تتميز بما تُقدمه من مناخ تعليمي آمِن مقارنة بالمدارس الأخرى، وهذا السبب الذي يجعل العائلات الملتزمة تُفضل هذه المدارس لبناتها، بالإضافة إلى أن البنات في هذه المدارس يستَطعْنَ أن يتحجبْنَ بكل حرية.

إن الحكومات التي سبقت حكومة حزب العدالة والتنمية كانت تُصعِّب قَبول خريجي هذه المدارس في الجامعات، فكان ذلك سببًا في ابتعاد الطلاب عن الدراسة في هذه المدارس، خاصة الذكور، بحثًا عن ضمان أوفر لمستقبلهم، ولكن بعد إلغاء هذه السياسة في عام 2011 لوحظ ازدياد الطلب من قِبل الذكور على هذه المدارس.

«منبر الداعيات»: ما هو الدور الذي لعبته هذه المدارس في صناعة ثُلة من القادة الأتراك، ومنهم: رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان؟

أ. شيماء أرسلان: إن رئيس الوزراء أردوغان من خريجي هذه المدرسة، كما يوجد في طاقمه مَن هو خريج هذه المدارس، ولم يكن السبب في دراسة هذه الطبقة هو شغل وظيفة دينية كحال أغلب دارسي هذه المدارس، بل ليكونوا أصحاب مهن في مجالات مختلفة، ويمكن أن تكون الحساسية الدينية الموجودة عند أردوغان وطاقمه، تعود للتعليم الذي حصلوا عليه في هذه المدارس، وليس كل خريجي هذه المدارس لهم نظرة سياسية واحدة، فبعض خريجيها ينتمي إلى أحزاب سياسية أخرى، لكن يمكن القول: إن الرابط المشترك بين هؤلاء الخريجين هو احترام القيم الدينية والالتزام الديني.

«منبر الداعيات»: لو تُطلعين القرَّاء على الأثر الكبير الذي أحدثته هذه المدارس في بنية تركيا السياسية والاجتماعية والثقافية!

أ. شيماء أرسلان: من أهم النتائج التي حققتها البنية الثنائية الشخصية لهذه المدارس، تَوْءَمة الفكر الديني والعلمي، وربما مِنْ أهم تأثيرات هذه المدارس على أفكار المسلمين، فكرة إمكانية وجود المسلم الحديث المجدد، فكون أردوغان وطاقمه قد نشؤوا في رحب هذا التعليم الذي يعرفه كل الناس.

أما كون المدارس قد واءَمت بين علاقات الدين والعلم، فهي مسألة مهمة يجب الوقوف عليها، وهذه المسألة ليست فقط تتعلق بهذه المدارس، بل هي من أهم الواجبات التي تُلْقى على عاتق العالم الإسلامي.

وأيضًا فإن مدارس الأئمة والخطباء قد لعبت دورًا في التغير الاجتماعي لتركيا، فإنها منذ سنة 1950 تحملت وظيفة رفع مستوى الطبقة الاجتماعية المنخفضة (من المناطق الريفية)، وذلك بتعليم أبنائها في مستوى أعلى وأرقى.

«منبر الداعيات»: كيف ترين تفاعل المجتمع التركي بمختلف مستوياته مع هذه المدارس؟

أ. شيماء أرسلان: يمكن القول: إن هذه المدارس لها انطباع إيجابي بشكل عام من الشعب، دون تمييزٍ عرقي أو مذهبي.

إن الخدمات الدينية والتعليم الديني في تركيا يُداران من قِبل الدولة، أما المؤسسات المدنية، فإنها تدير فعاليات في هذا المجال بشكل غير رسمي، وبشكل عام فإن الشعب يثق أكثر بالتعليم الديني المعطى من قِبل الدولة، ويمكن القول: إن هذا الوضع هو امتداد لفكرة وحدة الدولة مع الدين في الدولة العثمانية، وإن سياسة التعليم وإن كانت قد اكتسبت حرية أكثر في السنوات الأخيرة، إلا أنه على سبيل المثال غير مسموح أن يكون هناك فرع لهذه المدارس تابع لجماعة دينية ما.

«منبر الداعيات»: ما حجم الاهتمام الذي توليه هذه المدارس للغة القرآن الكريم؟

أ. شيماء أرسلان: إن تدريس اللغة العربية يحتل مكانًا في جميع مراحل التعليم الإعدادية والثانوية (من الصف الخامس حتى الصف الثاني عشر)، وفي كل صف من الصفوف يتم أيضًا تدريس تجويد القرآن وتفسيره، ولكن لا نستطيع القول: إن التعليم يكفي لمهارة قراءة وتكلُّم وكتابة اللغة العربية بشكل كاف.

وبالنسبة لتعليم اللغة العربية أيضًا، فقد حصلت تطورات جديدة في آخر سنتين، وهي أن الطلاب في المدارس العادية أصبح بإمكانهم أخذ درس اللغة العربية كمادة اختيارية، فلم تعد اللغة العربية محصورة في مدارس الأئمة والخطباء، وأيضًا تَمَّ إضافة درس القرآن الكريم كمادة اختيارية في المدارس العادية.

«منبر الداعيات»: كيف تصفين علاقة الشعب التركي عامَّة مع القرآن الكريم، ثم مع اللغة العربية؟

أ. شيماء أرسلان: إن الشعب التركي يعي أن قراءة القرآن الكريم عبادة، ويشعر بقيمتها، ويمكننا أن نقول: إن الشعب التركي متفوق في كيفية حمل المصحف، وفي احترامه له، وحفظه في البيوت، وفي وعي مسؤولية قراءته، ولأن اللغة العربية تحتاج إلى تعليم خاص، وأغلب الناس لا يعرفون اللغة العربية، فإنهم يقرؤون القرآن باللغة العربية دون أن يفهموا معانيه، وقراءة التفسير ليست بعادة منتشرة، فعلوم الأتراك من القرآن يحصلون عليها من خلال الدروس الدينية.

«منبر الداعيات»: هل من شخصيات نسائية لهن بصمات في المجتمع التركي وهن من خريجات هذه المدارس؟

أ. شيماء أرسلان: لا يمكننا أن نذكر أسماءً لامعة جدًّا لها بصمة في المجتمع، ولكن تُوجد شخصيات نسائية بعدد أقل من الرجال في مهن متنوعة؛ من كاتبات وسياسيات، وأستاذات في الطب وغير ذلك، فخريجات مدارس الأئمة والخطباء نشيطات بشكل واضح في فعاليات المجتمع المدني.

«منبر الداعيات»: ما هو الدور الذي لعبته ثانوية الأئمة والخطباء، ومراكز تحفيظ القرآن في بناء شخصية الفتاة المسلمة وزيادة وعيها السياسي، وتفعيل نشاطها في المجتمع؟

أ. شيماء أرسلان: ليس هناك نتيجة تشير إلى أن تأثير التعليم الديني في مدارس الأئمة والخطباء على الطالبات يختلف عن تأثيره في الطلاب، ولكن يمكن القول: إن البنات يجدْنَ في جو هذه المدارس راحة أكثر من الأجواء المختلطة، ونحن نرى أن النساء أكثر فعالية من الرجال في فعاليات المجتمع المدني، ولكن ربط ذلك بالتعليم الذي حصَّلوه في مدارس الأئمة والخطباء خطأ، بل إن هذا وضع يحتاج إلى تحليل اجتماعي يتعلق بشروط انخراط النساء في حياة العمل.

وليس هناك وجود لجو سياسي في مدارس الأئمة والخطباء، فإن الحكومات تأتي وتذهب، ولكن المدارس تستمر، ولا يمكن القول: إن هناك دورًا مباشرًا لزيادة الوعي السياسي لهذه المدارس، ولكن يمكن القول: إن هناك سياسة في هذه المدارس لمنع أي وضع لها من شأنه أن يجعل الطلاب أو أهاليهم يعترضون ويتدخلون تدخلًا سلبيًّا، بإخراج أبنائهم من هذه المدارس التي تمنحهم التعليم الديني بسبب ميل سياسي ما.

وأخيرًا: لا بد أن يتفوَّق المسلم في مجال العلم الديني والكوني؛ ليكون منتجًا ومجدِّدًا ورائدًا في عصرنا الراهن.

أخبار

تليجراف: بريطانيا “لم تعد مسيحية”..تقبّلوا الأمر , المسيحية تراجعت كثير في بريطانيا وصعود الإسلام واللادينية

Published

on

التيليجراف – جون بينجهام – ستيفن سوينفورد – ترجمة: محمد الصباغ

بريطانيا لم تعد دولة مسيحية ويجب التوقف عن التصرف بناء على هذا الأساس، هذا وفقاً لتحقيق كبير حول مكانة الدين في المجتمع الحديث. أثار ذلك ردود أفعال غاضبة من الوزراء وأيضاً من كنيسة انجلترا.

لجنة استمر عملها عامين، قادتها القاضية السابقة باتلرسلوس وشارك معها قادة دينيون بارزون من مختلف المعتقدات، ثم طالبوا بإزالة الصبغة المسيحية عن الحياة العامة في بريطانيا بشكل ممنهج.

قالت اللجنة إن تراجع أعداد من يذهبون إلى الكنائس مع ارتفاع عدد معتنقي الإسلام والمعتقدات الأخرى يعني أن هناك حاجة إلى ”تسوية جديدة“ للدين في المملكة المتحدة، وإعطاء اهتمام رسمي أكثر إلى الأصوات التي لا تتبع أديان أو هؤلاء الذين لا يؤمنون بمعتقد غير المسيحية.

 

أسفر التقرير عن خلاف شديد وتم إدانته من مجلس الوزراء ووصف بأنه ”مضلل بشكل خطير“ وقالت كنيسة انجلترا إنه على ما يبدو تم السيطرة عليه من جانب “الإنسانيين”.

زعم التقرير الذي أعدته لجنة مختصة بالدين والمعتقد في الحياة العامة، أن المدارس الدينية ”منقسمة اجتماعياً“ وأن اختيار الأطفال بناء على معتقداتهم يجب أن يتم التخلص منه تدريجياً.

كما اتهموا من يقومون بوضع مناهج الدراسة بغرس القيم السلبية للدين في الدروس واقترحوا أن يتم استبدال العبادة اليومية الإلزامية في المدارس ب ”وقت للتفكير“.

ودعم التقرير التحركات نحو تقليص أعداد أساقفة انجلترا في مجلس اللوردات واستبدالهم بأئمة أو حاخامات وآخرين من غير المسيحيين بالإضافة إلى قساوسة إنجيليين. و جاء أيضاً أنه يجب تعديل خدمة التتويج المقبل للملكة لتشمل معتقدات أخرى.

وبشكل مثير للجدل طالب بإعادة التفكير في سياسات مواجهة الإرهاب، ويشمل ذلك ضمان أن يكون الطلاب قادرون على التعبير عن آرائهم المتشددة في حرم الجامعة دون خوف من أن يتم إبلاغ الأجهزة الأمنية عنهم.

وتطرق التقرير إلى التوصية بإجراءات حماية جديدة للمرأة في المحاكم التي تقضي بالشريعة الإسلامية أو أي اتجاهات دينية أخرى- ويشمل ذلك دعوة الحكومة إلى إلزام حتى المتزوجين بطرق دينية دون أي سند قانوني بتسجيل ذلك الزواج مدنياً.

church_3116526b

كما أشار إلى أن برنامج فكرة اليوم على راديو بي بي سي يجب ألا يتضمن أي رسائل دينية.

اللجنة سببت جدلاً كبيراً بسبب الشخصيات الرفيعة التي تقف ورائها. فهي تشمل روان ويليامز، الأسقف السابق بكانتربري، واللورد ولف، الرئيس السابق للمحكمة العليا، والسير إقبال سكراني، السكرتير العام للمجلس الإسلامي ببريطانيا.

وأثناء جمعهم للبيانات والأدلة التقى أعضاء اللجنة بشخصيات رئيسيةكبيرة منها جاستن ويلبي، أسقف كاتنبري، وإبراهام مرفيس، كبير الحاخامات، ووزيرة الداخلية تريزا ماي، وأيضاً كبار المديرين بشبكة بي بي سي و القناة الرابعة.

وقالت الكنيسة الإنجليزية إن التقرير كان ”مضيعة للوقت بشكل مؤسف“ و ”سقط أسيراً للأفكار الليبرالية.“

وقالت المتحدثة باسم كنيسة انجلترا ”هيمنت على التقرير وجهة النظر القديمة بأن الدين التقليدي يشهد تراجعاً في الأهمية والالتزام به إلى دين شبيه بالعلمانية أو الإنسانية.“

وقال مصدر قريب من وزيرة التعليم نيكي مورجان إنها وصفت التقرير والتوصيات حول المدارس الدينية بأنها ”سخيفة.“

وأضاف المصدر ”نيكي من أهم المناصرين للمدارس الدينية وأي شخص قد يتخيل أنها ستهتم بتلك التوصيات السخيفة هو موهوم بشكل كبير.“

أبرز التقرير أرقاماً تظهر تراجع الأشخاص الذين يقولون أنهم إنجليكيين من 40% منذ عام 1983 إلى أقل من الخمس في عام 2013. فيقول ”هناك ثلاثة أمور بارزة في العقود الأخيرة أحدثت ثورة في شكل الدين والمعتقد ببريطانيا.

”الأول هو زيادة أعداد الأشخاص الذين لا يؤمنون بالأديان أو المعتقدات. والثاني هو تراجع أعداد الانتماء إلى المسيحية أو الإيمان بها أو ممارسة شعائرها، وذلك التحول في الانتماء المسيحي يعني أن الأنجليكيين لا يمثلون أغلبية المسيحيين.

الأمر الثالث هو ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يؤمنون بديانات أخرى غير المسيحية.“

وجاء أيضاً في التقرير ”ارتفاع أعداد المؤمنين الغير إنجليكيين، وانخفاض أعداد المسيحيين وزيادة تنوعهم، وزيادة أعداد الأشخاص الذين ينتمون إلى معتقدات دينية غير المسيحية: ذلك هو السياق الاجتماعي في بريطانيا اليوم ومتوقع في المستقبل، طالما استمر السياق الغير مستقر والمقلق في البيئة الدولية.“

وكانت التوصية الرئيسية بالتقرير هي حوار وطني يرسم بديلاً للماجنا كارتا في القرن الواحد والعشرين من أجل التعريف بقيم بريطانيا الحديثة بدلاً من العبارة الحكومية المثيرة للجدل، متطلبات ”القيم البريطانية“.

وقالت السيدة باتلر سلوس ”انطلاقاً من الأحداث الأخيرة في باريس إلى المدارس التي يذهب إليها الكثير من أطفالنا ومروراً حتى بالإعلانات التي تعرض على شاشات السينما، يؤثر المعتقد والدين بشكل جيد أو سيئ على حياتنا اليومية.“

 

وأضافت ”المقترحات في هذا التقرير تهدف إلى تناول جديد للدين والمعتقد في المملكة المتحدة، بهدف توفير الدور والمساحة لجميع من في المجتمع بغض النظر عن وجود معتقدات مختلفة لديهم أو عدمه.“

يبتعد التقرير -1150 صفحة- بشكل كبير عن مسيحية بريطانيا وبالأخص عن كنيسة انجلترا –مع وصف العديد من الأشخاص لأنفسهم بانهم لا يؤمنون بالأديان وارتفاع أعداداهم من أقل حوالي ثلث عدد السكان إلى النصف تقريباً خلال 30 عاماً فقط.

وفي نفس الوقت الذي يشير فيه إلى ارتفاع المعتقدات غير المسيحية، وخصوصاً الإسلام، والارتفاع الكبير في أرقام الكنائس الإنجيلية و ”خمسينية“ او ”عنصرية“ بعيداً عن الطوائف التقليدية.

لكن التقرير اعترض بشكل مقتضب على حلّ كنيسة انجلترا، وأشار إلى الموقف الخاص للإنجليكية في انجلترا وكنيسة سكتلندا في الشمال، بمساعدة المجموعات العقائدية الأخرى و”تمكينهم وجعل كلمتهم مسموعة في الفضاء العام.“

وبالرغم من ذلك عاد التقرير ليشير إلى ”العلاقة بين كنيسة انجلترا والدولة تغيرت وتتغير وقد تتغير إلى أبعد من ذلك.“ وجاء ”الشخصية التعددية في المجتمع الحديث يجب أن تنعكس على الهيئات الوطنية كمجلس اللوردات، لذا عليهم ان يشملوا طيفاً أوسع من الآراء والتقاليد الدينية، والتوجهات المسيحية الأخرى غير توجه كنيسة انجلترا.“

والأبعد من ذلك أن التقرير طالب في كل الأحداث الوطنية والمدنية –منها التتويج القادم- بضرورة أن ينعكس عليها ”الشخصية التعددية للمجتع الحديث.“

وعلى الرغم من ان التقرير لم يمتد إلى المطالبة بإلغاء المدارس الدينية، إلا أنه شكك في المنطق الأساسي لوجودها. وجاء فيه ”في انجلترا، زعمت الحكومات السابقة في السنوات الأخيرة أن المدارس الدينية هي مدارس مجانية من أجل تعزيز الاندماج الاجتماعي الذي بدوره يؤدي إلى التماسك والتكامل بين طبقات المجتمع.“

”على الرغم من رأينا بأن الأمر بالنسبة لنا غير واضح فيما يتعلق بأن تمييز أطفال من خلال توزيعهم على مدارس وفقاً لمعتقداتهم يعزز من التماسك أم أنه تقسيم اجتماعي يقود إلى توتر وقلة انسجام أكثر.“

لكن أيضاً تساءلت اللجنة في التقرير إلى التوجه المتخذ نحو الدين في الجامعات أو الكليات ، حيث يشمل إجراءات تحد من التطرف في الحرم الجامعي –وخصوصاً المطالبات من المحاضرين بالإبلاغ عن الطلاب الذين يبدو عليهم علامات التطرف.

”النقاش الحر من يجب أن يكون متاحاً دون خوف من أن يتم وصم الطلاب بالمتطرفين أو تلتفت الاجهزة الامنية إليهم.“ وجاء بالتقرير أيضاً ”ستتعامل الجامعات بشكل أفضل مع الدين لو تناولته كجزء من المناقشات الفكرية وليس عنصر خارجي يجب مواجهته.“

كما طالب الحكومة في إعادة النظر في طريقة التعامل مع المجتمع المسلم بشكل عام، من بين ذلك استشارة هؤلاء الذين تبدو أرائهم غير مستساغة سياسياً.

فجاء بالتقرير ”في اختيار المنظمات التي سنتعامل معها، يجب على الحكومة أن التصور بأن الامور بسيط فهي تتعامل مع مسلمين جيدين أو سيئين، أو بين متطرفين أو معتدلين أو متطرفين عنيفين أو لا يمارسون العنف.“

كما اقترح التقرير تشكيل ”هيئة استشارية“ من الخبراء الدينيين من أجل فحص الشكاوى حول التعامل مع الدين في الإعلام. وقالت كيث بورتيوس، المدير التنفيذي للمجتمع العلماني القومي إن التقرير لم يتعمق في هذا الأمر.

وأضافت ”هناك بعض التوصيات الحساسة في تقرير اللجنة، لكن لا مفر من أن اللجنة مكونة من أصحاب المصالح الخاصة ومن غير المحتمل أن تقدم توصيات بتغيير جذري. فحلّ كنيسة انجلترا يجب أن يكون أقل الطموحات في بريطانيا الحديثة بالقرن الواحد والعشرين.“

وقال ميشيل نظير علي ،الأسقف السابق لروتشيستر: ”بما يتعلق بحفل التتويج القادم، أتمنى أن ياتي بعد وقت طويل لكن عندما يأتي، ستكون فرصة مهمة من أجل التأكيد على أسس الأمة الدستورية.“

وأضاف ”هذا تراث يهودي ومسيحي، ووعدتنا الملكة بالحفاظ على قوانين الرب وقيم الإنجيل.“

أما الحاخام داني ريتش، المدير التنفيذي للطائفة اليهودية الليبرالية،فقال ”لو فشلنا في إدراك طبيعة الاختلافات في مجتمعنا و في مؤسساتنا المدنية أو فعالياتنا الوطنية ونظامنا التشريعي ومدارسنا وإعلامنا، فهنا نحن نخاطر باستعداء قطاعات كبيرة من مجتمعان سيرون أنفسهم ك (الآخرين).“

وأضاف ”سيؤدي ذلك إلى شعورهم بالاستبعاد ليس فقط من حقوق المواطنين البريطانيين، لكن أيضاً من الالتزامات ومعايير السلوك التي يكتسبها من كونه شريكاً كاملاً في المجتمع البريطاني. هذا خطر كبير متنام يهددنا جميعاً.“

Continue Reading

تاريخ إسلامى

داغستان: القائد الداغستاني الذي جمع بين الأدب و السياسة في سبيل نصرة الإسلام و المسلمين “علي عدلو”

Published

on

By

محج قلعة – داغستان | أحوال المسلمين

لا تكاد تسأل أحد من الداغستانيين عن شخص شاعر و صحفي و عضو نشط في اتحاد الكتاب الا أجابك على الفور قائلا إنه علي ييف (علي) عدلو ، فهو بذلك شخصية عامة وشهيرة في داغستان، أديب لم يمنعه الأدب من عدم التدخل في الحياة السياسية و التأثير بها في سبيل صحوة المسلمين و الذب عنهم، المفكر الإسلامي الذي اقتحم مدارات السياسة حتى جعلته محط أنظار الحكومات مما أدى لإعتقاله وقضاء حياته وسط ضغط أمني .. من هو ؟  تعريف له ومقتطفات من سيرته العطرة

مولده

  ولد الأديب المسلم علي عدلو في 15 فبراير 1932 بمقاطعة جيداتل، حي شامل ييفسكوغو (المقاطعة السوفياتية أوراد سابقا) داغستان، بدأت تنتشر أشعار علي ييف في المجلات المحلية و الوطنية خلال سنوات ثانويته، أما بعد تخرجه من معهد موسكو للأدب الذي يدعى مكسيم غوركيو، فقد هم بالإشتغال في عدة مؤسسات في داغستان.

حياته المهنية

احدى منشوراته و كتبه في بداية رحلته المهنية

احدى منشوراته و كتبه في بداية رحلته المهنية

اشتهر في أوساط المجتمع الداغستان بالشاعر الأواري (من اللغة الأوارية التي تهم المجتمع الأواري و هو شعب قوقازي يسكن في شمال شرق القوقاز في جمهورية داغستان بروسيا الاتحادية. ويبلغ إجمالي عددهم حوالي المليون نسمة)، و قد ألف في زمن السوفييت أكثر من ثلاثين كتابا في الشعر باللغتين الأوارية و الروسية، و كان إنتماء تلك الكتب الى الشعر الأواري الكلاسيكي، و قد نشرت ترجمات لأشعاره في موسكو وقتئذ، ودٌرست في المناهج الدراسية.

في أواخر الثمانينيات صنف الشاعر علي ييف من أكثر الناشطين في برنامج الإصلاحات الاقتصادية “بيريسترويكا” (يعني إعادة بناء) الذي أطلقه رئيس الإتحاد السوفييتي ميخاييل غورباتشوف، و تم في 1985 انتخاب علي ييف رئيسا لحركة “الجماعة” التي تهتم بالسياسة و الثقافة الإجتماعية الوطنية للشعب الأواري.

في سنة 1992 خرج علي ييف من اتحاد الكتاب الداغستاني برسالة مفتوحة الى رفقائه الأعضاء و إلى العامة، في طريقة لجذب انتباه الشعب الى ما يقع فعلا في داغستان، مميطا الغطاء على إستبداد نومنكلاتورا خروجها ن القانون.
أما في 1994 فقد أصبع علي ييف رئيس المحررين في الصحيفة المستقلة “لواء الإسلام” التي شغلت دور مهم و نشيط في الحياة السياسية للمنطقة، و منذئذ أصبح الشاعر علي ييف يتنقل كثيرا الى الشيشان، و التي أتاحت له إقامة علاقة وطيدة مع القادة الرسميين و الغير الرسميين لإشكيريا.
في اواخر ابريل و أوائل شهر مايو من عام 1999 بادر القائد الميدانى شامل باسييف إلى انشاء علاقات ماراطونية خلصت الى الإجتماع مع قادة داغستان وتم تشكيل اتحاد شعبى الشيشان وداغستان و الاعلان عن جمعية تأسيسية له، تم تنصيب الشيخ المجاهد شامل باسييف رئيسا له و تنصيب الأديب الباحث علي عزلة النائب الأول للرئيس، ويرمي هذا الاتحاد إلى ترسيخ وحدة الشعبين الداغستانى والشيشانى وبقية شعوب القوقاز، وقد شارك فى هذة الجمعية التاسيسية التى عقدت اجتماعاتها فى غروزنى مسؤولون شيشانيون وداغستانيون.

في 7 أغسطس 1999 بدأت الحرب الداغستانية، عندما شن اللواء الإسلامي الدولي بقيادة شامل باساييف وخطاب، هجوم على جمهورية داغستان الروسية لدعم حركة مجلس شورى داغستان التي تدعو للتحرر من احتلال روسيا، و انتهت الحرب بانتصار روسي كبير، وانسحاب اللواء الإسلامي الدولي، و كان من آثار ذلك زج الكثير من المسلمين في لائحة المطلوبين للأنتربول، من بينهم علي عدلو، و زج باسم علي عدلو في قائمة المطلوبين الاتحادية والدولية، وعلى اثر ذلك غادر روسيا لمدة خمس سنوات (1999-2004)، كان لاجئا خلالها في جورجيا، ثم انتقل الى تركيا.

https://www.youtube.com/watch?t=332&v=52H4qCS2lVs

 

قامت السلطات الداغستانية في ذلك الوقت باتخاذ عدة تدابير في سبيل تشويه سمعته و كتم صوته، و من بين تلك التدابير حذف جميع اقتباساته و أشعاره من المناهج بالإضافة الى سحب جميع جتبه من الكتبات و حرقها، بالاضافة الى تدمير جميع سجلاته الصوتيه التي احتفظ بها في المكتبة الإذاعية الجمهورية، و بالموازاة أصدر عدلو عدى كتب في الخارج، من بينها باللغة التركية و الإنجليزية.

عودته الى داغستان و محاكمته

view_adallo (1)

في سنة 2004 الحافلة بالعمليات القتالية بين الحكومة الموالية لروسيا و المجاهدين، و التي كان أهمها اغتيال الرئيس الشيشاني الداعي للاستقلال زليم خان يانداربييف في منفاه بقطر، و اعقبه اغتيال الموالي لروسيا الرئيس الشيشاني أحمد قاديروف (أب الرئيس الشيشاني الحالي رمضان قاديروف) في 9 ماي 2004 خلال مهرجان له في غرونزي، خلال هذه الأحداث حظي علي عدلو بموافقة إدارية من داغستان بالعودة إليها من دون التعرض إليه، و بمساندة عدد كبير من الشعراء و الكتاب الروسيين، و الأعضاء في مجمع القلم الروسي، أمثال أندري فوزنيسنسكي، أندري بيتوف، فاضل اسكندر و آخرون، في حين نادى وزير الداخلية أديلجري محمد تاغيروف مرارا و تكرارا و في العموم الى عدم السماح لعدلو بالعودة الى داغستان، و في أوائل يوليو 2004 عاد علي طواعية الى داغستان، غير أن السلطات اعتقلته حين عودته في داغستان

في أكتوبر 2004 تم تقديم علي عدلو الى المحكمة العليا في داغستان، و حكم عليه بالسجن لثماني سنوات (معلقة)، وقد اتهم بموجب ثلاث مواد من القانون الجنائي، وهي قيامه بالتمرد المسلح، المشاركة في جماعة مسلحة غير مشروعة والحيازة غير المشروعة على الأسلحة.

огрызко

في أوائل أغسطس 2007 نشر الأديب علي عدلو كتاب جديد بعنوان “حوارات مع عدلو” (الكتاب الثاني). و قد التقى علي عدلو كثيرا مع رئيس داغستان موهو علي ييف، حول عدة قضايا، من بينها مراقبة مجهولين لإبنيه الإثنين، و الذي كان يعتبرهم عدلو عملاء للسلطة.
علي عدلو و جريدة العقدة القوقازية
خلال حواره مع جريدة “العقدة القوقازية” بتاريخ 23 ديسمبر 2009، وصف علي جمهورية داغستان أنها تعيش “حرب أهلية شاملة”، لافتا الى أنه “لا ينبغي أن يكون المسؤولون محميون بحواجز ضخمة تفصلهم عن الشعب” و ذلك من اجل تحسين الوضع الاجتماعي والسياسي في المنطقة، و أضاف “يجب أن يكون قانون واحد للجميع، و يجب علينا حقا أن نكافح الرذائل، مع عدم ذكر حسن نواياهم.

و قد حصلت أحوال المسلمين على حواره الكامل و المثير مع جريدة العقدة القوقازية و ستنشر ترجمته الكاملة في الأيام القليلة المقبلة

استهداف و تضييق له و لعائلته

adallo

في ديسمبر 2010، أدلى علي عدلو بتصريح لـ “العقدة القوقازية” معلقا على رسالة الرئيس الروسي السنوية إلى الجمعية الاتحادية، وذكر عدلو أنه فوجئ بأن الرئيس لم يشر الى شمال القوقاز أو يتناول محنتها ضمن رسالته وفي العام نفسه صرح الشاعر علي أن أبناءه تعرضوا لظغوط مهولة من لدن قوات الأمن

وفي يوم 4 يوليو 2010 ألقي القبض على “غامزت” نجل الشاعر الداغستاني علي مع أقارب زوجته، شقيقها “عبد الكريم موف رمضان” في نقطة تفتيش للشرطة الجمهورية بمنطقة جامبيت، و قد جدت المحكمة “غامزت علي ييف” و “عبد الكريم موف رمضان” مذنبين بارتكاب جريمة بموجب الفصل 1 الجزء 19.3 من القانون الإداري، وحكمت المحكمة عليهم بالاعتقال الإداري لمدة خمسة أيام لكل منهما و في ال 10 يوليو 2010، أطلق سراح المحتجزين لاحقا.
في مارس 2012، اشتكى علي عدلو إلى “العقدة القوقازية” من زيارة ضابط شرطة لبيته، و ذكر أن الزيارة و سببها لا يمكن تبريره، و قد كان سبب الزيارة ما ادعاءات ضابط الشرطة ان لديه “بيانا تتهم في الشرطة الشاعر عدلو بأنه كان يعتنق “الوهابية” في عام 1983

وفاته

logo_company_orig_aliev_adallo_magomedovich

أصدرت جريدة “العقدة القوقازية” خبر عن وفاة الشاعر الداغستاني المسلم ” علي عدلو” وذلك يوم 30 أغسطس 2015 عن عمر يناهز 83 عاماً، و قد حضر جنازته الكثير من أحبائه و معجبيه، موارينه الثرى في العاصمة محج قلعة.

Continue Reading

أخبار

رسالة من مسلم مغترب فى ألمانيا إلى المسلمين فى ألمانيا

Published

on

**المسلمين في ألمانيا..الاسلام والارهاب..حوادث باريس الأخيرة..عن خطاب تقبيل قدم المجتمع الألماني الذي آوي المسلمين وخلافه**

أولًا تعداد المسلمين في المانيا 5 مليون من أصل 80 مليون يعني 5% من السكان وفقط..وهم ثلث مجتمع الأجانب في المانيا المكون من 16 مليون شخص..يعني المسلمين مش خطر علي الهوية الألمانية وهناك ميل واضح جدًا لتضخيم تأثيرهم والتخويف منهم..

ثانيًا..ألمانيا لها فضل عليك صحيح..بس انت كمان ليك فضل كبير علي ألمانيا..مفيش حد هياخد وظيفة من فم مواطن ألماني الا اذا كان يفوق قدراته عشرات الأضعاف..لو مساو له في القدرات..قسمًا لن يتورع عن ركنك علي الرف..انت رحت هناك وهو فتح لك بابه عشان محتاجك….ومتنساش دراسة الباحث هربرت بروكر الصادرة عن معهد IAB Nürnberg بتاريخ 24 مايو 2013 والتي توضح ان المهاجرين الجدد أكثر تأهيلًا من الألمان..43% من المهاجرين من سن 15-63 يجيدوا حرفتهم ويمتلكوا شهادات تعليمية عليا..مقابل 26% فقط من أبناء الألمان من نفس الفئة العمرية..فمفيش داع تحس بعقدة نقص في التعامل مع المجتمع..ونغمة نبوس رجل الألمان عشان استوعبونا..هما محتاجينك زي ما انت محتاجهم..نقطة..

ثالثُا: المسلمين في المانيا..حازوا ما هم عليه بعرق جبينهم تمامًا..مش زي اليهود مثلًا..يهود العالم كله كان مسموح لهم لغاية 2006 بالهجرة لألمانيا بدون اي اعتبار لشهادتهم التعليمية..لا لشئ الا لأن ألمانيا تكفر عن كارثة تاريخية مهولة ارتكبتها في حقهم..أي يهودي عاطل جاهل من روسيا كان بياخد تذكرة ويسافر المانيا يقعد في الجيتو،وبيعيش ويموت وهو مش بيتكلم كلمة ألمانية واحدة..والدولة تدفع له اعانات..لغاية 2006 لما قوانين هجرة اليهود لألمانيا اتغيرت بضغط من اسرائيل بعد ما بقت المانيا بلد الهجرة الأول ليهود شرق اوروبا 9400 يهودي في 2005 ، مقابل 7800 لاسرائيل..وتم مساواة اليهود قانونيًا مع باقي ابناء العالم في امتيازات الهجرة لألمانيا..وفي الواقع لسه لهم نفس الامتيازات..

احنا بقي لأ..مليون ونصف المليون تركي وأكثر من 300 الف مغربي وتونسي بنوا ألمانيا علي أكتافهم بعد الحرب العالمية الثانية..اتعلموا ألماني ودفعوا ضرائب وصرفوا علي فقراء وعاطلي ألمانيا..بدأوا عمال وفواعلية،وأصبح أبنائهم وأحفادهم وزراء ورؤساء أحزاب ألمان زي جيم أوزديمير وغيرهم..اتعلموا ألماني واتقنوه وبيحضروا دورات اندماج وخلافه،في حين أن غيرهم مبيعملش اي حاجة ولا بيتعب عشان يثبت نفسه في المجتمع..وبعد كل ده كان الألمان مسمينهم عمال ضيوف،وكافحوا كفاح مرير عشان ياخدوا الجنسية وهي أبسط حقوقهم دون تفجير او قتل..كفاح سلمي وقانوني..

رابعًا..لو حد قالك أن الاسلام مصدر الارهاب في المانيا فكره بالأتي..أولًا تصريح وزير الداخلية الألماني السابق هانز بيتر فريدريش بتاريخ 13 نوفمبر 2011 واللي قال فيه لأول مرة أن الخطر الأكبر اللي بيهدد ألمانيا هو ‘‘الارهاب اليميني‘‘آه استخدم المصطلح بالنص Rechtterrorismus بعد حوادث اغتيالات الأتراك ال 9.وكان يقصد به الجماعات والأحزاب النازية زي NPD ،NSU.زود وقول كمان أن تقرير مؤسسة Amadeu Antonio Stiftung المعنية بمكافحة التطرف اليميني في ألمانيا والصادر بعد اسبوع من تصريح وزير الداخلية..وضح ان عدد ضحايا الارهاب النازي في ألمانيا وصل ال 182 ،معظمهم مسلمين في الفترة من سنة 1990 الي 2009..182 قتيل مش فرخة ومع ذلك مفيش مسلم واحد عمم الاتهام علي الألمان كلهم انهم نازيين ولا طالب حتي بمساواته مع اليهود والغجر ووضعه في قائمة التعويضات لضحايا الاجرام النازي..

وفكره كمان ان المصدر الثاني للارهاب في ألمانيا كان ارهاب يساري مش اسلامي برضه في السبعينات والثمانينات..فكره..أن المستشار الألماني الوحيد اللي بكي علانية امام الكاميرات كان هيلموت شميدت من وطأة الارهاب اليساري لمنظمة بادر ماينهوف…المنظمة الارهابية فجرت مقر قيادة القوات الأميركية في المانيا وحاولت اغتيال كبار القادة العسكريين الأميركين الجنرال كروكسي والجنرال الكسندر هيج.احتلت سفارة ألمانيا في السويد،وقتلت الملحق العسكري الالماني بارون فون ميرباخ.فجرت بالقنابل مقر الشرطة في أوجسبورج،ومقر التحريات الجنائية في ميونخ،وبعدها خطفوا وقتلوا رئيس اتحاد العمال هانز بيتر شلاير والنائب العام الألماني زيجفريد بوباك،ورئيس أكبر بنك ألماني دويتشه بنك،الفريد هيرهاوزن..وغيرهم عشرات من كبار قادة الدولة..

خامسًا..في ارهاب من اليسار سابقًا واليمين حاليًا وفيه مسلمين ارهابيين لكن جرائمهم متجيش واحد علي ألف من جرائم اليمين واليسار..وأغلب عملياتهم تم احباطها و ادانتها من قبل الجمعيات الاسلامية..وبعدين المسلمين 1,5 مليار طبيعي ان يكون فيهم نسبة معاتيه ومتخلفين زي اي دين وحضارة..ونصيبنا ان النسبة كبيرة بفضل عوامل التخلف الحضاري والاستبداد وجمود الخطاب الديني وخلافه..انت كمسلم أوروبي مش هتشيل بقي حمل 1,5 مليار بني آدم علي كتفك وتمشي تدافع عنهم..ومش كل جريمة نكراء هيرتكبها مسلم هتبقي انت متهم وتقف تدافع عن دين باكمله..والا بقي الألمان هما كمان هيكونوا مطالبين يبرروا طول الوقت دم 182 مهاجر قتلهم النازيون الجدد..لا الألمان نازيين ولا المسلمين ارهابيين..في هنا الجيد والسيئ..وهناك أيضًا..صفحة طويت..ونقطة من أول السطر..

سادسًا : زي ما المسلمين في ألمانيا مطالبين بالاندماج في المجتمع والتعرف علي ثقافته ..الألمان برضه واجب عليهم التعرف علي ثاني اكبر دين في ألمانيا..ولهم في جوته شاعرهم الأعظم خير مثال..الرجل نشأ في فترة كان فيها سوء فهم عميق بين الاسلام والمسيحية وكان الألمان بيسموا المسلمين محمديين..وشايفينهم خطر عليهم ،لسيادة موروث الحروب الصليبية، وحصار الأتراك لفيينا، وانتشار الترجمات المشوهة للقرآن الكريم زي ترجمة لوديفيكو ماراتشي،ومعجم بيير بابل وخلافه..

ومع ذلك صمم يتعرف علي الاسلام من استاذه هيردر..ولم يكتف بفترة اقامته في ستراسبورج الفرنسية وقراءة مخطوطات بسيطة..عاد واعتكف في فرانكفورت وتعلم العربية بنفسه،وقرأ القرآن الكريم والسيرة النبوية، ودافع بنفسه عن الاسلام في وجه الحملات المغرضة وخصص مقال اسبوعي لذلك في جريدة أخبار العلماء Die Frankfurter Gelehrten Anzeigen،وأمضي حياته في تأليف أشعار وقصائد بالألمانية عن سيرة الرسول وصحابته وآل بيته..

أنجز كل هذا في خضم أسوأ فترات الجهل بالآخر..أنتج هذا الكم من المؤلفات عن الإسلام وهو لم يقابل في حياته الا 20 مسلم هم تعداد كل المسلمين الموجودين في ألمانيا وقتها في أوائل القرن ال 19..وكانوا من الروس والألبان الذين استأمنهم الامبراطور فريدريش فيلهلم علي حياته ووفر لهم وظائف كحرس شخصي له،وبني لهم جامع صغير في بوتسدام لإقامة شعائرهم،حيث قابلهم جوته وهو يعتكف في ليلة القدر..

ليس من المقبول إذن ونحن الآن في عصر الانفتاح العولمي،ألا يبذل الألمان جهد في التعرف علي الاسلام ولا حتي التعمق فيما خطه اجدادهم كجوته..الاسلام لم يعد دينًا غريبًا عن نسيج المجتمع،أصبح ثاني أكبر دين في البلاد..وحصيلة متبعيه لم تعد بالعشرات تقابلهم صدفة إن كنت من أهل الجاه والسلطة،هناك 5 مليون مسلم موزعين علي كافة الولايات وشتي المناصب..لم يعد الألمان بحاجة للسفر للجارة فرنسا والالتقاء بقامة كهيردر للتعرف علي الاسلام..وسائل الاتصال الحديثة وفرت مادة علمية من مئات الاف المراجع الموثقة التي يُمكن الرجوع اليها..والأهم جار مسلم تستطيع ان تطرق بابه وتسأله فيما أردت وسيجيبك دون تبرم..اي جهل بعد ذلك غير مبرر..

استرجع ثقتك بنفسك..وبدينك..وارفع رأسك في وسط مجتمع تساهم كل يوم في صناعته وحماية ريادته الصناعية والعلمية..مهما انكر اليمينيون المتطرفون..ومهما حاول البعض الادعاء بغير ذلك..

‫#‏الارهاب_لا_دين_له‬
‫#‏مش_كل_حاجة_الاسلام_دين_الارهاب‬
‫#‏المعاتيه_في_كل_حضارة_ودين‬

المصدر ألمانيا-1-شريعة-شرطة

https://www.facebook.com/abdo.fayed.39/posts/837226443000451

Continue Reading

أمريكا

نيجيريا : جماعة “بوكو حرام”.. نشأتها ومبادئها وأعمالها

Published

on

د. أحمد مرتضى(*)

 

نتيجة انحسار سيطرة الدولة الإسلامية عن العالم الإسلامي منذ القرن الرابع عشر الهجري – بدايات القرن العشرين الميلادي -؛ كثُر انبثاق الجماعات الإسلامية، وأصبح ذلك من إرهاصات عصر العولمة في القرن الحادي والعشرين الميلادي.

والهدف من هذا البحث هو القراءة الواعية لحركة «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد»، المشهورة بـ «حركة بوكو حرام»، وذلك من حيث نشأتها، وتبلورها، والنظر في مبادئها، والأدلة التي استندت إليها، وهذا يقتضي التعمق في أدبياتها، والتأمل الدقيق للأقوال الصادرة من علماء الحركة، من أجل تكوين رؤية واضحة سليمة الدعائم.

ويعتمد هذا البحث على الأشرطة التي بثّ قادة الحركة فيها دعوتهم، وشرحوا خفاياها وزواياها، ومجموع هذه المفردات إذا صيغت في منظومة متحدة السياق تفيد في تحقيق هذه القراءة؛ إذ بهذه الطريقة فقط نستطيع أن نقوّم هذه الجماعة تقويماً مناسباً لمقتضيات بروزها على الصعيد الوطني، وصمود أعضائها على آراءهم.

ويدور البحث حول سبعة محاور وخاتمة، على النحو الآتي:

 

أولاً: المفهوم الحقيقي وتداعيات النشوء.

ثانياً: المواجهات المسلحة.

ثالثاً: مبادئ الحركة.

رابعاً: مناهج الدعوة وآلياتها في الحركة.

خامساً: علاقة «بوكو حرام» بتنظيم القاعدة.

سادساً: التمويل في حركة «بوكو حرام».

سابعاً: موقف العلماء والعامة من الحركة وأفكارها.

ثم الخاتمة.

 

أولاً: المفهوم الحقيقي وتداعيات النشوء:

الاسم الحقيقي لهذه الحركة هو «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد»، وهو الاسم الذي يردّدونه ولا يرضون لهم اسماً سواه، وأطلق عليهم الناس، وبخاصة الإعلاميون، اسم «جماعة بوكو حرام»، وهذه التسمية قد شجبها أعضاء الحركة، ويفضّلون التسمية التي اختاروها لأنفسهم.

وأما مفهوم «بوكو حرام» المشاعة، وهي كلمة هوساوية، فلم يكن يعرفه سوى أهل الهوسا، وهي كلمة مركبة تركيباً مزجياً من لغتي الهوسا واللغة العربية، وقد كان الهوساويون يستعملون كلمة «بوكو» ويعنون بها «نظام التعليم الغربي»، وإذا أضيفت إليها كلمة «حرام» أصبح المعنى: نظام التعليم الغربي حرام، وبالأحرى أن تُفسر الكلمة بمحتواها الدلالي، وليس وِفق الترجمة الحرفية، وعلى ذلك يمكن أن تكون الترجمة الصحيحة هي: «اتباع النظام التربوي على السياق الغربي حرام».

ولم يشتهر لقب «بوكو حرام» اشتهاراً على مدى أوسع إلا بعد الاشتباكات الأخيرة في شعبان من السنة 1430هـ / يوليو – أغسطس 2009م، وإنما اشتهر المنتمون إلى «محمد يوسف» في ولايتي «برنو» و «يَوبي» بـ «اليوسفيّين»، نسبة إلى اسمه، ولا يرون غضاضة في إظهار هذه التسمية اقتناعاً منهم بها في تلك الفترة.

وأما «بوكو حرام»؛ فهي تسمية مشتقة من الفكرة التي يكثرون ذكرها مراراً لنصيحة المسلمين، وبخاصة الآباء، وطلبة المعاهد والجامعات، وسائر المعتنين بالتربية، فلُـقّبوا بها من باب التلقيب بما أكثر المرء من ذكره.

للناس من الكُتّاب والصحافيين، حتى العوام، تفسيرات عدة في تحديد المقصد الحقيقي لـ «بوكو حرام»، ولعل ذلك ناشئ عن عدم تداول أشرطة علماء «بوكو حرام» على نطاق واسع بين الأوساط العلمية وجمهور الناس، ولكن خير من يُعرب عن مفهوم الحركة هو زعيمها «محمد يوسف»، فقد كانت له خطب ومحاضرات خاصة بتفسير مقصدهم من تحريم دراسة «بوكو».

بعد إلقاء زعيم الحركة «محمد يوسف» محاضرة في ولاية «يُوبي Yobe»، أجاب عن سؤالات وُجهت إليه، كان من ضمنها سؤال عن مقصوده بتحريم «بوكو»، فقال: «يعنون بذلك الدراسة في المدراس التي أسّسها المنصِّرون، ويشمل هذا: المناهج الدراسية المقرّرة منذ الابتدائية، مروراً بالثانوية والمعاهد، إلى الخدمة الوطنية، حتى العمل».

 

خلفية لا بد منها:

قبل 2002م لم يكن هناك فكرة لحركة «بوكو حرام»، وإنما تمّ تأسيسها بعد حادثة 11 من سبتمبر، والأستاذ محمد يوسف من مواليد قرية نائية في منطقة يُونوساري من بلدة «غَشُوَ Gashuwa» من ولاية «يُوبيYobe » حالياً في شمال نيجيريا (1)، قبل اثنتين وثلاثين سنة من تأسيس الحركة.

في منتصف الثمانينيات ظهرت حركة «الإخوان المسلمين Yan Brothers» على المسرح العلني بزعامة إبراهيم الزكزكي، وقد اكتسبت حركته شباباً كثيرين، وقد انتظم «محمد يوسف» في هذه الحركة، المعروفة باعتمادها أسلوب الحماسة، وإثارة العواطف ضد الدولة باسم الدين.

وكان اهتداؤه إلى جماعة أهل السنّة والجماعة متأخراً، و «أبو يوسف» – كبعض الشباب المتحمّس- لم يلتحق بالدراسة النظامية، وإنما التحق بالفصول الليلية لمحو الأمية بمعهد الكانمي، ولكنه انفصل عنها بعد الفترة الثانية، وكانت مدة دراسته فيها سنة كاملة، إلا أنه أتقن القرآن اتقاناً في المدرسة القرآنية التي يتولاها والده، وقد حضر دروس بعض رموز السنّة في نيجيريا، وبعد الاهتداء إلى العلم عكف على الكتب الدينية باجتهاد شخصي.

وقبل 1994م بقليل ظهر التشيُّع والميل إلى العمالة للجمهورية الإيرانية في تصرفات زعيم جماعة الإخوان المسلمين «إبراهيم الزكزكي» وبعض المقربين منه، فتفككت جماعة «الإخوان» إلى كتلات، استمر بعضهم مع الزعيم الشيعي، وتوجه بعض آخر نحو السلفية، بينما أسس آخرون جناحاً جديداً على خطى الإخوان باسم «جماعة التجديد الإسلامي»، ورأوا الحفاظ على منهج «الإخوان» السابق بفارق جذري هو قطع الصلة بالجناح الشيعي بتاتاً، وبقي أمير كلّ بلد مع تابعيه؛ منتمياً إلى أحد الأجنحة الثلاثة؛ إما إلى الحركة الأولى بتوجهها الشيعي، وإما إلى الحركة الثانية برأيها التجديدي، أو الانتماء إلى أهل السنّة والجماعة.

 

تأسيس الحركة:

وفي غضون 1999م خضعت جمهورية نيجيريا – للمرة الثالثة – للنظام الديمقراطي، ولكن حاكم زنفرا الحاج أحمد ثاني يَرِيْمَابَكُورَا وجد في دستور الجمهورية النيجيرية مسوّغاً لإعلان تطبيق الشريعة في ولايته 2001م، ودعا سائر حكام الولايات الشمالية إلى ذلك، فاستجابت بعض الولايات للدعوة، بعد إلحاح شديد من قِبل رعايا هذه الولايات، فأعلنت حوالي اثنتا عشرة ولاية تطبيق الشريعة الإسلامية في حدود تخومها.

لا ريب أن الأستاذ محمد يوسف قد تأثر بانشقاق «جماعة الإخوان»، فتمكّن بصفته أحد رموز الإخوان من قيادة الفرقة التي انشقت معه، واستمر في تعليمهم وتوجيههم، واقترب من «جماعة إزالة البدعة وإقامة السنّة» جداً، ثم أصبح صدراً في ولايتي «يُوبي» و «برنو»، وبقي حيناً من الدهر على ذلك.

وبدأت أفكاره تتطور، ويُدخل تعديلات يراها تقدّمية في مجال الدعوة، لحدٍّ ملفت للنظر، ويرجع ذلك – كما قال الأستاذ محمد يوسف نفسه – أنه بعد انضمامه إلى جماعة الإزالة، كان هناك ثلاثة مساجد يتشاركون في إدارتها، فحصل تنازع في الإدارة بين أصحابه وبين جماعة الإزالة، وانتهى التنازع أخيراً بانحياز طلابه إلى أحد المساجد، وتركوا المسجدين الآخرين لجماعة الإزالة (2)، وهذه نقطة البداية، واستمر مع جماعته حتى استقل بتأسيس حركة «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد» حوالي عام 2002م.

 

ثانياً: المواجهات المسلحة:

ترجع بداية المواجهات المسلحة إلى انبعاث جماعة – ممن تأثروا بدعوة «محمد يوسف» – للاشتباك مع رجال البوليس عام 2003م، بدأت الأحداث حين اعتزل بعضهم زاهدين عن الدنيا منعزلين عن الناس في قرية «كَنَمَّ Kanamma» وفي بلدة «غَيْدَمْ Gaidam» بالقرب من جمهورية النيجر، فاشتُبه في تصرفاتهم، وأُبلغت عنهم الشرطة، فتحقّقت الشرطة منهم بلا جدوى، ولكن أُبلغ عنهم للمرة الثانية بسبب ما يقومون به من أعمال مشبوهة، وفي هذه المرة هجم عليهم رجال البوليس والجند، وتركوا منهم قتلى وجرحى.

شوهد رجال البوليس يأتون بأعضاء الحركة حتى بعض العرجى منهم، فيطالبونهم بالاضطجاع على بطونهم، ثم يطلقون على كلّ فرد منهم رصاصتين أو ثلاثة

وفي حملةٍ مقابلة؛ خرج جماعة برئاسة الشيخ «بَابَ Baba» بغضبة عارمة للأخذ بالثأر، استأصلوا فيها رجال الشرطة الذين قابلوهم في الطريق، وقطعوا مسافة طويلة مشياً على الأقدام حتى وصلوا «دماتُرُو» عاصمة ولاية «يوبي».

وأهل «كنّم» متشدّدون لحدّ أنهم يكفّرون حتى محمد يوسف حسبما يقول هو نفسه (3) ، ولم ينشرح صدره بخروجهم، للعلاقة المعروفة بينه وبينهم، وقد بلغه خبر الخروج وهو في المملكة العربية السعودية، ومع ذلك انهالت عليه حكومة نيجيريا بالتهديد والضغوط، فبقي هناك قرابة ثلاثة أشهر، حاول بعدها الرجوع فأقنعه بعض الناس ليبقى إلى وقت الحج، وكان الباعث الحقيقي لزيارته في رمضان عام 2003م هو العلاج في مستشفيات المملكة، وعلى أية حال؛ فذلك الخروج يطلق عليه أعضاء الحركة في أدبياتهم بـ «جهاد كَنَمَّ JihadinKanemma».

ومن ثم استمر «محمد يوسف» يواجه التحديات من قِبل حكومة ولاية «برنو»، والحكومة الفيدرالية بالمراقبة والتفتيش، وكان بعض الدعاة يتهمونه بالغلو والتطرف، في حين أن بعضاً آخر من رجال الدعوة ينصحونه بأن يستبدل الضجيج بالهدوء ونشر العلم.

على الرغم من ذلك؛ فقد اتخذ «أبو يوسف» مدينة «برنو» معقلاً لدعوته، استمر فيه ناشطاً في تحريض الشباب على الجهاد ضد ظلم الحكام، وتحذير الناس من الدراسة على نمط «بوكو»، وضد كل ما يتّسم بـ «الحداثة»، ولم تفتر عزيمة «محمد يوسف» في هذه الفترة عن التجوال في كلّ مدن شمال نيجيريا من «برنو» إلى «صكتو» لإلقاء محاضراته في الدعوة والاستعداد للجهاد.

وقد وفّق لحشد مجموعة من الشباب المتحمّس لإقامة الدولة الإسلامية، جاؤوا إليه مبايعين من الأماكن التي انتشرت فيها دعوته، وخصوصاً من ولايات الشمال الشرقية الخمس، وهي: «غومبي» و «أدماوا»، بالإضافة إلى «برنو» و «يوبي» و «بوثي».

وانتشرت دعوة الحركة أيضاً في ولايات الشمال الغربي، وهي: «كانو»، و «جيغاوا»، و «كتسينا»، و «صكتو»، و «كبي»، وتجاوب معه فيها عدد قليل، وإذا هاجر الناس إلى «برنو» يتجمّعون في المركز، وفي حارة «قَوزَارِي Gwazari» على طريق الذهاب إلى حارة «رُوَنْزَافِي RuwanZafi» في «ميدغري».

 

مجزرة شعبان 1430هـ / يوليو 2009م:

وفي بداية سنة 2009م صدر قرار من الحكومة الفيدرالية باستعمال القلنسوة الواقية للرأس، وقد تزامن هذا مع تحايل قام به بعض السارقين لاغتصاب أموال طائلة من والد حاكم ولاية «برنو» – على ما يقال -، فاشتط الحاكم غضباً وأمر رجال البوليس بتنفيذ قرار القلنسوة الواقية في أطراف ولاية «برنو»، وسمّى مهمتهم الخاصة بـ Operation Flush Out ، وقد نفذوا تلك المهمة بتشدد بالغ، تأذى منها شعب ولاية «برنو».

وفي هذه الأثناء خرج بعض أتباع «محمد يوسف» لحفر قبر دون القلنسوة الواقية، فاستقبلهم رجال المهمة الخاصة بعنجهية واحتقار، ولما خرج سائر المشيعين للجنازة شاهدوا الوضع المهين لإخوانهم، فحصل اشتباك عنيف هناك، أسفر عن جرح قرابة ثمانية عشر رجلاً من عناصر الحركة، لم تقبلهم المستشفيات إلا بعد عناء، مما أدى إلى وفاة أربعة منهم بعدُ.

غضب «محمد يوسف» من هذه العملية، وألقى خطابه المشهور، الذي أسماه «الرسالة المفتوحة إلى رجال الحكومة الفيدرالية»، هدّد فيه الدولة، وحدّد لها أربعين يوماً للبدء في إصلاح العلاقة بينها وبين حركته، وإلا سيبدأ عملية جهاد على مدى أوسع لا يُوقِفه إلا الله! فمضت الأربعون يوماً بأيام قلائل، ولم تحرك الحركة ساكناً، غير أن القيادة قد أعدّت – فيما بدا للمحللين – تنظيماً واستراتيجية استعداداً لخوض الحرب.

ظل أعضاء الحركة إبّان الأزمة يترقبون صدور فتوى من قيادتهم تبيح لهم الانطلاق، وكانت تحركاتهم ومحاضراتهم وخطاباتهم في البلدان تنمّ عن الاستعداد للمواجهة، ولهذا تحرّك رجال الشرطة في ولاية «بوثي» وهاجموا تجمّعاً للحركة في مسجد لهم، فاندلعت المواجهة عندئذ، وتأزمت العلاقة بين الحكومة وهذه الجماعة في تلك الليلة من شهر شعبان من السنة 1430هـ الموافق ليوم الأحد 26 من يوليو 2009م.

وفي حركة مقابلة؛ اقتحم بعض عناصر الحركة المسلحين مقر الشرطة الرئيس بـ «دُوظَنْ تَنْشِنْ DutsenTenshin»، وبعض المباني الحكومية في ولاية «بوثي»، فلم تستسلم الشرطة، ودافعت مستميتة، فحصل نتيجة لذلك اشتباك عنيف بين قوات الأمن والمسلحين في تلك الآونة، وفي الصباح تطايرت شرارة المواجهات إلى «دَمَاتُرُو» عاصمة ولاية «يوبي»، وانتقل الاشتباك بحرارة في نصف النهار إلى ولاية «برنو»، فتحوّلت العاصمة «ميدغري» إلى أرض المعركة، حيث كان المركز العام للحركة، ومثوى رأسها، وكبار الدعاة إليها.

واستمرت الحرب لمدة خمسة أيام، من الأحد إلى الخميس، انتقلت عَدواها إلى كبرى ولايات شمال نيجيريا: «ميدغري» و «بوثي»، و «كنو»، واقتحمت قوات الأمن معاقل الحركة في «بوثي» و «برنو»، وحُوصر الذين ثاروا في قرية «وُدِلْ WUDIL» بـ «كنو»، وأدى كلّ ذلك إلى مقتل أكثر من سبعمائة شخص من بين رجال الحركة والشرطة والجند وغيرهم من الشعب، واضطر أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة من سكان المنطقة للنزوح عن مساكنهم بعد اندلاع القتال.

 

نهاية المجزرة ومقتل زعيم الحركة محمد يوسف:

وفي أثناء المعركة اقتحمت الشرطة والجند المسجد الذي يستخدمه الأستاذ محمد يوسف لدروسه ومحاضراته (المعروف بمسجد ابن تيمية)، والواقع في المكان المعروف بالسكة الحديدية Railway على شارع «أَبّغَنَرَمْ Abbaganaram»، وفجّروه تفجيراً بقذائف مدوية، صكّت الآذان، وارتعدت من أجلها الجدران، وكانت حصيلة القتلى في المسجد وخارجه قرابة مائة من عناصر حركة «بوكو حرام»(4) ، وشوهد رجال البوليس يأتون بأعضاء الحركة، حتى بعض الجرحى منهم، فيطالبونهم بالاضطجاع على بطونهم، ثم يطلقون على كل فرد منهم رصاصتين أو ثلاثة (5)، وتوقفت المجزرة آنذاك بمقتل «محمد يوسف» نفسه بعد إلقاء القبض عليه، وإجراء محاورة مع بعض الجنود وكبار الشرطة، كما شاهد الكل ذلك مرئياً، لمدة خمس دقائق (6)، ثم قتلوه مكتوف اليدين، ويقولون إنه طلب الصفح والعفو قبل مقتله (7)، ولا ندري لماذا! وبعد الحرب حفرت الدولة المقبرة الجماعية لدفن الجثث في «ميدغري»(8) .

وكان مقتل «محمد يوسف» محاطاً بغموض عظيم، وتفسيرات عديدة من قِبَل مصادر الدولة، فمن يتحمل مسؤولية قتله؟ ولماذا؟ وما يثير دهشة بعض المحللين أنه لماذا لم يخضع للمحكمة حتى تُعرف التفاصيل عنه بمنطقه ه) ؟!(9).

 

إعادة تشكيل المنظومة:

بعد مقتل «محمد يوسف» تحدث ناطق رسمي للحركة بأن مقتله لن يغيّر مجراهم، ولم يؤثر فيهم سلباً، بل حفّزهم على الاستماتة وتنفيذ مشاريعهم. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي في 16 أغسطس 2009م بياناً رسمياً أسفر عن تطوّر جديد للحركة، حيث تحدث فيه المدعو بـ «ثاني عمر»، وصف نفسه آنذاك بأنه «الزعيم بالنيابة»، ويعد بيانه هذا الأول من نوعه عقب تلك الاشتباكات الدموية، ذكر أن: «الجماعة ألحقت نفسها بالقاعدة، وأنها تنوي شنّ سلسلة من التفجيرات في شمال البلاد وجنوبها؛ ابتداء من أغسطس مما يجعل نيجيريا مستعصية على الحكم»(10) .

وفي نهاية شهر يونيو 2010م ظهر نائب «محمد يوسف» المعروف بـ «أبي بكر شيكَو» على صفحة الإنترنت، مقنِّعاً رأسه، ومدجّجاً بالبندقية أك 47، وظهوره هذا يشبه الرد على إشاعة مقتله ضمن مجموعة القتلى، ظهر يؤكد أنه بالرغم من مرور سنة كاملة على الهجوم عليهم فإنهم ما زالوا ملتزمين بمبادئ الحركة، وعلى وشك شنّ هجوم عنيف على الغرب الكافر ومتبعي أنظمتهم في نيجيريا (11)، ومن هنا أصبح الأستاذ أبو بكر شِيكَو هو زعيم الحركة، ويلقّبه أعضاء الحركة بـ «الإمام»، وقد استمر عناصر الحركة في النشاطات خفية بزعامته، ومساعدة نواب آخرين.

ويبدو أن الحركة في هذه الفترة عملت على تحقيق هدفين:

أولاهما: تحرير أعضاء الحركة الذين أُلقي القبض عليهم، وزُجّ بهم في السجون.

وثانيهما: الدفاع عن النفس، وفي سبيل الدفاع عن النفس ذكر «الإمام شيكَو» أن جماعته إنما تقاتل ضد ثلاثة أصناف من الناس، وهم: الشرطة والجنود المسلحون، والمسيحيون، ثم الوشاة بالحركة وأعضائها، وأما جمهور الناس فقد أكد أنهم لا يمسونهم بسوء، وقد قال الأستاذ محمد يوسف مثل ذلك في محاضرة ألقاها يوم الأحد 18 ربيع الأول 1430م.

وتتالت الأحداث بتفجيرات وإطلاق رصاصات هنا وهناك تستهدف أفراد الشرطة والجند أو مراكزهم، وكان لـ «مَيدغري» قسط كبير من الإغارة، وكذلك ولايتي «يوبي» و «بوثي»، وهكذا مرّ عام 1431هـ / 2010م في تهارج واضطرابات وخصوصاً في الولايات الثلاث المذكورة.

وقد كان عام 1432هـ / 2011م مليئاً بالأحداث المختلفة سياسية واجتماعية واقتصادية، خرج معظم النيجيريين لانتخابات إبرايل، فأصبح جونثان هو رئيس الجمهورية، وقد أحدث هذا خنقاً مؤلماً للكثير من الشعب المسلم، خصوصاً في الشمال.

وتزامنت هذه الزوبعة مع التطهير العرقي الحادث في ولاية جوس، حيث قامت مجزرة كبيرة، لقي فيها المسلمون ألواناً من انتهاك الأعراض والغصب والقتل الوحشي، عدة مرات، من أعظمها ما كان في شهر مايو، في أيام العيد، وهذا مما زاد الطين بلة، وأثار حفيظة المسلمين بمن فيهم «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد»، فتوسعوا في الإغارات والتفجيرات ضد المسيحيين.

وقد ذكرت بعض التقارير أن أكثر من 550 شخصاً لقوا حتفهم في عام 2011م، في قرابة 115 هجوماً (12)، سوى المصابين بالجروح والإصابات الخطيرة.

والسجل التاريخي لنيجيريا لا ينسى كذلك ثلاث حملات كبرى مما شنتها هذه الجماعة في ذلك العام:

أولاها: كانت ضد مكتب الأمم المتحدة بأبوجا، وذلك في 26 من أغسطس 2011م، وهو في الحقيقة تفجير عنيف قُصف به مبنى المكتب، نتج عنه سقوط خمسة وعشرين شخصاً، وإصابة أكثر من مائة شخص، وقد كشف هذا التفجير أن أعضاء الحركة على استعداد لإجراء ما يُسمّى بتعبير الإعلاميين بـ «العملية الاستشهادية» (13).

وثانيها: هو التفجير الكبير الذي يعد – في الحقيقة – الأول من نوعه، استهدف رئيس الشرطة النيجيرية الحاج حافظ رِنْغِمْ قبل عزله، وقع التفجير بالمركز الأعلى للشرطة بأبوجا، حيث فجر قائد السيارة نفسه، فلقي كثيرون مصرعهم، ونجا رئيس الشرطة من الإصابة، وكأن هذه الإغارة ردّ فعل لحديث تحدث به مع إذاعة بي.بي.سي – قسم الهوسا، كشف فيه عن خطة شاملة وعزم صارم للإطاحة بهذه الحركة.

والحملة الكبيرة الثالثة: كانت على كنيسة كاثوليكية في يوم عيد الميلاد للمسيحيين، اليوم 25 من شهر ديسمبر، في ولاية نيجر، بالمحافظة المعروفة بـ «مادَلّلا Madalla»، أدى الهجوم المفجّر إلى مقتل أربعين، وإصابة آخرين بجروح، ويُتهم اثنان من قيادات الحركة بهذه المهمة «كبير صكتو» و «بشير مادللا»، وقد ألقي القبض على الأخير في 17 من فبراير.

 

آخر تطورات الأحداث في عام 2012م:

وفي 2 يناير 2012م أصدرت الجماعة تحذيراً للمسيحيين الموجودين في شمال نيجيريا بإخلاء الشمال كلياً في حدود ثلاثة أيام، وإلا فالويل والثبور لهم، وبعد ثلاثة أيام، وذلك في 5 من يناير تحديداً، هجم عناصر الحركة على كنيسة في ولاية «غومبي»، وقتلوا زوجة أسقف الكنيسة مع ستة رجال آخرين.

وفي 6 من يناير لقي اثنا عشر رجلاً من قبيلة «إيبو Igbo» مصرعهم بمحافظة «مُوبِي» في ولاية «أدماوا»، وفي اليوم نفسه قُتل اثنا عشر آخرون في أثناء الطقوس في كنيسة في «يُولا»؛ عاصمة ولاية «أداماوا».

وفي 14 من يناير اعتُقل أحد المشتبَهين بتدبير الهجوم على كنيسة Madalla يُسمّى الأستاذ كبير عمر صكتو، ثم بعد أربعة وعشرين ساعة انفلت من الشرطة صدفة، لما ذهبوا به إلى مقره للكشف والتحقيق، وقد تعجب من هذه المهزلة الشعب النيجيري كافة، ووعدت الشرطة بمبلغ عظيمة لمن يدل عليه، ووقع «كبير صكتو» في كمين القوات الأمنية، وألقي القبض عليه من جديد في 7 فبراير.

وفي يوم الجمعة 20 يناير الساعة الخامسة مساء، اهتزت مدينة «كنو» بدوي الانفجارات المتتالية بعد تمام الساعة الخامسة مساء، وقد استهدف بها سبعة مواضع، كلها مراكز للشرطة، وذكرت المصادر الحكومية أن ما لا يقل عن 186 لقوا حتفهم جرّاء تلك التفجيرات بمدينة «كنو»، وهو أكبر عدد من القتلى في يوم واحد منذ بدأت الحركة بعمليات التفجير والهجمات المسلحة، الأمر الذي دفع الرئيس جونثان إلى زيارة مدينة «كنو» للتعزية ومشاهدة مدى الخسائر، وبعد رجوعه إلى «أبوجا» أعلن عزل القائد الأعلى للشرطة، الحاج حافظ رنِغِمْ من أصل ولاية جِغاوَا، وأبدل مكانه الحاج أبو بكر من أصل ولاية زَنْفرا.

وظهر «الإمام شِيكَو» فيما أذاعته بي.بي.سي ظهراً في 26 يناير، مُقراً أن جماعته هم الذين شنوا تلك الغارة الشعواء بأمر منه، وأظهر أنه حادث مفرح جداً، وألقى باللائمة على الحكومة لأنهم بعد انتهاء الإغارة بدأ رجال البوليس بإطلاق الرصاص عشوائياً على الشعب.

دخل الشعب النيجيري، وبخاصة الشماليون، في معاناة ورعب من الأوضاع المتأزمة، وأخوف ما يخيفهم الجيش ورجال البوليس، حيث يعاملون الناس معاملة خشنة

والملفت للنظر في يوم 26 من يناير أن الرئيس جونثان طالب قيادة «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد» أن تظهر في الساحة، وأشار إلى إمكانية الهدنة مع الحركة لإيقاف المواجهات وإيجاد السلام الشامل.

وكأن خطابه هذا جاء استجابة لرغبة كثير من ذوي الهيئة في إيجاد جوٍّ لصالح للهدنة، لكن لم تستجب قيادة الحركة للدعوة إلى الهدنة، وقد ذكر «الإمام شيكو» في شريط مسجل في 11 من يناير 2012م، قبل تفجيرات «كنو» عبر موقع يوتيوب، أنهم يقبلون مبادرات الهدنة ما دام أنها موافقة للهدنة الشرعية المبيّنة في القرآن (14) .

وفُوجئت بعض البيوتات في «ميدغري» ليلة السبت 28 بحشد من الجند يتخطفون بعض الشباب، وبعد تجميع أحد عشر شاباً أطلقوا عليهم النار وأعدموهم، وظهر بعد ذلك أن أولئك الشباب كانوا من «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد»، وهذا بلا ريب مما يثير حفيظة زعماء الحركة.

وحصل في يوم 29 من يناير شيء مهم للغاية؛ إذ تحدث «أبو القعقاع» المتحدث باسم الحركة مع الصحافيين، وذكر أنهم أرسلوا رسائل إلى سلطان مسلمي نيجيريا محمد سعد بـ «صكتو»، وبعض كبار السياسيين في تلك الولاية، مطالبين إياهم بالتدخل في إطلاق سراح رجالات الحركة المعتقلين، وإلا سيوقعون دماراً شاملاً كما وقع في أماكن شتى بولاية «كنو»، وطالب في بيانه الحكومات بإطلاق سراح أعضاء الحركة المقبوض عليهم رجالاً ونساء؛ أينما كانوا (15).

وذكرت القوات الأمنية أنهم ألقوا القبض على «أبي القعقاع» المتحدث باسم الجماعة ليلة 31 من يناير 2012م (16)، غير أن الجماعة أنكروا القبض عليه، وتحدث «أبو القعقاع الحقيقي» مع الصحافيين، وأثبت أن المقبوض عليه ليس هو، وإنما يُدعى «أبو الدرداء»، وهو بالفعل من كبار عناصر الحركة، يشغل رئيس لجنة المفاوضات، وقد أرسلته الجماعة للاستعداد للهدنة المطروحة، ولكن جاء القبض عليه مخيباً للأمل وإجهاضاً لترتيبات الأمن والسلام في المستقبل.

وأضاف أن الحركة تتولى مسؤولية ذبح ستة أشخاص في «ميدغري»، وبيّن أنهم كانوا من قَبل من أعضاء الحركة ثم خانوها وأرشدوا الجند إلى أماكن وجود أحد عشر رجلاً من عناصرها، وهم الذين قتلهم الجند، ولا ريب أن قتلهم تفسير تطبيقي لما تقوله الحركة حول حتمية الهجوم على الوشاة بها.

وفي 7 من فبراير فوجئت ولاية «كدونا» بثلاث هجمات عنفية، ولم تسفر الهجمات عن قتلى، غير أن هناك كثيراً من المصابين بالجروح.

وفي أثناء هذه الأوضاع نشرت محطة تلفازية «NTA» شريطاً، يدّعي فيه شخصان متقنعان أنهما من الجماعة، واستخدم المتحدث بينهما اللغة الإنجليزية، وبيّن أنها عازمة على إجراء اتفاقيات السلام مع قيادات نيجيريا، وذكروا أربعة من كبار الشخصيات، وهم: الشيخ أبو بكر غَيرُو، والدكتور شَتِيما علي منغُنُو، والحاج علي بُوكَر إبراهيم- حاكم ولاية «يوبي» السابق، وشدّد على أن ما يبرمه هؤلاء الأربعة سيغير مجرى الأوضاع المتأزمة سريعاً.

ولكن في المقابل كذّب المتحدث باسم الحركة المعروف بـ «أبي القعقاع» هذا الشريط في تحاور هاتفي مع الصحافيين بـ «ميدغري»، وأوضح أنهم لا يقبلون أي مباردة للهدنة بعد القبض على «أبي الدرداء»(17)، وأكبر شاهد على ذلك الهجومات الثلاثة على ولاية «كدونا»، الولاية التي تمّ القبض فيها على «أبي الدرداء» ، ثم ظهر وزير الإعلام النيجيري يبدي تشكك الدولة في صحة ذلك الشريط، وأنها ما زالت على استعداد للهدنة مع جماعة «بوكو حرام»(18) .

 

نتائج الأحداث والمواجهات السابقة:

أولاً: تعطل المصالح العامة، حيث فرض حظر التجوال في بعض المدن، فتوقفت البنوك والأسواق عن العمل، وأُغلقت المدارس، وتجمّدت المجالسُ والمعاهد العلمية لعدم توافر الأمن، ودخل الشعب النيجيري، وبخاصة الشماليون، في معاناة ورعب من الأوضاع المتأزمة، وأخوف ما يخيفهم الجيش ورجال البوليس الموزّعون على الشوارع والسكك، حيث يعاملون الناس معاملة خشنة بالتخويف والضرب وأخذ الرشاوي.

ثانياً: ظهور أصوات تنادي بتقسيم الدولة، فقد بدأت بعض القبائل تنادي بتقسيم دولة نيجيريا إلى دولتين في الجنوب والشمال، وكانت قبيلة «إيبو» على مقدمة المناشدين لهذا التشقيق، وقد شجب هذه الدعوة بعض زعماء القبيلة، وكثير من كبار الشماليين، ولكن ظهرت أحداث خطيرة، حيث بدأ بعض الجنوبيين بالهجوم على المساجد بالتحريق والهدم، الأمر الذي قد تشتعل به نار الفتنة!

ثالثاً: انتشار الفساد بأضرابه في الحياة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والاقتصادية، حتى قطع شوطاً بعيد المدى في نيجيريا، وقد استطاع بعض المحتالين – وسط هذا الخضم – أن يلفّقوا الأكاذيب والحيل لأكل الأموال باسم الحركة، كما هو قد يدل على ذلك الشريط المرسل إلى المحطة التلفازية السابقة؛ إذ لم تكشف المحطة مصدرها، ولم يذكر المتحدث فيه عن اسمه، بل إن الجماعة لا تستخدم اللغة الإنجليزية أداة للنشر وتوجيه الخطاب للشعب أو لقادة نيجيريا.

وقد تزامنت هذه الأحداث مع البيان الذي نشره البروفيسور وُلَيْشُويِنْكَا، حيث ذكر أن حياته مستهدفة من قبل عناصر «بوكو حرام»، وهذا مع أن البروفيسور معروف بانتقاده اللاذع للشماليين(19) .

 

ثالثاً: مبادئ الحركة:

سوّغ «محمد يوسف» موقفه وموقف حركته عدة مرات من تعلّم العلوم العصرية قائلاً: إن نظام التعليم الغربي يتعارض مع تعاليم الإسلام

«جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد» من الحركات المعاصرة التي ترى أن تطبيق الشريعة لا يحصل إلا بالسلاح والمواجهة لإزالة الحكومة الظالمة، وردع معاونيها، وتوجّه الحركة الفعلي والمنهجية التي رسمها مرجعيتها يدلان على ذلك.

ونستطيع اكتناه المحتوى الحقيقي للحركة في دراسة متأنية لمبادئها والمناهج التي اختطّها أبرز قياداتها وعقلها المدبِّر، أعني الأستاذ «محمد يوسف»، لتحقيق الهدف وتفعيل الحركة، وكذلك ما يؤخذ من البيانات التي يصدرها قائدها «الإمام شيكو» على صفحات يوتيوب، فإن له دلالات ذات قيمة في تحليل اتجاه الجماعة.

وللحركة كتابات خاصة بحث فيها الكُتّاب منهم عن هذه المسائل، مثل كتاب «هذه عقيدتنا ومنهج دعوتنا» لمؤسس الحركة، وهناك كتاب آخر بعنوان «جاء الحق…»، أخفى مؤلفه اسمه الحقيقي، وسمّى نفسه «علاء الدين البرناوي»، وغير ذلك من الكتيبات، وقاموا بخطب منبرية، ومحاضرات توعوية كثيرة، بثّوها في أشرطة وسيديهات، حتى على الإنترنت.

 

وفيما يأتي نستعرض أبرز مبادئ الحركة:

هذه المبادئ والمناهج استخلصتُها – أنا – من أشرطة قيادات الحركة وكتبهم، وليس محررة من قِبلهم:

1 – إثبات الحاكمية لله تعالى وحده، وحرمة الديمقراطية لمضادتها الإسلام جملة وتفصيلاً،والسياسيون المنتخبون عن طريق الديمقراطية كلهم كفار؛ لإيمانهم بنظام يجري على الطرف النقيض للإسلام؛ «لأن الحكم بالقانون الوضعي كفر بواح» (20)، وينقد «محمد يوسف» قول القائلين: «لا يجوز الخروج، حتى ولو كان الحاكم كافراً تجب طاعته. لا شك أن هذا من جملة عقائد المرجئة…»، واستدل بحديث لتقوية رأيه، وهو ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله خطيباً، فكان من خطبته أن قال: «ألا إني أوشك أن أُدعى فأجيب، فيليكم عمال من بعدي، يقولون ما يعلمون، ويعملون بما يعرفون، وطاعة أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهراً، ثم يليكم عمال من بعدهم يقولون ما لا يعلمون، ويعملون ما لا يعرفون، فمن ناصحهم، ووازرهم، وشد على أعضادهم، فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالطوهم بأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم، واشهدوا على المحسن بأنه محسن، وعلى المسيء بأنه مسيء»(21) .

2 – ويعتقد أعضاء الحركة أنهم «الفرقة الناجية»، وبهذه القناعة يتحركون، ودليل ذلك – في نظرهم – أنهم يُحيون روح الجهاد في مسلمي نيجيريا.

3 – تحريم التعلّم في المدارس النظامية من الابتدائبة إلى الجامعة، لعدة أسباب؛ منها(22) :

– أن المسيحيين المنصِّرين والمستعمِرين هم الذي أسّسوا هذه المدارس منذ البدء لتخدم غايتهم في تنصير الأمة المسلمة، وقد كان نظام التعليم تابعاً للإسلام في بلادنا قبل مجيء المنصِّرين، ولم يزل مستقيماً على الجادة حتى تغلّب المستعمِرون على جنبات البلاد، فكرّسوا أنظمتهم على كلّ مرافق الحياة، ولأهمية نظام التعليم، لارتباطه الوثيق وتأثيره في الحياة، قد خططوه، وأفرزوا المناهج، وفق ما يحوّل المسلم رويداً رويداً إلى الكافر، أو العميل لهم.

– انتشار الاختلاط الممزوج بالتبرج في الفصول والقاعات وساحات المدارس، والله تعالى يقول: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ [الأحزاب : 33]، واقتضى هذا انتشار الفواحش والرذائل كالزنا والسحاق واللواط.

– تعلّم بعض المواد والأفكار والنظريات المضادة للدين، نحو نظرية دارون في تطوّر خلق الإنسان، والتي تخالف قول الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ﴾ [الروم : 20]، واعتقاد بعضهم وقوف الشمس ودوران الأرض حول الشمس، ونظرية الذرة بأنها لا يمكن خلقها ولا إفنائها تخالف قول الله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن : 26 ، 27]، وأن للنطفة روحاً متحركة يخالف قول الله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة : 28]، وأن المطر يعود إلى السماء في الصيف، ثم ينزل في الربيع، يقول: «المطر مثلاً نحن كمسلمين نعتقد أنه من عند الله، وليس من صنع الشمس»، تخالف هذه النظرية قول الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ [المؤمنون : 18]، وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ…﴾ [النور : 43].

وكان «محمد يوسف» سوّغ موقفه وموقف حركته عدة مرات من تعلّم العلوم العصرية قائلاً: إن نظام التعليم الغربي يتعارض مع تعاليم الإسلام، والأمثلة على ذلك كثيرة، كما لا يؤمن «أبو يوسف» بأن الأرض كروية.

4 – رفضت الحركة العمل تحت الحكومات الديمقراطية الحالية، سواء في الشرطة والجند والأمن، وسائر الوظائف الديوانية؛ لأن ذلك من جملة الطاعة المطلقة لنظامها الكافر، والله تعالى يقول: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود : 113]، وبعد أن ذكر «محمد يوسف» جملة من الأحاديث قال: «فمجموع هذه الأحاديث تدل دلالة قطعية على أن العمل لا يجوز تحت الحكومة التي لا تحكم بالكتاب والسنّة، إنما تحكم بالقوانين الشيطانية، وكذلك لا يجوز عمل الشرطة والجندية تحتها من باب أولى»(23) .

 

رابعاً: مناهج الدعوة وآلياتها في الحركة:

تفترق كلمة «المنهج» عن كلمة «المبدأ»؛ من حيث أن «المبدأ» هو العقيدة العامة الكامنة في الضمير، يمضي نحوها صاحب المبدأ كغاية، وأما «المنهج» فهو الوسيلة التي رسمها صاحب المبدأ وهو يؤمن أن خطواته توصله مباشرة أو في نهاية المطاف إلى غايته، ولكل «مبدأ» وسيلة يُتوصّل بها إليه، غير أنها تختلف من حيث المشروعية وقابلية التطبيق.

ونتيجة لدراسة للمصادر المكتوبة، وما بثّه قادة الحركة باللغات الثلاث التي يَتَحدثون بها (الهوسا وكانوري، واللغة العربية) في خطبهم ودروسهم ومحاضراتهم المخزّنة في الأشرطة، استخلصت أهم ما ظهر أنه المنهج المختط لترسيخ المبادئ التي تريد الجماعة تحقيقها واقعياً.

ونجملها في النقاط الآتية:

1 – تشكيل الدولة:

تتطلب الدولة – كلّ دولة – مقوّمات خاصة؛ من أهمها «الإمام» الذي يقودها، ويكون رمزاً لعناصرها، ومرجعاً لشؤونها، و «محمد يوسف» قد تمّت له «البيعة» بالإمامة من قِبل عناصر حركته، ومن ثم كانت له صلاحية فرض الخوض في المعارك، وتحديد بنود الأمن والسلام.

ولهذا الإمام نائب عام، وهو «أبو بكر شِيكَو»، وأمين عام للحركة، وهو «محمد نور»، كما أن لكل ولاية من ولايات نيجيريا أميراً، تحته مندوبون من جهات بلده، ومسؤولون آخرون في كل الحكومات المحلية.

وللحركة مجلس للشوري، ينظر في الأمور الطارئة للتحقيق والمناقشة وإبرام الرأي الأخير، وكان «محمد يوسف» قبل وفاته لا يحيد قيد أنملة عمّا ارتآه ذلك المجلس، فحينما قطع مجلس الشوري – مثلاً – مشورة البدء بالجهاد على أراضي نيجيريا؛ أعلن «محمد يوسف» ذلك في المحاضرة المشهورة بـ «الرسالة المفتوحة إلى الحكومة الفيدرالية»، وذكر فيها أن جماعته خاضت في صميم المعركة مع حكومة نيجيريا.

2 – المنهج التربوي:

التربية التي يعتني بها أعضاء الحركة تجمع بين التربية الروحية والبدنية، أما التربية الروحية؛ فقد كانت مساجدهم مسكناً، ومدرسة، ومراكز لقيام الليل، وصيام النهار، وقراءة القرآن، والأذكار، وكانت مرجعية الحركة يكررون على مسامع عناصرها ترك الذنوب، وكلّ ما يخدش المروءة، ويُسقط الأعراض من حضور صالات الرقص، والسينما، وشرب الخمور، والزنا، والرياء والكبر والحسد والحقد، إلخ (24).

وأما التربية البدنية؛ فإنهم في بعض الأحايين يقومون في المساجد نفسها، يربّون أنفسهم على الرمي وبعض الأنشطة المقويّة للجسد، ولهم جولة على الأقدام كلّ صباح بعد صلاة الفجر، ويدعوهم الزعيم إلى التمرينات، ولو في البيوت، لإجادة الرمي والتصويب وسائر الأنشطة، وفوق ذلك هناك عناصر تقوم الحركة بتدريبهم تدريبات عسكرية في الفيافي، وإرسالهم إلى أصحابهم في العقيدة والحركة في البلدان النائية، والدول المجاورة.

3 – المنهج التعليمي:

يقف منهج «بوكو حرام» التعليمي على الدروس المجلسية والمحاضرات، وإقراء الكتب في مساجدهم الخاصة، وبما أن ولاية «برنو» هي معقل الحركة؛ فإن لهم فيها أربعة مجالس كبيرة في «ميدغري»، وهي:

1 – مركز ابن تيمية: كان «محمد يوسف» يلقي فيه دروسه يومي السبت والأحد.

2 – حارة دُوْكِي UnguwarDoki : اتخذ فيها مجلساً لتفسير القرآن كلّ يوم الجمعة ليلاً، وهو أكبر مجالسه.

3 – مسجد فِزَان Fizan : كان يلقي فيه بعض الدروس، وينوب عنه بعض الدعاة في غيابه.

4 – مسجد مَفُوْنِي Mafoni : يلقون فيه المحاضرات العامة مرة أو مرتين في الشهر.

استفاد أعداء الإسلام من ثورة هذه الحركة، وكان من نتائج ذلك أن هرول رؤساء نيجيريا يستنجدون بأمريكا وإنجلترا في مواجهة هذه الحركة وكان تركيزهم في بعض الكتب، أو المقاطع من بعض الكتب التي تحض على الجهاد، وتوضّح نواقض الإيمان، وتشمل الكتب المدرّسة لديهم: تفسير القرآن، وصحيح البخاري، ورياض الصالحين للإمام النووي، وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر، والرسالة لابن أبي زيد القيراوني، والأصول الثلاثة وكتاب التوحيد (كلاهما للشيخ محمد بن عبد الوهاب)، وأحكام الجنائز وكتاب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (كلاهما للشيخ الألباني)، والولاء والبراء للشيخ الفوزان، وغيرها، وقد بلغ من اعتناء «أبي يوسف» بالمجالس والدروس أن أصبحت هي شغله الشاغل على مدار الأسبوع، قلما تفوته إلا أن يذهب لدرس آخر في بعض المدن والولايات.

ومن جانب آخر لهم مدراس خاصة لتحفيظ القرآن للصغار، وبخاصة المدرسة الملحقة بمسجد ابن تيمية، كان الصغار يتعلمون القرآن مجوداً، ويحفظون الأوراد النبوية، وتلتزم المدرسة كذلك بالمظاهر والزي الإسلامي من لبس العمامة للفتيان، والحجاب للفتيات، وقد انتهز المدرسون في هذه المدارس فرصة للدعوة، وتطعيم الأطفال بعض الأفكار التي آمن بها بعض زعماء الحركة، كتحريم مشاهدة التلفاز، وغير ذلك.

ويفضل أعضاء الجماعة استخدام اللغة العربية في التحدث والتخاطب، ولعله من أجل مكانة اللغة في دين الإسلام، وهو اللغز الذي عسر فكه لدى بعض الشعب، فظنّوا أنهم ليسوا بنيجيريين، وإنما أتوا من بعض الدول الإفريقية، وحاولت القيادات تمييز الجماعة عن باقي الحركات السلفية، لحد أنهم يعدّون سائر أهل السنّة كسالى، وهذا صريح في بعض خطابات «محمد يوسف»، وكان يصب جام غضبه على كسالى من العلماء، على أنه في بعض الأحايين كان ينهى أعضاء الحركة عن إطلاق كلمة «الطاغوت» على العلماء(25) .

 

4 – المصادر العلمية المعتمدة لدى الحركة:

تقول قيادات حركة «بوكو حرام» إنهم يعتمدون على فتاوى العلماء السابقين في كلّ ما يقولونه من رأي، وكان من دأب زعيم الحركة أن يذكر أسماء المراجع والمصادر التي هي كالقطب لحركته، أو لرأي ذهب إليه، يذكر مثلاً كتاب الشيخ بكر أبي زيد رحمه الله تعالى «المدارس العالمية الأجنبية»، وكتاب «مدارك النظر في السياسة: بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية» للشيخ عبد الملك بن أحمد بن المبارك رمضاني الجزائري، وكتاب «حكم الجاهلية»، وهي مجموعة مقالات وتعليقات للشيخ أحمد محمد شاكر- جمعها ابنه الأستاذ أسامة، وكتاب «العلمانية» للشيخ أحمد شاكر أيضاً، وقد صرّح «محمد يوسف» في بعض أشرطته أنه تأثر جداً بهذا الكتاب (26).

ومن المصادر التي تعتمدها مرجعية «بوكو حرام» أيضاً: «فتاوى اللجنة الدائمة»، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب ابن القيم، وتفسير ابن كثير، وفتاوى بعض العلماء المعاصرين أمثال الشيوخ: الألباني، وابن باز، وابن عثيمين، وغيرهم.

وتكرر قيادة هذه الحركة أن ما أتت به من الفتاوى في القيام ضد الحكام الظالمين، وتحريم التعليم على نمط «بوكو»، وما إلى ذلك كله مستقى من فتاوى العلماء السابقين، ليسوا هم من استنبطوها، وما لهم فيها إلا قراءتها وتفسيرها وترجمتها إلى لغة الهوسا، بالرغم من أنه – في الحقيقة – ليس بالضروري أن يكون الكلام المذكور هو الرأي الذي يعتقده ويفعله – عملياً – العالم المنقول كلامه، ومع ذلك يتحدى «أبو يوسف» كلَّ من كان يرى أن دعوته أو ما يقول، فيه: «المغالطة» و «الخطأ»، أو «سوء الترجمة»، أو «عدم الفهم»، و «طفولية التفكير»، و «عدم النضوج في العلم» – أن يتقدم مشكوراً ليعيد النظر فيما يقوله، ويبين للناس الحقيقة! وكرّر ذلك قائد الحركة الحالي بأن تأويلات المتأولين لإقرار النظام الديمقراطي، وتثبيت إمكانية تحالف علماء المسلمين مع المسيحيين، كلّ ذلك هُراء لا أساس له، ولا يصرفهم عن تنفيذ أمر الله تعالى.

 

خامساً: علاقة «بوكو حرام» بتنظيم القاعدة:

يظهر «الانتماء الروحي» لهذه الجماعة إلى تنظيم القاعدة في الاستشهادات بأقوال رموز القاعدة التي يكثر منها زعيم الحركة، حيث ينقل مثلاً عن أبي مصعب الزرقاوي، ويصفه بـ «المجاهد» ، وغيره(27).

واتضحت مؤخراً علاقة حركة «بوكو حرام» مع تنظيم القاعدة في بعض المواقف، وهذا ما بيّنه «موسى تنكو» الناطق الرسمي باسم الحركة – في النشرة الهوساوية بإذاعة BBC – بعد مقتل قائدها، حيث أكد انضمام حركتهم إلى تنظيم القاعدة (28)، وقد يكون لهذا البيان تفسير آخر، وهو بثّ الروع بين صفوف رؤساء الدولة، ورجال الأمن، دون أن يكون له أثر واقعي.

وحسبما تنقله بعض وكالات الأنباء في مواقعها على الإنترنت؛ فإن هذه الحركة قد تمّ استدعاؤها من قبل أمير تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي الجزائري (أبي مصعب عبد الودود) للانضمام في مظلة القاعدة، وكان من ضمن أطروحته التي صرّح بها لهم: أنه يحلم بتوسيع منطقة نفوذه لتشمل نيجيريا (29)، ولكن بعض المصادر تؤكد أن الحركة على علاقة وطيدة مع التنظيم من خلال السلفية الجهادية في الجزائر، والثوار في تشاد، وخصوصاً أن ولاية «برنو» تجاور جمهورية تشاد، وقد تمّت الاتفاقات بينهم وبين «أبي يوسف» طيلة دعوته إلى مبادئ الحركة(30) .

ولا يعني سرد هذه الأخبار هنا التصديق بها كلياً، غير أنها على أية حال مؤشر إلى انتماء الحركة – ولو فكرياً – إلى تنظيم القاعدة – إن صحّ التعبير!

 

سادساً: التمويل في حركة «بوكو حرام»:

بنى بعض المحلّلين على تلك الأخبار السابقة – وغيرها، مما تجمّع لديهم- أن تنظيم القاعدة هو المورد الأساس والمموّل الأول للحركة؛ بينما يرى بعض آخر أن بعض رجال الدولة النيجيرية لهم دَخْل حتى النخاع في استثارة «محمد يوسف» ضد الحكومة، ويموّلون كل نشاطاته (31).

ويقول آخرون إن هناك بعض الأثرياء، قد تكونت العلاقة الوثيقة بينهم منذ انتماء «أبي يوسف» إلى جماعة أهل السنّة والجماعة في التسعينيات، فهؤلاء الرجال هم الذين يتكفلون برأس مال الحركة.

هذه التكهنات من الأمور التي تحتاج إلى مستند قوي، نعم! للباحثين أن يسألوا مَنْ يموّل محمد يوسف في حياته؟ إذ أنه لم يرث هذه الأموال، وليس ببائع عقارات، ولم يشتهر بالتجارة، ولا كان موظفاً – في أبعد الافتراضات -! وإنما صرف همّه إلى الدعوة، بيد أنه دافع عن نفسه بأن له إخوة يقومون باستثمار أمواله، ويفلحون أرضاً لهم كبيرة، ومع ذلك لم يقتنع الناس، لمّا تحققوا من قيامه بحاجات فوق مستوى دخله، الأمر الذي يدل على أن تحت الدخان تتأجج النيران!

لذلك لم يزل الناس يتساءلون طالبين الجواب الكافي: ما المصادر المموِّلة التي تمّد «محمد يوسف» حتى يذبح لتابعيه الساكنين في المركز شياهاً وأبقاراً كلّ أسبوع، ويفعل أشياء أخرى لا يمكن لرجل عادي أن يقوم بها – كما يرى بعض المحللين – إن لم تكن هناك جهة خفية تموّله؟! هذه تساؤلات يرددها الصحافيون والمتابعون لنشاط الحركة! وصرّح الرئيس جونثان بوجود عناصر الحركة في حكومته، لكنه لم يذكر التفاصيل، لا هو ولا أحد الوزراء أو أعضاء الحكومة!

صحيح أن بعض أعضاء الحركة من الولايات المختلفة قد باعوا ممتلكاتهم من البيوت وحُلي النساء استعداداً للجهاد، وذلك في بداية الأمر، وجمع ناشطو الحركة من التجار ما يرونه مناصرة لها، ولم تخرج هذه المسألة لحدّ الآن من الغموض؛ إذ الحركة استمرت في نشاطاتها من غير أن تعوزها النفقة!

 

سابعا: تأثيرات الحركة في الدعوة داخل نيجيريا وخارجها:

لا شك أن ما يحدث في شمال نيجيريا له انعكاسات سلبية على الدعوة، من جانب أن أعضاء الحركة لهم انتماء قوي إلى أهل السنّة، الأمر الذي اتخذه بعض أعداء السنّة من النصارى وأهل البدع ذريعة للطعن في أهل السنّة كافة، ويقومون بتحريض الحكومات ضدهم، وهذا – والحمد لله – لم يؤثر كثيراً، بسبب الجهود التي ما يزال علماء أهل السنّة يقومون بها لتوضيح منهج السنّة، وتوجيه النصائح إلى قيادات «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد».

غير أن أعداء الإسلام استفادوا من ثورة هذه الحركة، حيث لوّحوا بوضع شمال نيجيريا في قائمتهم السوداء للإرهابيين، وكان من نتائج ذلك أن هرول رؤساء نيجيريا يستنجدون بأمريكا وإنجلترا في مواجهة هذه الحركة، وجرت بينهم اتفاقيات؛ من ضمنها أنهم يقومون بتدريب القوات الأمنية النيجيرية على مكافحة الإرهاب، وتقوم أمريكا بفتح مكتب عريض، أو قنصلية في ولاية «كنو»، حدث هذا بعد المواجهات التي حدثت في الولاية، ولا يتوقع أي مردود إيجابي للشعب إزاء تلك السياسات.

 

ثامنا: موقف العلماء والعامة من الحركة وأفكارها:

تصدّى علماء أهل السنّة للمنهج الذي اتخذته «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد» منذ بدايتها، موضحين لقياداتها الزغل المنطوي في منهجهم، كما قاموا بمحاضرات وإصدار كتيبات ومقالات شارحة للمنهج السوي، وجرت مناظرات بين بعض العلماء وقيادات الحركة حول توجهاتها، ولكن أعضاء الحركة يرمون علماء أهل السنّة بالكسل، وعدم التحرك لنصرة الدين.

وقد بيّن العلماء أن الأمر يحتاج إلى اتباع الحكمة والموعظة الحسنة، وليس الأخذ بمنهج العنف ولغة السلاح، ومن جانب آخر، يرون هذه الحوادث فتنة تحتاج إلى التؤدة والدعاء، لذلك يجتهدون في دعاء القنوت في مساجدهم.

وأما العامة؛ فإن موقفهم لم يتغير عن موقف العلماء، لكنهم لا يشعرون تجاه القوات الأمنية النيجيرية بأسى أو تحسّر لما يصيبها، ويرون أنه قصاص لما يلاقيه الشعب على يد رجال الأمن من التعذيب والتصفية الجسدية.

 

الخاتمة:

هذا البحث استعراض وجيز لتاريخ حركة «جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد» (بوكو حرام)، والإشارة إلى الدوافع إلى نشأتها والغرض منها، وثبت لنا أن الحركة لها كيان مؤثّر، وأنها ليست جمعية ربحية، ولا تعمل لأي جهة رسمية أو غير رسمية، ولها اهتمام بطلب العلم الشرعي ونشره، والنهي عن الانضمام في المدارس النظامية الموجودة لمضادة جوانب في مناهجها لتعاليم الإسلام.

ولكن لم يظهر لحد الآن ما يثبت أنها تكفّر سائر المسلمين، وإنما حصرت قتالها ضد ثلاث طوائف، وهم: قوات الأمن، والنصارى، والوشاة بهم، وقد قتلت الآلاف من هذه الطوائف، بمن فيهم أفراد من سائر الشعب، وتعتقد الحركة بذلك أنها تسعى لإعادة الدولة الإسلامية في أرض نيجيريا.

وقامت الحكومة النيجيرية بدحر اعتداءات رجال «بوكو حرام»، واتبعت كل وسيلة متاحة لاصطياد عناصر الحركة، وقد نجحت في إلقاء القبض على ثلاثة من كبار قياداتها.

ويرى الشعب أنه قد طال أمده تحت ظلم الحكام وفساد السياسيين، وهذه المرة قد دارت الكرّة على الظالمين أنفسهم، وبالرغم من ذلك ما زال الرعب مطوقاً لقلوب الشعب النيجيري عامة، لذلك ما زالوا يدعون الله تعالى أن يرفع هذه الفتنة، وينحيها عن هذا الوطن.

 

الهوامش والإحالات:

(*) قسم الدراسات الإسلامية – جامعة بايرو- كنو.

 

(1)عمر الكدي: زعيم «بوكو حرام» النيجيرية.. نهاية غامضة لرجل غامض، على هذا الموقع:

http://www.rnw.nl/arabic/article/15235

(2) أجوبته لتساؤلات بي.بي.سي. بعنوان: BBC Interview with Boko Haram Leader.

(3)شريط «كشف الشهبات».

(4) Nigerian Army attacks Islamist mosque, kill scores،

الرابط: http://www.zeenews.com/news551374.html

(5) نشرت محطة الجزيرة الإنجليزية بعض اللقطات التي ظهر فيها الإعدام العنجهي لبعض المتهمين بالانتساب إلى جماعة «بوكو حرام»:http://www.aljazeera.com/news/africa/2009/07/200973135730251561.html

(6) راجع خبر حوار محمد يوسف مع الجند قبل مقتله : إضغط هنا

(7)جريدة الشرق الأوسط، مقال بعنوان: شرطة نيجيريا: زعيم «بوكو حرام» طلب الصفح قبل قتله: مقتل الملا محمد يوسف زعيم «طالبان نيجيريا» بعد اعتقاله، يوم السبـت 09 شعبـان 1430 هـ 1 أغسطس م2009 العدد 11204، على هذا الموقع:

http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11204&article=529987

(8) Newstime Africa, Mass Burial For Boko Haram Victims, Mass Burial For Boko Haram Victims | Newstime Africa

 

(9) News Africa, Profile: Boko Haram, Tuesday, February 09,2010

http://english.aljazeera.net/news/africa.html

 

Steve Coll reports for The New Yorker, (Think Tank): BokoHaram,July, 2010:

 

http://www.newyorker.com/online/blogs/stevecoll/2009/08/boko-haram.html

 

ومقال: البرلمان النيجيري يدعو للتحقيق بمجزرة بوكو حرام، السبت 13 فبراير 2010م، على موقع: http://www.islamstory.com

 

(10) محيط – جيهان مصطفى: «بوكو حرام».. كابوس أوباما في نيجيريا، على هذا الموقع:

 

http://www.moheet.com/show_files.aspx?fid=332544

 

(11)Ben Shemang, Boko Haram deputy alive, vows to continue anti-Western fight, 02 July 2010: Boko Haram deputy alive, vows to continue anti-Western fight – Nigeria – RFI

 

(12) بي.بي.سي هوسا، أخبار المساء، 24 من يناير 2012م، وكذلك التقارير المنشورة بعنوان:- Nigeria: Boko Haram Widens Terror Compaingn, Bring Attackers to Justice, Step up Security, published by Human Rights Watch, www.org/news/2012/23/nigeria-boko-haram-widen-terror

(13) راجع هذا الموقع لمشاهدة الرجل الذي نفذ العملية، وتحمل الحركة المسؤولية:

(14) http://www.youtube.com/watch?feature=endscreen&v=wqLUUv7G5fg&NR=1

(15) http://www.9jabook.com/forum/topics/sss-arrests-boko-haram-leader-s-wife-son

(16) http://www.bbc.co.uk/hausa/news/2012/02/120201_qaqaarrest.shtml

(17) بي.بي.سي- قسم الهوسا، نهار الثلاثاء 7/2/2012م.

(18) بي.بي.سي- قسم الهوسا، ليلة الخميس 8/2/2012م.

Continue Reading

العالم الإسلامى

المغرب : حوار مع زكرياء بوغرارة وحقائق تنشر لأول مرة في الذكرى الـ11 لتفجيرات الدار البيضاء

Published

on

خاص وحصري – شبكة المرصد الإخبارية

حقائق تنشر لأول مرة عن أحداث الدار البيضاء وعن الانتهاكات في السجون المغربية وعن ملفات المعتقلين والتعذيب والمراجعات وما يسمى ملف السلفية الجهادية، كما يكشف عن حقيقة تعاطي الحكومة المغربية مع الملف بصورة أمنية وتلفيقات وظلم واضح للمعتقلين. ويتحدث عن محنة سجناء قضية فندق أطلس آسني ، كما يتحدث عن تجربته السجنية الخاصة واختص بها شبكة المرصد الإخبارية في ذكرى أحداث الدار البيضاء في الحوار التالي :

· تحل الذكرى الـ11 لتفجيرات الدار البيضاء .. هل لكم أن تعطونا لمحة عن اعتقالكم وكيف تم إقحامكم في هذه الاحداث كنموذج حي لما حصل من انتهاكات صارخة صاحبت تلك الاحداث العام 2003؟

عندما أستحضر من ذاكرتنا الجماعية كبرى عناوين تلك الاحداث لا شك أن القاسم المشترك بينها جميعا هو القهر والظلم بما فيه من مرارات ومعاناة .

في تلك الأحداث كان هناك صنفين من الموقوفين الصنف الأول يعتقل والصنف الثاني يختطف..

كنت ممن اختطفوا.. كان اختطافي في مكان غير بعيد عن جامعة محمد الأول بوجدة وفي عزلة من الناس إذ أن أهم شروط نجاح الاختطاف أن لايكون هناك شاهد عليه ، حتى إن قضى المختطف نحبه اثناء التحقيقات يقولون مات .

في تلك اللحظة انطلقوا بي لإحدى اقبيتهم بمدينة وجدة ومع الفجر حملوني مقمطا كطفل رضيع وزجوا بي في سيارتهم وقال لي احدهم كلمة لازلت اذكرها ” انتم اعتديتم علينا نحن لم نعتدي على احد”.

وبما انني مررت من معتقل تمارة السري من قبل لم يكن الامر مستغربا عندي فقد ذقت لون الاختطاف من قبل وقد وصلت المعتقل بعد يوم ونصف من التفجيرات كان في استقبالنا الحاج لكبير بكلمته الشهيرة التي لخصت كل ما سيأتي من انتهاكات.

هنا دار الحق من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

· كيف ترى الاختطاف كأحد من مروا بتلك التجربة المريرة؟

في تلك المرحلة كان كل مختطف هو بمثابة ميت احتياطي يمكن ان يلفظ انفاسه في المعتقل السري كما يمكنه ان يخرج منه الى السجون حياً مع حفريات عميقة في وجدانه ونفسه المكلومة.. لهذا لم يكن النظام المغربي يعترف بأن لديه معتقلاً سرياً ولا مختطفين خارج دائرة القانون.

انتهت مرحلة التحقيقات بعد اسابيع من وصولي للعتمة وذات فجر اقتحموا زنزانتي المنفردة كانوا كلهم يتشابهون في تفاصيل الوجوه وكما دخلت للمعتقل خرجت منه مقيد اليدين الى الخلف معصوب العينين مع صفعات الوداع من الحاج لكبير وانطلقت بي السيارة من الجديد الى المجهول حتى سلمت على مشارف مدينة تاوريرت الى الشرطة القضائية التي وجهت لي تهمة الفرار !

وقد نقل الاعلام في تلك المرحلة قصة فراري المزعومة واعتقالي . . وكل سرد القصة وكل تفنن في صناعة الكذب بينما الحقيقة انني لا ولم ولن اكون هارباً لسبب بسيط جداً يكمن في عدم وجود اي صلة لي بتفجيرات البيضاء ولا احداثها.

· إذن كيف تم الحاقكم بملف السلفية الجهادية في تلك الاحداث الكبرى؟

بعدعجزهم عن وجود اي صلة يمكن النفاذ منها لتوجيه تهمة المشاركة في احداث البيضاء لم يكن امام الجهات الامنية سوى اتهامي بالتحريض لكتابتي مقالة منشورة بجريدة الحياة المغربية يوم 5 ماي 2003 واعتقال رئيس تحرير الجريدة مستثمرين اعادة نشر نفس المقال من طرف جريدة اخرى يوم 6 يونيه 2003م اي بعد ايام قلائل من المصادقة على قانون مكافحة الارهاب وهكذا اعتقل رئيسي تحرير الجريدتين مع مدير تحرير الجريدة التي اعاد نشر المقال ليتم تقديمنا امام محكمة الارهاب بالرباط يوم 4 اغسطس 2003 في محاكمة اليوم الواحد.

وقد أقحمت في ملفات السلفية الجهادية بعد ان عجزت الاجهزة الامنية ان تجد اي صلة لي بالاحداث.. كأحد منظري التيار وهي التهمة الفضفاضة التي كانت تلفق لكل من وجدوا ان له سابقة في التيار الاسلامي الحركي وقد كان التوجه عقب تلك التفجيرات لاستئصال كل التيار الاسلامي بجميع فصائله وكخطوة اولية كان القرار الحتمي التخلص من كل العناصر المشاكسة وقد كنت معروفا لدى الاجهزة الامنية وسبق لهم اعتقالي والتحقيق معي لكتاباتي العديد من المرات من بدايات العام 1990 وتمت مصادرة بعد كتبي ذات الطابع الادبي والحركي وكما قيل لي في الاقبية ان الحوار الذي اجراه معي صحفي بمجلة المجلة ونشر يوم 16 ماي 2003 هو من عجل بقرار اعتقالي وهو احدى الاسباب الرئيسية لاعتقالي وادانتي فيما بعد علمت ان المجلة قدمت الحوار على اساس انه مع الناطق الرسمي باسم السلفية الجهادية وهذا محض كذب لأن السلفية الجهادية ليست تنظيما ليكون لها ناطق رسمي او اعلامي.

الحقيقة أن المخزن لما وقعت الاحداث وجد نفسه امام صدمة حقيقية أجهزت على الاستثناء المغربي الذي طالما تغنى به وكردة فعل كان الاتجاه للاستئصال هو الخيار المركزي حينها لدى الاجهزة الامنية وهكذا توسعت دائرة الاعتقالات وهي ما اسميه السلسلة .

باختصار ان من حضر العفريت يوم 16 ماي لم يعرف كيف يصرفه الى الآن او أنه ليست لديه نية لذلك ولا زال مسلسل المعاناة متواصلا.

· ماهي برأيكم بعض تفاصيل تلك الانتهاكات الحقوقية الصارخة؟

الإنتهاكات التي صاحبت احداث الدار البيضاء أكبر من ان يرصدها حوار او تنكشها ذاكرة أو تحيط بكل تفاصيلها ذكرى ، ولكن ما حصل انتهاك غير مسبوق للآدمية وللإنسان وكرامته ولكل القيم المشتركة في الكون لان الاحداث شكلت صدمة للجميع صدمة كهربية للنظام الذي لم يمتصها ويحقق العدل والعدالة فيها كما يحدث في أي بلاد تقع فيها احداث وتفجيرات.. اذا لايطال اعتقال اي مواطن الا بدليل قاطع .. لكن المغرب جنح لخصوصيته فتوسع في الاعتقالات والضرب في السويداء وقد لاقى هذا التوجه رضى هائلاً عند الفريق الذي كان يعد العدة للاستئصال الشامل للتيار الاسلامي برمته.

وصدمة اخرى لنا جميعا كضحايا لتلك الاحداث اذ كنا ولا زلنا اكبر المتضررين منها مما عانيناه في المعتقلات وما زلنا نعاني من مخلفاته بعدها وهذا شامل لاكثر من 97 في المئة ممن اعتقلوا في تلك الاحداث اي ان السواد الأعظم ممن مروا بالأقبية ولايزالون في المعتقلات ابرياء.

· هل لكم ان تعطونا لمحة عن تلك الاختطافات والتعذيب والاختلالات التي وقفت عليها من تجربتك وتجارب الاخرين في سجون المغرب؟

طبيعة الاعتقالات والاختطافات هي نفسها تكرس لحتمية السلسلة .. يعتقل فلان وتمارس عليه ابشع أنواع العذاب فيضطر للاعتراف على نفسه فيطلبون منه اسماء معارفه فيعترف بالاسماء مهما كانت بعيدة عن الالتزام فيتم اعتقالها ومن شاء فليبحث عن ملف معتقل من البيضاء كان معروفاً باسم غانغا هذا الرجل كان من أبعد الناس عن الالتزام والاخلاق ومع ذلك لما ورد اسمه في التحقيقات اعتقل وادين بخمسة سنوات سجنا نافذة!

ولانذهب بعيدا فقد اعتقل شقيقي الاصغر بتهمة واهية لا دليل عليها وصدر ضده حكم بالسجن خمس سنوات.. قضاها في السجون فقط لانه شقيقي وكان ضابط كبير يأتي عنده للزنزانة ويقول له انت بريء ونحن على يقين بذلك ولكن ذنبك على اخيك لأنه ينتمي للتنظيمات.

بعد خروجه من المعتقل عومل كأي معتقل سابق بالتضييق والمنع من العمل حتى رخصة السياقة سحبت منه الى الآن باوامر من الجهات الامنية.

وهناك أخ حدثنا أنه من شدة التعذيب اعترف أنه قتل شرطياً في مدينة فاس

ومن نماذج الاعترافات تحت القهر مئات الآلاف من الشواهد . . عندما يضطر المعتقل للفرار من التعذيب مهما كلفه الأمر حتى الاعتراف على نفسه ومن يعرف ومن لايعرف هنا يلجأ للكذب وتنطلق السلسلة التي لا تنتهي.

معظم المعتقلين الاوائل في احداث الدار البيضاء يعرفون قصتي الساك والمقبرة.. عندما اضطر معتقل للاعتراف انه اخفى الساك المفترض للمتفجرات في مدينة الصويرة ..تم نقله الى المدينة العتيقة وكلما اشار لمنزل انه هو المكان المقصود يتم اقتحامه ومداهمته حتى دوهمت عشرات المنازل بلا جدوى لأن الاعتراف كان فراراً من العذاب.

ومثلها قصة المقبرة التي اعترف معتقل انه دفن فيها ساك المتفجرات

وانتقلت الفرق الامنية للمقبرة وتم نكشها رأساً على عقب وفي النهاية اكتشفوا ان الاعتراف لم يكن سوى محاولة للفرار من جحيم العذاب.

نماذج كثيرة دونتها في رواية المتاهة عن تلك التجربة المريرة وحصادها الشنيع . . تكفي لاماطة اللثام عن حقيقة الظلم الذي حصل ولايزال.

· حوكمتم بمقتضى قانون مكافحة الارهاب ماهي الاجواء التي تم تمرير هذا القانون فيها ليصبح ساري المفعول وكيف تنظرون لمستقبل حقوق الانسان مع وجود هذا القانون المثير للجدل مع استمرارية العمل به طيلة الـ11 سنة الماضية؟

ليس سراً ان كل أسباب تمرير القانون الجائر الذي أعد خصيصاً ليكمم افواه الحركة الاسلامية خاصة وأي حركة أحرار عادلة بوجه عام لم يكن بإمكان أحد أن يمنع تمريره خاصة بعد تفجيرات الدار البيضاء وقد تمت المصادقة عليه في اقل من اسبوعين على الاحداث واصبح ساري المفعول من لحظة المصادقة عليه بأثر رجعي يعود لعشرات السنين السابقة يعني ان اعتقلت وحقق معك عن لقاء لك بمجموعة من الاخوة في العام 1990 فسيتم محاكمتك مع من تبقى ممن جلس معك على اساس لقاء تنظيمي وجماعة غير مرخص لها ..

إنه قانون المحاكمة على النوايا والضمائر قانون لم يسبق اليه.. تفنن في العقوبة بكل بطش إن أعنت أحدا بمال ولو ب500 درهم تسمى تمويلاً للارهاب وتحاكم وتغرم وقد شهدت عشرات الحالات الجائرة التي حوكم افرادها بتهمة تمويل الارهاب لمبالغ بسيطة كل هذا حتى لا يعين احد احدا ويجنح الجميع لمذهب السلامة..

قانون مكافحة الارهاب هو ضد اي علاقات اجتماعية بمعنى ان علاقاتك بالناس يمكن ان تزج بك في المعتقلات من خلال السلسلة فلان يعرف فلان وعلان يعرف فلان والتقى به او زوجه وهناك حالات اعتقل افرادها لوساطتهم في زواج او حضور وليمة او عشاء…

انه قانون شبيه بسيف مسرور سياف هارون الرشيد مهمته قطع الرقاب وسيظل فوق رقبة كل مغربي الى ان يزال قانون يحول حريتك في التعبير الى تهمة الاشادة بالإرهاب ويمكن ان تتحول الاشادة بالارهاب الى التحريض عليه قانون ان فعل حرفياً يمكن ان نجد انفسنا نحاكم لحملنا للقرآن او حفظنا له لأن فيه : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب

وفيه : جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم

انه قانون يتحدث عنه الحقوقيون الآن بشيء من الحياء على انه يجب ان يعدل في بعض فصوله لا أن يزال غير أن المطالبة الحقيقية هي بإسقاط القانون حتى يتم الالتفات بعد اسقاطه لفتح ملفات محاكمات هذا القانون لنرى هل تحققت فيها العدالة ؟ والدلائل والحجج ؟ حينها لا بد لنا من انصاف حقيقي لآلاف المظلومين والأبرياء.

ان اسقاط هذا القانون هو الحل الوحيد لتجنيب المغرب هاته المجزرة الحقوقية والخلايا النائمة والغارقة في نومها التي يتم الاعلان عنها كل فترة وهو البداية الحقيقية للتصحيح والانصاف وطي ملف ما احدثه القانون من تفكيك للعلاقات الاسرية وتشريد لعشرات العوائل وتدمير مئات المعتقلين.

· هل تعتقدون ان ملف السلفية الجهادية سيتم حلحلته بشكل جاد والتمهيد لاطلاق سراح المعتقلين خاصة بعد الارهاصات التي تم الحديث عنها بعد القاء الشيخ محمد الفزازي خطبة الجمعة في حضرة محمد السادس؟

من خلال تجربتي في السجون فإن النظام لم يكف يوماً عن التلويح بالحل ولكن وفق معاييره ومقاييسه هذا كان من بدايات الاعتقالات العام 2003م ومقترح الحوار مع العلماء .. ثم كافة مقترحات الحل التي طرحت من بعد وسواء مبادرة محمد زيان المحامي او غيرها التي كانت تأتي من خارج السجن كمقترح حلول.

الشيخ محمد الفزازي الحقيقة انه عمل جاهدا من البدايات على فصل نفسه عن ملفات السلفية الجهادية وفصل عنها بشكل تام من العام 2005 اذ لم تبقى لديه اي صلة بنضالات المعتقلين حتى عندما يقترحون اسمه كطرف في الحل فانهم لايدركون ان الرجل لم يكن مؤثرا في الملف من البدء وانه اختار الانفصال عن المعتقلين منذ ترحيله الى سجن طنجة بعد الاضراب الوطني عن الطعام 2005 ، هذا الانفصال الذي سعى له ينساه البعض عند اثارة الحديث عن حل لملف المعتقلين في السجون.

يجب ان نفهم طبيعة هذا الملف حتى يمكننا ان نحله فالسلفية الجهادية ومعتقلوها تيار ولم يكن يوما جماعة او تنظيماً وهنا تختلف ادوات الحل التي تصعب احياناً وتسهل في أخرى ولكن ان نضع الحل الوحيد لحلحلة الملف هو سبيل المراجعات فهذا ظلم بين يزيد من رهق الظلم الملقى على عاتق الأبرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل في الملف برمته وهم السواد الأعظم من المعتقلين.

أرى أن الخطوة التي اقدم عليها الشيخ محمد الفزازي هي استكمال لمراجعاته التي انطلقت في السجون وتوجت فكره الجديد الذي لا صلة له بفكره القديم قبل الاعتقال.

الاعلام هو من سعى لربط توجهات الفزازي الجديدة بحل الملف على النمط الذي آل له الشيخ بعد خروجه من السجون.. الحقيقة القياس على الفزازي ومراجعاته وقربه الشديد من الفناء المخزني ظلم بين شديد للمعتقلين الذين ظلوا لسنوات يكرسون في كل خطاباتهم وادوات نضالهم ما اسميناه من البدايات بالمظلومية.

قلت الاعلام هو سبب الداء يحول كل شيء الى الجهة التي تخدم الاجندات بعيداً عن النظر في المآلات والخيارات لدى المعتقلين انفسهم.

ما قام به الفزازي هو ليس جديداً على منهجه الجديد بل هو وضوح كامل في الاصطفاف فقد ابدى ندمه على ما بدر منه تجاه فرج فوة الذي قال ذات يوم رحم الله من قتله فهو اذا يغير مكان الاصطفاف ذاك خياره بناء على ما تم مراجعته من مساره في السجون ، اما المعتقلون فلا يحتاجون لإعادة اصطفاف ولا لمراجعات في اعتقادي لأنهم أصلاً في عمومهم لم يكن لهم ما يتراجعون عنه فكراً ولا رأياً او فتوى.

يبقى كل ما أريق من مداد حول الخطبة وتداعياتها هواجس اقلام لها نصيب كبير من المحنة التي يتقلب فيها المعتقلون

· من واقع تجربتكم السجونية كيف تم التعامل مع المراجعات وهل لها افق يمكن يفضي الى حل بالافراج عن المعتقلين وطيف هذا الملف الشائك؟

المراجعات طفت على السطح من خلال الإعلام من البديات ولكنها أخذت زخماً كبيراً من العام 2007 وما سمي حينها مراجعات ابي حفص لكن من واقع التجربة فشلت كل المبادرات في اتجاه المراجعات لأسباب عدة اظهرها أن السلفية الجهادية في السجون تيار وليس تنظيم كما هو الحال في التجربتين المصرية والليبية ثم لأن الاعتقالات في المغرب كانت عشوائية حصدت الاخضر واليابس وبالتالي اصبحنا امام آلاف من المعتقلين بالشبهة والظنة لا صلة لهم بالسلفية ولا عقيدتها ولا المنهج الجهادي اصلا ، فكيف تطلب ممن لا صلة له بالتيار ان يتراجع عن ادبياته التي يجهلها جملة وتفصيلا؟ ، ثم ان ما سمي مراجعات هو اجتهادات افراد او مجموعات من المعتقلين لم تحقق اي شيء من اهدافها أولاً : إصرار السواد الأعظم من المعتقلين على مظلوميتهم .

ثانياً: لرفضها من البعض.

ثالثاً : لعدم ايلاء النظام اي اهتمام لها فالمغرب ليس مستهدفاً وما يتم من اعتقالات وضربات تسمى استباقية تاتي وفق مسار ينتهجه الامنيون اذ لو كان البلد مستهدفاً لكانت الخيارات مختلفة ولربما دعم النظام من يبادر للمراجعات في السجون.. اما والحالة هاته فهي لا تعدو ان تكون صيحة في واد لا تحقق شيئاً والدليل ان ما يسمى الشيوخ منذ اعتقالهم لم يستطيعوا جمع كلمة المعتقلين على خيار واحد حتى مراجعات ابي حفص لم ينخرط فيها الا القلة ممن يرتبطون به.

أقول وأكرر إن الحل ليس في مطلب تراجع المعتقلين بل في فتح ملفاتهم بشكل جدي للانصاف وجبر الضرر واطلاق سراحهم وفق خطة تغلب منطق العدالة التي كانت مفتقدة في المحاكمات يشمل هذا كل المعتقلين بدون استثناءات ظالمة او تفرقة بين ملف وملف وحالة وحالة .

· تحدثتم عن الإعلام ودوره في الاحداث والمحاكمات هل لك أن توضح لنا أي دور قام به الاعلام في احداث الدار البيضاء وما بعدها ؟

الإعلام كان له دور سيء جداً فيما آلت اليه الاوضاع الحقوقية في المغرب فقد برر للجهات الامنية كافة خروقاتها وتوسعها في الاعتقالات وصلت في كثير من الأحيان الى شن حملات تشويه ظالمة للمعتقلين وعوائلهم ونسائهم ومحاكمتهم قبل المثول أمام القضاء وقد اوردت المنظمة المغربية لحقوق الانسان عشرات الحالات لهذه الاختلالات منها حالة خاصة بي اذ حاكمني الاعلام قبل المحاكمة!

ماذا يعني ان تأتي جريدة وتدعي أنني أقف وراء احداث البيضاء بتوصية من المخابرات الجزائرية كما ادعت جريدة صفراء فاقع لونها في الوقت الذي عجزت فيه المخابرات المغربية عن ايجاد اي صلة لي بالاحداث ولو رفيعة كالشعرة..؟. بل ماذا تعني ان تضع جريدة واسعة الانتشار صورتي ومن حولها دائرة من اشلاء من قضوا نحبهم في الاحداث للايحاء باني أقف وراء تلك الأحداث.. في الوقت الذي لم توجه لي اي تهمة بالصلة لا المباشرة او غير المباشرة بالاحداث..

والحالات عديدة تكفي لإعداد دراسة شاملة تكشف الاختلالات العميقة في إعلامنا المسيس والموجه وإلى الآن….

· الاعلام متهم عندك بتمرير انتهاكات 16 مايو اعطنا بعض النماذج الحية ؟

الإعلام كان بيت الداء في أحداث الدار البيضاء وهو من برر الانتهاكات وسوق للأكاذيب والأضاليل التي لا تعد ولا تحصى وهو من مارس فعل الاسترهاب وسحر الأعين والإتيان بسحر عظيم من الكذب يكفي انهم إدعوا ان متهماً يتقن اربعة لغات حية بينما هو لا يعرف كيف يكتب اسمه! وأنهم كتموا الكثير من الحقائق . . وكمثال لذلك لماذا في نشرهم لشهادة محمد العماري المتهم الرئيسي في تفجيرات البيضاء تم حذف فقرة تروي حقيقة ظلت غائبة وهي انهم في يوم 16 ماي لم يستهدفوا المقبرة بالتفجير وأن الذي حصل كما رواه لي عدد ممن كانوا مقربين من الاحداث هو تراجع احد المنفذين وفراره بعد ان لاحقه الناس فانحاز للمقبرة كمحاولة للنجاة وهناك اعترضه مجموعة من الشمكارة ظنا منهم أن الساك الذي يحمله به أشياء يمكن سرقتها ورغم تحذيره لهم إلا انهم لم يتراجعوا وهكذا فجر نفسه…

هناك الكثير مما غيبه الاعلام لأنه لم يكن يخدم الأجندات الآن بعد كل ما مر من السنوات آن لنا ان نقف وقفة تأمل فيما حصل ولنحدد مسؤولية من ساهم في توريط المغرب في سلوك هذا النفق الذي اصبح سلسلة متواصلة من الانتهاكات كرست للظلم والقهر والعنت….

· من خلال تجربتكم السجنية كيف تصف لنا العتمة في كل ابعادها وما هي الدروس المستفادة منها؟

خلاصة تجربتي في السجن دونتها في كلمتي الموسومة بالباقين تحت راية النبي صلى الله عليه وسلم وفيما كتبته داخل العتمة وما تم نشره الى الآن على قلته نظراً للظروف القهرية التي أمر بها منذ خروجي من سجون المملكة.

الحقيقة أن مرحلة السجون كانت مليئة بالدروس أقلها أنها أهلتنا للمضي في الطريق إلى الغاية بإذن الله تعالى…

السجون المغربية لخصها احد الموظفين في كلمة قال أنهم في معهد تكوين الأطر يدرسونهم أن السجون قطاع بغلي وأنهم سيتعاملون مع بغال وأصول التعامل مع البغال معروفة.

لقد قضيت عشرة سنوات من الصراع اليومي مع الجلاد للعيش بالكرامة التي تكفل لي العيش كمعتقل رأي في سجون المملكة الى أن غادرتها لكن كلمة واحدة اقولها سجون المغرب: غابة الجلاد فيها عبارة عن دراكولا…

لا زلنا بعيدين جداً عن حقوق الانسان ويوم يصير هذا العنوان معاشا في حياة الناس يمكن ان اقول أن السجون تغيرت.

ولكن لا اظن….

· ماهي خلاصة شهادتك عن احداث الدار البيضاء باختصار؟

مما لاشك فيه أن أحداث الدار البيضاء خدت في الذاكرة المغربية أخاديد عميقة بما ارتبطت به من أوجاع وأحزان وآلام جسام صاحبت مرحلة مظلمة هي من أكبر المنعطفات العصيبة التي مرت بها الحركة الاسلامية في المغرب إن لم نقل أقواها وأقساها شطرتها عدة اشطار هي أقرب لمشهد الزجاج المنكسر المبعثر في نتوءات المكان الى الآن لايزال الصمت مصاحباً لتلك الاحداث الكبرى وفي رواية تفاصيلها ونكش اوجاعها ونبش اسرارها.

الاحداث قام بها 14 فرداً لا صلة لهم بأي احد خارج دائرتهم المغلقة ولكن الضريبة أداها آلاف المغاربة ومئات العائلات لابد لهم من رد اعتبار وانصاف.

إحدى عشر منهم قضوا نحبهم احدهم في المقبرة التي لم يكن يستهدفها كما سبق ان أشرت آنفا..

والثلاثة أحدهم نجا من الموت الاخ محمد العماري ، أما الاخوين حسن الطاوسي ورشيد جليل فقد تراجعا عن التنفيذ أصلاً وحوكم الجميع بالاعدام…

إن المفتاح الأول للاعتقالات هو محمد العماري إذ اعتقل كل من له صلة به زمالة أوصداقة أو دراسة قديمة او عمل او جيران او حتى مجرد لقاء عابر ونماذج ذلك في السجون العشرات من امثال الاخ عباس لمخربش الذي كان يتناول عنده العمري المأكولات الخفيفة والاخ شعيب نهار الذي كان جاراً له وهو سلفي تقليدي.. حوكم بالسجن عشرين سنة وغيرهما العشرات!!

لقد آن لنا ان نقف وقفة صادقة ونفتح الملف برمته طلباً لتحقيق العدالة المفتقدة واطلاق سراح من تبقى في السجون وجبر الضرر للجميع ممن تلبس بظلم او اعتداء وتعذيب …

حتى يتسنى لنا ان نخطو خطوات واثقة نحو تجاوز مرارة زمن الجمر الاسلامي

· كيف ترون مستقبل التيار السلفي الجهادي في المغرب بعد تجربة طويلة من العمل الاسلامي هل هي اقرب للافول او انها قابلة للتغيير والمراجعة في ظل المتغيرات العالمية الراهنة؟

الحركة الاسلامية في المغرب كلما ازداد البلاء النازل بها زادت يقينا في صحة طريقها الى الله

معلوم ان الحركة منذ ان تم تأسيسها بكل فصائلها التي آلت اليها خرجت من رحم البلاء ولم تندثر او تتقهر او تلوذ للكمون الحاد.

للأسف الآن نشهد انحساراً دعوياً في الساحة وغياباً لتلك الروح التي كانت تسري في الحقل الاسلامي لاعتبارات متعددة..

المستقبل لايزال للتيار السلفي الجهادي لأنه يمتلك بشهادة العدو والصديق عقيدة صلبة واضحة وقدرة على تحويل الانتكاسات الى انتصارات والدليل انه رغم الحصار والمحاكمات في التيار الاسلامي ظلت المجموعات الساعية للتغيير تعمل حركة المجاهدين نموذجا.

الآن في مرحلة هي منعطف لاحب الخيار هو نصرة الشريعة ونحن امام افلاس اقتصادي عالمي وانهيار اخلاقي ضجت به الارض وانتفاضة الشعوب التواقة للحرية وللكرامة كل هذا يجعلنا امام مستقبل واعد للتيار الاسلامي سمه ما شئت…

ولكن تسميته الحقيقية هي الاسلام عندما قلت نصرة الشريعة يعني مطلب تحكيمها وعودتها لأنها الحل لكل افلاس في الاخلاق او الاقتصاد او السياسية والحل للحريات وللكرامة البشرية.

من سنين طويلة كان يحقق معي ضابط في الجهاز الامني فقال لي كلمة لا زلت اذكرها لا أعرف هل كان يقولها لمجرد جس النبض أم انها كانت قناعة راسخة لديه ؟ بها اختم جوابي ، قال: نحن لانعمل اكثر من تأخير الخلافة على منهاج النبوة ، المهم ان نؤخرها ما استطعنا اما التيار الاسلامي فهو قادم حتمية قدومه تكون في أفق عشرين سنة ستصلون للحكم وربما بعدها للخلافة.

كان هذا قبل عشرين سنة تقريبا . . فقارب الحالة الاسلامية اليوم وتأمل.

· تحدثتم في رسائلكم الثلاثة عقب توجيه رسالة مفتوحة لوزير الداخلية عن ضرورة جبر الضرر للمعتقلين المفرج عنهم ما هي برأيكم اكبر التحديات امامكم كمعتقلين اطلق سراحكم حديثاً للاندماج في المجتمع والانتقال لمرحلة يتم فيها تجاوز التجربة السجونية ؟

الملف مرتبط ببعض ما دام هناك معتقلين لن يكون هناك ادماج لمعتقلين سابقين لأن المعتقلين الجدد دائما تسحبهم السلسلة.. فالسجون لاتزال تغص بعمارها.. إن أوجه تشبيه للحالة المغربية أننا أمام سلسلة لن تنتهي الا بالغفران الحقيقي يعني لابد من حل من إنصاف.. يكون على اساس جبر الضرر الذي طال المئات في أرزاقهم وسمعتهم وأعمالهم، قضوا سنيناً طويلة في السجون بلا دليل سوى ضريبة التوجه الرسمي للضرب في السويداء اذكر ان احدهم قال لي اثناء التحقيق معي : نحن لا نظلم احداً، اتعرف لماذا؟ لأننا نضرب الجميع الظالم والمظلوم لكي لا يفلت الظالم الذي قام بالاحداث لابد من مظلومين لتحقيق العدالة… منطق غريب شاذ.

لقد صادروا مني اموالاً ثم وجهوا لي تهمة التمويل التي لم يقم عليها ربع دليل وتحديتهم مراراً باعادة محاكمتي ان ثبت دليل على انني استحق ما قضيته في السجون ولكن لا حياة لمن تنادي الى الآن حريتي منقوصة بلا مأوى ولا عمل محاصر مضايق في كل شيء.

لن نخرج من هذا النفق الا بحل جريء يوقف هاته السلسلة

يومها نتحدث عن مرحلة ما بعد رد الاعتبار وجبر الضرر الذي تسببت فيه الدولة

انهم لا ينظرون لنا الا على اساس اننا بنوك معلومات يمكن ان تجدي مراقبتنا والتضييق علينا في تطويعنا او كخلايا افتراضية ستعتقل ذات يوم مثلها كمثل العجل الذي يسمن للذبح اذن حريتنا منقوصة كمواطنتنا المنقوصة التي لا تكفل لنا حتى الحصول على شهادة سكن.

· تحدثتم عن محنة المعتقلين من مجموعة اطلس اسني كيف ترون الحل لهذا الملف القديم الشائك الذي جاوز العشرين سنة من الاعتقال مقارنة مع باقي الملفات السياسية في المغرب؟

الاخوان رضوان حمادي وسعيد آيت يدر الحكومان بالاعدام في قضية اطلس اسني العام 94

يحتاج ملفهما إلى تحريك جدي حقوقياً وانسانياً فقد قضيا مرحلة السجن في أقسى حالاتها إالى الآن منها 14سنة عزلة كاملة في أشنع الظروف بسجن سلا وعندما تمت إعادتهما للسجن المركزي القنيطرة حي باء المعروف بالاعدام لم يختلف وضعهما كثيرا بل زادهم السجان رهقاً لا شك ان احداث اطلس اسني وقعت في ظروف خاصة ومرحلة من الاحتقان في زمن الجمر المغربي في عهد الحسن الثاني اليوم يجدر بمن يهمهم الأمر ان يلتفتوا لما تبقى من تلك التركة لتصفيتها نهائياً ، لقد تم اطلاق عدد من المعتقلين السياسيين والاسلاميين ومن ذوي الاحكام الثقيلة العام 2004 قبل اطلاق مسمى الانصاف والمصالحة وتم استثناؤهما حتى في التخفيف من الحكم!

الآن بعد عشرين سنة لا يليق بنا أن نواصل اهمالهما مراعاة لظروفهما في الاعتقال ناهيك عن ان ملفات جد حساسة تم طيها سواء على مستوى المعتقلين من الحق العام فمنهم من قتل العديد وقام بأشنع الجرائم واطلق سراحه قبل اتمام المحكومية بالاعدام اي في 17 سنة فقط من الاعتقال .

اما في الحالات السياسية فعندنا مجموعة حسن اغيري التي حوكمت بتهريب كميات معتبرة من الاسلحة اطلق سراحهم بعد قضاء نصف المدة واقرب حالة لهم المعتقلين السابقين من الشبيبة الاسلامية الشايب وشهيد كانا محكومين بالاعدام مرتين وتلبسا بالدم في قتل حارس سجن اثناء محاولتهما الفرار، وقد تم التعاطي مع ملفهما بتخفيض الحكم نظراً للمدة المعتبرة التي قضياها في السجون اذ اطلق سراحهما بعد ان حدد الحكم النهائي في 25 سنة سجنا الحلول موجوة لابد ان تتوافر عند من يهمهم الأمر الحقوقي والسياسي الارادة لطي هذا الملف نهائيا.

واننا نرنو لاطلاق سراحهما مع حل شامل للمعتقلين الاسلامين في سجون المملكة لنطوي ملف الاعتقال السياسي بصفة نهائية لو توافرت النوايا الحسنة قل عسى ان يكون قريبا.

· كلمة اخيرة لكم في ذكرى احداث 16 ماي ؟

في المغرب لا زلنا نشهد المسلسل المتواصل الذي كرسته السلسلة التي انطلقت يوم من 16 ماي

ولاتزال الاعتقلات والخلايا الى الآن لدينا ازيد من مئة معتقل فقط من العائدين من الشام

لابد للسلسلة من غفران حقيقي الغفران هو ان يكون للمغرب ارادة في ان يخرج من نفق مكافحة الارهاب بإسقاط ذلك القانون المثير للجدل حتى يعيش الناس احراراً كما خلقهم الله يعبدون رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.

Continue Reading
Advertisement
MEDIUM RECTANGLE