Connect with us

Published

on

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

 فيتابع العالم جميعاً الاستعدادات الكبرى للدورة الأوليمبية المقامة في بكين -عاصمة دولة الصين-، فها قد وصلت الشعلة الأوليمبية إيذاناً بابتداء الحشد العالمي للهو واللعب، فسياسة القوم هي إغراق الشعوب في الملهيات، إما في بحور الشهوات كالمخدرات والفنون العاهرة، أو ما يزعمون من الرياضة. فالمسلم لا ينخدع ببهرجتهم، بل له نظر وفكر يختلف عن غيره.

 قد هيــئوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

 الصين تتجمل:

 لا شك أن هذه الدولة الظالمة الغاشمة تحاول أن تحسن من صورتها القبيحة أمام العالم الذي لا ينسى لها بطشها حتى بأبنائها -”كالتنكيل بحركة الطلاب في الميدان السماوي”-، فضلاً عن محاولتها السيطرة على تايوان والتبت، ورغم كل هذه الأخبار عن هؤلاء المضطهدين، بل وتوقير بعضهم -”كمنح الدلاي لاما المعارض التبتي جائزة نوبل للسلام”-، فلا أخبار عن المسلمين في الصين. فهل في الصين مسلمون؟

 المسلمون في الصين:

 نعم أخي الحبيب، هناك مسلمون بالصين، فلقد وصل الإسلام إلى بلاد الصين قديماً جداً -”29هـ تقريباً”-، ولكن هناك تعمية مقصودة عن أخبار المسلمين هناك، فيصدق عليه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَكِنَّ حَمْزَةَ لاَ بَوَاكِيَ لَهُ) رواه ابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح.

 قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ) رواه أبو داود، وصححه الألباني.

 قال -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ) رواه مسلم.

 وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم.

 والمسلمون في الصين قسمان:

 – قسم يعيش في دولة الصين.

 – قسم يعيش في إقليم تركستان الشرقية، وهي دولة إسلامية اغتصبتها الصين ولا تزال تحتلها حتى الآن.

 ويتراوح عدد المسلمين في القسمين معاً ما بين (24 مليون نسمة) وهي الإحصائية الرسمية للحكومة الصينية، وإن كانت إحصائيات أخرى غير رسمية تشير إلى أن عدد المسلمين قد يصل إلى 100 مليون نسمة.

 الصين والإسلام:

 الصين دولة واسعة تزيد مساحتها عن تسعة ملايين كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة.

 وصل الإسلام إلى الصين عن طرق ثلاث:

 1- طريق الفتح، وهو ما يخص تركستان الشرقية؛ إذ فتحها قتيبة بن مسلم الباهلي، ودخل مدينة كاشغر عام 96هـ.

 2- طريق التجارة البحرية في المناطق الساحلية.

 3- طريق الدعوة والانتقال إلى المناطق الداخلية لاسيما المجاورة لتركستان الشرقية.

 يقسم الصينيون تاريخهم إلى سبع مراحل حسب الأسر الحاكمة أو الأنظمة القائمة، وهي:

 1- عهد تانغ: التاريخ القديم.

 2- عهد سونع: 308 – 675هـ. (920 – 1276م).

 3- عهد يوان “العهد المغولي”: 675 – 769هـ. (1276 – 1367م).

 4- عهد منغ: 770 – 1052هـ. (1368 – 1642م).

 5- عهد تسونغ “العهد المانشوري”: 1054 – 1329هـ. (1644 – 1911م).

 6- العهد الجمهوري: 1329 – 1369هـ. (1911 – 1949م).

 7- الحكم الشيوعي: 1369هـ. (1949م).

 أولاً: المسلمون في تركستان الشرقية (فلسطين الشرق):

 تركستان: مصطلح تاريخي يتكون من مقطعين، “ترك” و”ستان”، ويعني أرض الترك، وتنقسم إلى “تركستان الغربية” أو آسيا الوسطى التي تشغل الثلث الشمالي من قارة آسيا، ويحدها من الشرق جبال “تيان شان”، ومن الغرب “جبال الأورال” و”بحر قزوين”، ومن الشمال سلاسل جبلية قليلة الارتفاع، ومن الجنوب هضبة. أما تركستان الشرقية الخاضعة الآن للصين، وتعرف باسم مقاطعة “سكيانج”، فيحدها من الشمال الغربي ثلاث جمهوريات إسلامية هي: كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيستان، ومن الجنوب: أفغانستان، وباكستان، ومن الشرق أقاليم التبت الصينية.

 وتبلغ مساحة تركستان الشرقية حوالي (1.8مليون كم2)، أي خُمس مساحة الصين، وهي تعد أكبر أقاليم الصين، ويزيد عدد سكانها على (25) مليون نسمة، ويتكون سكانها المسلمون من أجناس مختلفة: كالأجور وهم يشكلون غالبية الإقليم، والتركمان، والقازاق، والأوزبك، والتتار، والطاجيك، ونسبة المسلمين بها حوالي 95%..

 وقد أطلق الصينيون على تركستان الشرقية اسم “سكيانج”، وتعني الوطن الجديد، أو المستعمرة الجديدة، وكانت تتمتع قديمًا بأهمية كبيرة في التجارة العالمية؛ فكان طريق الحرير المشهور يمر بها ويربط الصين ببلاد العالم القديم والدولة البيزنطية.

 أما حديثًا فهي غنية بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية، فتمتلك احتياطيا ضخما من البترول ينافس احتياطي دول الشرق الأوسط، وتمتلك من الفحم ما يعادل (600) مليون طن، وبها أجود أنوع اليورانيوم في العالم، ويستخرج من ستة مناجم بها؛ لذا فهي عصب اقتصاد الصين وعصب صناعاتها الثقيلة والعسكرية، فالصواريخ الصينية النووية، والصواريخ البالستية عابرة القارات تنتج في تركستان الشرقية.

 الإسلام في تركستان:

 كانت بداية وصول الإسلام إلى تركستان- بصفة عامة- في خلافة “عثمان بن عفان” -رضي الله عنه- على يد الصحابي الجليل “الحكم بن عمرو الغفاري”، بيد أن مرحلة الفتح الحقيقية كانت في عهد الخليفة الأموي “عبد الملك بن مروان” على يد قائده الباسل “قتيبة بن مسلم الباهلي” الذي تمكّن في الفترة من (83- 94هـ – 702- 712م) من السيطرة على ربوع التركستان ونشر الإسلام بين أهلها، ثم دانت لحكم العباسيين بعد سقوط الخلافة الأموية.

 وفي فترات ضعف الخلافة العباسية قامت في المنطقة مجموعة من الدول المستقلة، ثم حكمها المغول بعد قضاء “جنكيز خان” على الدولة الخوارزمية سنة (628هـ – 1231م).

 وتوطد الإسلام في تركستان الشرقية، سنة ( 322هـ – 934 م)، بعد ما اعتنق الخان “ستاتول بوجرا”، الذي أصبح حاكمًا للإقليم الإسلام، وأسلم لإسلامه معظم السكان، وبمرور الوقت أصبح شرق تركستان مركزًا رئيسيًا من مراكز الإسلام في آسيا.

 الصين وتركستان الشرقية:

 جاءت أسرة المانشو إلى الحكم في الصين سنة (1054هـ – 1644م)، وكانت الأوضاع المستقرة للمسلمين في الصين قد أفرزت علماء متخصصين في علوم القرآن والحديث والفقه والتوحيد، بالإضافة إلى قيادات فكرية رفيعة المستوى، مثل: الشيخ “وانج داي يو”، و”مافوتشو” الفقيه المرموق، وبدأ عهد أسرة مانشو بداية لا تبشر بخير؛ إذ بدأت حملة من الاضطهاد والعذاب للمسلمين في الصين، اضطر المسلمون خلالها إلى رفع السلاح -لأول مرة في تاريخ الصين- سنة (1058هـ – 1648م) مطالبين بالحرية الدينية، وهو ما كلفهم الكثير من الدماء والأرواح، وقتل مئات الآلاف من المسلمين، وقُمعت ثورات المسلمين بقسوة شديدة وصلت إلى حد المذابح والإبادة الجماعية، وكانت هذه الفظائع تجري خلف أسوار الصين، دون أن يدري بها أحد في العالم الإسلامي.

 وقد استولى الصينيون على تركستان الشرقية سنة (1174هـ – 1760م) بعد أن ضعف أمر المسلمين بها، وقتلت القوات الصينية وقتها مليون مسلم، وألغى الصينيون نظام البكوات الذي كان قائمًا بها، ووحدوا أقسام تركستان في ولاية واحدة، كما اتبعت الصين سياسة استيطانية في تركستان الشرقية؛ حيث عملت على نقل كتل بشرية صينية إلى هذه المنطقة، وهذا ما يسمى بسياسة “تصيين تركستان الشرقية”؛ فقام المسلمون بثورات عنيفة، منها:

 ثورة “جنقخ” سنة (1241هـ – 1825م)، واستمرت سنتين، ولم تهدأ ثورات المسلمين طوال مائة عام.

 منها: ثورة سنة (1272هـ – 1855م) التي استمرت عشرين عامًا، بقيادة “يعقوب بك”، وسجلت أحداثها في كتاب من (330) جزءا.

 وقد تمكن المسلمون بعدها من الاستقلال بتركستان الشرقية سنة (1282هـ – 1865م)، وذلك أثناء الصراع مع أسرة مانشو، ولم تجد هذه الدولة الوطنية تأييدًا ولا اعترافًا من العالم، واستطاعت الصين مهاجمتها واحتلالها مرة أخرى سنة (1292هـ – 1875م).

 وتعرضت تركستان الشرقية لأربع غزوات صينية منذ عام (1277هـ – 1860م)؛ مرتين في عهد أسرة المانشو، ومرة في عهد الصين الوطنية، ومرة في عهد الصين الشيوعية. وقد أدت هذه الثروات والمذابح الصينية إلى إبادة كثير من المسلمين وحدوث عدة هجرات من هذا الإقليم إلى المناطق المجاورة.

 وقد قامت ثورة عارمة في تركستان الشرقية ضد الصين سنة (1350هـ – 1931م)، كان سببها تقسيم الحاكم الصيني المنطقة التي يحكمها “شاكر بك” إلى وحدات إدارية، فبدأ التذمر، ثم وقع اعتداء على امرأة مسلمة من قبل رئيس الشرطة، فامتلأ الناس غيظًا وحقدًا على الصينيين، وتظاهروا بإقامة حفل على شرف رئيس الشرطة وقتلوه أثناء الحفل مع حراسه البالغ عددهم اثنين وثلاثين جنديًا.

لقد كانت ثورة عنيفة، اعتصم خلالها بعض المسلمين في المرتفعات، ولم تستطع القوات الصينية إخمادها، فاستعانوا بقوات من روسيا لم تُجْدِ نفعًا مع بركان الغضب المسلم، فانتصر المسلمون عليهم، واستولوا على مدينة “شانشان”، وسيطروا على “طرفان”، واقتربوا من “أورومجي” قاعدة تركستان الشرقية.

 وأرادت الحكومة الصينية تهدئة الأوضاع فعزلت الحاكم العام؛ غير أن المسلمين كانوا قد تمكنوا من الاستيلاء على “أورومجي”، وطرودا الحاكم العام قبل أن تعزله الدولة، وتسلم قادة المسلمين السلطة في الولاية، ووزعوا المناصب والمراكز على أنفسهم، فما كان من الحكومة الصينية إلا أن رضخت للأمر الواقع، واعترفت بما حدث، وأقرّت لقادة الحركة بالمراكز التي تسلموها.

 وقد امتدت الثورة إلى منطقة تركستان الشرقية كلها، وقام عدد من الزعماء بالاستيلاء على مدنهم، ثم اتجهوا إلى “كاشغر” واستولوا عليها، وكان فيها “ثابت داملا” أي الملا الكبير، فوجدها فرصة وأعلن قيام حكومة “كاشغر الإسلامية”، أما “خوجانياز” أو “عبد النياز بك”، فقد جاء إلى الثائرين في كاشغر ليفاوضهم وينهي ثورتهم، إلا أنه اقتنع بعدالتها، فانضم إليهم وأعلن قيام حكومة جديدة باسم “الجمهورية الإسلامية في تركستان الشرقية” -وكان ذلك في (21 رجب 1352هـ – 12 نوفمبر 1933م)- على المبادئ الإسلامية، وقد اختير “خوجانياز” رئيسًا للدولة، و”ثابت داملا” رئيسًا لمجلس الوزراء.

 ولم تلبث هذه الحكومة طويلاً، ويذكر “يلماز أوزتونا” في كتابه “الدولة العثمانية” أن الجيش الصيني الروسي استطاع أن يهزم “عبد النياز بك” مع جيشه البالغ (80) ألف جندي، بعدما استشهد “عبد النياز” في (6 جمادى الآخرة 1356هـ – 15 أغسطس 1937م)، وبذلك أسقط التحالف الصيني الروسي هذه الجمهورية المسلمة، وقام بإعدام أعضاء جميع أعضاء الحكومة مع عشرة آلاف مسلم. وحصل الروس مقابل مساعدتهم للصين على حق التنقيب عن الثروات المعدنية، واستخدام عدد من الروس في الخدمات الإدارية في تركستان الشرقية.

 وقد قامت ثورة أخرى بقيادة عالم الدين “علي خان” في عام (1364هـ – 1944م)، وأعلن استقلال البلاد، غير أن روسيا والصين تعاونتا على إحباط هذا الاستقلال، وقام الروس وعملاؤهم باختطاف قائد هذه الثورة الإسلامية، وتم إرغام الوطنيين على قبول صلح مع الصين مقابل الاعتراف بحقوقهم في إقامة حكومة من الوطنيين وإطلاق يد زعمائهم في شؤونهم الداخلية.

 وقد حصلت تركستان الشرقية على الاستقلال الذاتي سنة (1366هـ – 1946م)، وتم تعيين “مسعود صبري” رئيسًا للحكومة، فاتبعت الحكومة الوطنية الجديدة سياسة حازمة لإضفاء الصفة الوطنية على كل المؤسسات، وقد استطاع المسلمون في تركستان الشرقية أن ينظموا أنفسهم أثناء الحرب العالمية الثانية، فأنشئوا مطبعة وعددا من المدارس، وأصدروا مجلة شهرية باللغة التركية، وبعد انتهاء هذه الحرب اجتاحت القوات الصينية الشيوعية هذه المنطقة سنة (1368هـ – 1949م)، بعد قتال عنيف متواصل مع المسلمين، استمر في بعض المعارك عشرين يوما متواصلة.

 وقد بدأ الشيوعيون منذ احتلالهم بارتكاب مذابح رهيبة، أعقبها استقدام مهاجرين صينيين بأعداد ضخمة في عملية احتلال استيطاني واسعة؛ وذلك للتقليل من عدد أهل البلاد المسلمين، وألغى الصينيون الملكية الفردية، واسترقوا الشعب المسلم، وأعلنوا رسميًا أن الإسلام خارج على القانون، ويعاقب كل من يعمل به، ومنعوا خروج التركستانيين الشرقيين خارج البلاد، كما منعوا دخول أي أجنبي إليهم، وألغوا المؤسسات الدينية وهدموا أبنيتها، واتخذوا المساجد أندية لجنودهم.

 وغيروا الأبجدية الوطنية بحروف أجنبية، وجعلوا اللغة الصينية اللغة الرسمية، واستبدلوا بالتاريخ الإسلامي تعاليم “ماوتسي تونج”، وأرغموا المسلمات على الزواج من الصينيين، ولم يتوقف هذا الحقد الأسود الدفين تجاه المسلمين الذين تعرضوا لجهود دولة كبرى لاسترقاقهم وطمس الإيمان في قلوبهم، ولما قامت الثورة الثقافية في الصين زاد الأمر سوءا، وزادت حدة اضطهاد المسلمين، وكان ضمن شعارات الثورة: “ألغوا تعاليم القرآن”.

 ورغم هذا الكبت والاضطهاد فقد استمرت ثورات المسلمين العنيفة التي تعمل الصين على إخفاء أبنائها عن العالم، ومنها ثورة (1386هـ – 1966م) في مدينة “كاشغر”، التي حاول فيها المسلمون أداء صلاة عيد الأضحى داخل أحد المساجد، فاعترضتهم القوات الصينية وارتكبت في حقهم مذبحة بشعة، وانتشرت الثورة في الإقليم، وقام المسلمون بحرب عصابات ضد الصينيين، واستشهد في هذه الثورة -خلال أحد شهورها- حوالي 75 ألف شهيد، ولا تكف الأخبار عن تناقل أنباء انتفاضات للمسلمين في تركستان الشرقية ضد الاحتلال الصيني الدموي اللاإنساني.

 ثانياً: المسلمون في بقية أقاليم الصين:

 بدأ الإسلام بالصين عن طريق انتقال الدعاة من تركستان الشرقية إلى القرى المجاورة، وأيضاً عن طريق التجارة البحرية مع مدن الساحل الصينية كمدينة (كانتون) ومنها إلى مدن (تشوان تشر)، (يانج تشو) على ضفاف نهر (يانج تس).

 العهد المغولي:

 وقد زاد نفوذ المسلمين في العهد المغولي بعد أن مال بعض ملوك المغول للإسلام، ونتج عن ذلك هجرة بعض الجنود المسلمين من تركستان وبلاد ما وراء النهر إلى بلاد الصين، وترقيهم في المناصب.

 ولعل أشهر هؤلاء القادمين كان سيد الأجل شمس الدين عمر الذي جاء عام 657 كضابط في الجيش، ثم أصبح حاكماً عسكرياً في مدينة (تاي يوان)، ثم حاكماً لمدينة (بنيانغ)، ثم نقل إلى منصب القاضي إلى مدينة (ينينغ) أي بكين، ثم حاكماً عليها.

 ثم أصبح مديراً سياسياً في بلاط (قبلاي خان)، ثم عُيِّن عام 671هـ حاكماً على ولاية (ستشوان)، ثم حاكماً لولاية (يونّان) عام 673هـ، وقد أنشأ المدارس والمعاهد الدينية في هذه الولاية، وتوفي وترك خمسة أولاد، لهم كلهم دور في الإدارة، وكانوا من كبار الموظفين في الدولة. وهذا أنموذج من أثر المسلمين في عهد المغول، إذ كان المسلمون حكام ثمان ولايات من أصل اثنتي عشرة ولاية تتألف منها دولة الصين.

 ولم يتغير وضع المسلمين كثيراً في عهد أسرة منغ (770 – 1052هـ)، وإن كان قد تأثروا بالحياة الصينية واندمجوا فيها مع الاحتفاظ بالسمة الإسلامية الكاملة، وكان لهم دور كبير في الدولة أيضاً.

 وجاءت الأسرة المانشورية إلى الحكم “تسونغ” (1054 – 1329هـ).، فتغير وضع المسلمين عما كان عليه سابقاً، فقاموا بالحركات التي اضطروا عليها.

 وأخطر ما في الأمر أن اثنين من قواد المسلمين قد وقفا بجانب (ينغان وانغ) آخر أمراء أسرة (منغ) في محاولة لاستعادة الملك، وهما: (ينغ كوتونع) و(ميراين)، إذ رفعا العصيان في لاية (كانسو) عام 1058هـ -(1684م)-، ففشلت الحركة، وقتل خمسة ألاف مسلم. وهذا ما جعل الحكم المنشوري يشك في نوايا المسلمين تجاهه، فزاد حقد الحكام على المسلمين، وانتظروا الفرصة المناسبة للنيل منهم، وكره المسلمون الحكام لهذا، وأساءوا الظن بهم، وتمنوا الخلاص منهم، وقاموا بالحركات ضدهم، ومن هذه الحركات:

 1- ثورة لانتشو عام 1196هـ.

 2- ثورة شانس عام 1279هـ (1862م).

 3- ثورة كانسو عام 1288هـ.

 4- ثورة يونان عام 1233، 1241.

 ويبدو أن الضغط الشديد الذي مارسه الأباطرة المانشوريون ضد المسلمين قد جعل المسلمين يركنون إلى الهدوء، ويلجئون إلى الجانب السلمي، كما رغب الأباطرة بالحل نفسه، ووافقوا على إعطاء ترخيص لإمام مسجد بكين (إلياس عبد الرحمن وانغ) بإنشاء معهد إسلامي يدرّس باللغة العربية، وذلك عام 1321هـ.

 وكان السلطان العثماني “عبد الحميد الثاني” يدعو إلى الجامعة الإسلامية، ورغب في معرفة أخبار المسلمين في الصين فأرسل أحد رجاله، ويُدعى “أنور باشا” لهذه الغاية، ولكن المبعوث لم ينجح فيما أرسل من أجله، غير أن إمام مسجد بكين “إلياس عبد الرحمن وانغ” قد زار استانبول، والتقى بالسلطان، واقترح عليه إرسال بعثة للصين، فوافق السلطان وأرسل اثنين هما: حسن ورضا حافظ، فأسسا مدرسة في مسجد بكين، وبلغ عدد طلابها مائة وعشرين طالباً. غير أن السلطة الصينية قد لاحقت هذين المبعوثين بحجة اتصالهما بالمسلمين وتطوافهما في مراكز المسلمين.

 فالتجأ الرجلان إلى سفارة ألمانيا في بكين… وأخبرت السفارة الألمانية استانبول بذلك غير أن السلطات الصينية لم ترع حصانة للسفارة فاقتحمت السفارة، وفرَّ الرجلان إلى السفارة الفرنسية فحمتهما، وأعادتهما إلى استانبول.

 المسلمون في العهد الجمهوري:

 إن نتيجة اضطهاد الحكم المنشوري للمسلمين جعلهم يُؤيِّدون قيام الحكم الجمهوري الذي قاده (سون يان سين)، والذي لُقِّب بأبي الجمهورية، هذا إضافة إلى عدم الرضا عن الحكم السابق والناشئ من الاضطرابات والفوضى وعد الاستقرار، وقد تمكن أنصار الحكم الجمهوري على البلاد عام 1329هـ، وتأسست الجمهورية -حسب أقوال أنصارها- على الوطنية والديمقراطية والمساواة، وعُدّ المسلمون أحد العناصر الخمسة التي تتكون منها الأمة الصينية -على رأيهم- وهي:

 1- العنصر الصيني.

 2- العنصر المانشوري.

 3- العنصر المغولي.

 4- العنصر الإسلامي (الهوي).

 5- عنصر التيبت.

 وقد تأسست عدة مؤسسات إسلامية في العهد الجمهوري، مثل جمعية التقدم للمسلمين، وجمعية الأدب الإسلامي، والمدرسة الإسلامية في شنغهان.

 الغزو الياباني والمد الشيوعي:

 زادت أطماع اليابانيين في الصين بعد الحرب العالمية الأولى فقامت باحتلال إقليم منشوريا عام 1350هـ، وحاولت كسب دور المسلمين، فأقامت ما يسمى باتحاد المسلمين بالصين، وصاحب ذلك انتشار المد الشيوعي في الأقاليم الصينية الشمالية، ونظراً للضعف الإيماني لدى بعض المسلمين فقد مال البعض إلى اليابانيين، بينما انخدع البعض بالشيوعيين.

 انحصرت الحكومة الوطنية الصينية في الجنوب، ثم بعد انتهاء الحرب العالمية تمكن الشيوعيون بمساعدة روسيا من السيطرة على البلاد، ولجأت الحكومة الصينية الأصلية إلى مكاو تحت الحماية الإنجلو أمريكية.

 الحكم الشيوعي:

 عندما سيطر الشيوعيون على الصين في مطلع عام 1369هـ انتقلت حكومة الصين الوطنية إلى تايوان، وانتقل معها عدد من المسلمين، ولكن الشيوعيين أظهروا شيئاً في التسامح الديني في بداية أمرهم كي يثبتوا أقدامهم، غير أن هذا التسامح كان مخططاً له، ومن أجل تقييد حرية المسلمين حتى لا يتصرّفوا أي تصرف إلا برأي الحزب، وكي يعطوا معلومات للزوار تنسجم وما يريدون، وليطبعوا باسم الإسلام كتباً مضلة. من أجل هذا كله شكلوا جمعية في البر الصيني حملت اسم: “الجمعية الإسلامية الشعبية”.

 وقد قامت هذه الجمعية بإنشاء عدد من المراكز التعليمية والاجتماعية والتي حملت اسم الإسلام أيضاً. وألفت الكتب عن الإسلام حسب وجهة نظر الشيوعية، كما طبعت القرآن الكريم، وبهامشه تفسير حسبما يرى رجال الحزب.

 ولما تعمقت جذور الشيوعية كشفت عن وجهها القبيح، وسامت المسلمين العذاب، فبدأت بمصادرة الأوقاف الإسلامية، وتم إجبار المسلمين على إرسال أبنائهم وبناتهم للعيش في معسكرات مختلطة، ولما احتج بعض المسلمين كان جزاؤهم السجن أو النفي. وتم منع البعثات إلى الأزهر الشريف، وتقييد عدد الحجاج إلى البيت الحرام.

 وزاد الأمر سوءاً مع بداية الثورة الثقافية عام1386هـ، إذ أغلقت الكثير من المساجد، وأُبيد الكثير من الفئات المعارضة، وبعد موت ماوتس تونج عام 1396هـ خفت القبضة الحديدية عن المسلمين من أجل تحسين الصورة الخارجية للصين أمام العالم.

 أبرز المشكلات التي تواجه المسلمين في الصين:

 يعدّ التنصير من أبرز المشكلات التي تواجه المسلمين في الصين، ويعمل المنصِّرون الغربيون على تنصير المسلمين بشكل مكثف عبر طرق عديدة، منها: الإذاعات الموجهة لهم من هونج كونج، وفرنسا، وبريطانيا، وأمريكا، كما تقوم الجمعيات التنصيرية بتكثيف بناء الكنائس، فقد وصلت عدد الكنائس في الصين إلى (30 ألف كنيسة)، أما المساجد فهي (50 ألف مسجد)، رغم الفرق الهائل بين عدد المسلمين الصينيين والنصارى، وتقوم الكنائس بالتنصير عن طريق الدعم المادي، وتوزيع المكافآت على من يدخل الكنائس، كما توزع الكنائس كتباً باللغات المحلية توضح فيها أوجه الاتفاق بين الإسلام والنصرانية للدخول إلى قلوب العامة من المسلمين.

 ويشير بعض المسلمين إلى أن الحكومة الصينية بدأت تلتفت إلى حركات التنصير المكثفة واعتقلت بعض القسس.

 غياب الهوية الإسلامية للبارزين من المسلمين:

 رغم وجود العديد من المسلمين الذين يتولون مناصب مهمة في الدولة، ووجود بعضهم في وظائف التدريس في التخصصات العلمية، إلا أنه لا يوجد لكثير منهم أي مظهر من مظاهر الإسلام أو العمل الإسلامي.

 غياب القيادات الإسلامية:

 ففي ظل القمع الذي تم في عهد “ماو”، فقَد المسلمون العديد من قياداتهم السياسية والدينية التي قُتل بعضها، وسُجن البعض الآخر، كما أن تغييب الهوية الإسلامية في نفوس الأطفال، وإيقاف التعلم الديني للمسلمين ساهم في غياب القيادات الإسلامية الشابة.

 دعوات التشيّع:

 وتنشط الدعوات إلى التشيّع في المناطق ذات الأكثرية المسلمة في الصين، وذلك بدعم من الحكومة الإيرانية التي تقوم بابتعاث مئات الطلاب سنوياً إلى إيران لتدريسهم العلوم الشرعية على المذهب الشيعي، ويشير أحد المسلمين إلى أنه تلقى دعوة من السفارة الإيرانية في الصين، للدراسة في إيران، ووصل العرض إلى توفير سكن خاص بالطالب داخل إيران، وتوفير سيارة خاصة وزوجة يختارها من إيران.

 ويمكن لأي صيني الحصول على بعثة للدراسة في إيران عن طريق تقديم طلب لدى السفارة الإيرانية، إذ يأتي الرد دائماً بالموافقة والدعم.

 الفقر النسبي:

 ويلاحظ الزائر للصين وجود أكثرية من المسلمين الصينيين تحت خط الفقر، وذلك يرجع لاشتغال أكثرهم بالزراعة والرعي وصيد الأسماك، وعزوفهم عن التعليم العام والتخصصات العلمية.

 الإعلام الإسلامي في الصين:

 رغم كثرة عدد المسلمين في الصين إلا أنه لا توجد لديهم أي صحيفة يومية أو إذاعة فضائية، ولا يوجد للمسلمين في الصين سوى بعض المجلات الإسلامية التي تصدر بشكل شهري، وتُعد مجلة أخبار المسلمين “مسلم بونشونغ” أشهر المجلات الإسلامية، وتوزع نحو مليوني نسخة شهرياً، كما توجد بعض المجلات الشهرية مثل: مجلة الفتح، ومجلة المسلمين في قانصوه.

 متطلبات للنهوض بشأن المسلمين في الصين:

 1- منح دراسية للطلاب الصينيين تمثل فيها مناطق المسلمين بالصين وتغطي مختلف التخصصات الإسلامية المطلوبة للمسلمين الصينيين. وتوزع على الجامعات الإسلامية.

 2- وضع خطة دراسة مبنية على احتياجات المسلمين في الصين، مع إدخال مناهج التعليم المهني لتأهيل الطلاب لخدمة المجتمع الصيني في مجال الدعوة خصوصاً بعد ضعف البوذية والديانات الوثنية الأخرى.

 3- القيام بمسح شامل للمساجد في الصين، وذلك بهدف إعمارها وتلبية احتياجات المسلمين.

 4- القيام باستطلاع الاحتياجات في هذا المجال، وذلك بالاتصال بالمنظمات أو الهيئات الإسلامية في الصين، والتخطيط لإقامة مشروع لنشر وطبع الكتب الإسلامية محلياً، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار اللغة المحلية في حركة ترجمة الكتب الإسلامية، واستغلال العلاقات الطيبة بين حكومة الصين والدول الإسلامية لدعم المسلمين في الصين.

 5- تنظيم قطاع الدعوة وتغذيته بالدعاة، مع ملاحظة إشراك المسلمين الصينيين الذين حصلوا على جانب وفير من العلوم والثقافة الإسلامية، ووضع خطة إستراتيجية للمستقبل البعيد، وذلك بإعداد دعاة من الصين مع دقة الاختيار لهؤلاء.

 6- إنشاء مؤسسات إغاثة إسلامية، ومؤسسات تحويل تعاونية إسلامية تبين معاني التآلف والتعاضد والمسؤولية المشتركة والجسد الواحد.

 7- إنشاء مدارس إسلامية، وتوحيد مناهج المدارس السابقة، ونشر مراكز تحفيظ القرآن الكريم في جميع مقاطعات الصين.

 8- العمل على إنشاء كلية للدراسات الإسلامية، ووضع خطط كفيلة بتطويرها إلى جامعة بمختلف التخصصات، وفتح فروع لها في المناطق الإسلامية.

 9- إنشاء دور نشر إسلامية باللغة الصينية تراعي اللهجات المحلية تقوم بطباعة الكتب الشرعية بعد ترجمتها.

 10- إنشاء محطة إذاعية إسلامية موجهة إلى المسلمين في الصين باللغات التي يستعملونها على غرار الإذاعات التنصيرية، ويوضع لها البرامج والدورات الإذاعية بشكل مدروس يتولى إعداده هيئة متخصصة من الخبراء والدعاة، ويجري التركيز على تعليم مبادئ الإسلام، والتركيز على مفاهيم الأخوة الإسلامية، وربطهم بأخبار إخوانهم المسلمين في العالم.

كتبه/ سيد عبد الهادي

أخبار

السعودية تعتقل ناشطة لانتقادها التقارب السعودي "الإسرائيلي"

Published

on

 

الرياض – السعودية | أحوال المسلمين

اعتقلت السلطات السعودية الناشطة نهى البلوي على إثر مقطع لها على شبكات التواصل الاجتماعي تنتقد فيه التوجه الذي يسير عليه ولي العهد محمد بن سلمان بغرض التطبيع مع “إسرائيل”.

واستنادا على ما نشره حساب “معتقلي الرأي” على موقع تويتر يوم الخميس: “تأكد لنا (اليوم) اعتقال الناشطة السعودية نهى البلوي (الذي جرى بتاريخ 26/01/2018، فما تزال قيد الاعتقال إلى يومنا هذا.

نهى البلوي كاتبة وناشطة سعودية، لها إسهامات ومقاطع مرئية كثيرة في عدد من القضايا، خاصة الرامية للتحسيس وإدانة التطبيع مع “إسرائيل” وكذلك مواقف مشرفة للدفاع عن معتقلي الرأي بالمملكة العربية السعودية.

ويأتي هذا بعد تركيز الصحافة “الإسرائيلية” في الشهور الأخيرة على العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني وما بلغته من تطور، كما أن إحدى التقارير كشفت عن زيارة سرية لمسؤول سعودي لتل الربيع (تل أبيب) مع إمكانية كونه ولي العهد محمد بن سلمان أو شخص مقرب منه.

وبهذا تنضم نهى البلوي إلى لائحة طويلة من المعتقلين من طرف النظام السعودي بعدما كانت ممن يدافع عنهم في انتظار من يدافع عنها أيضا.

https://goo.gl/2AeA8F

https://goo.gl/97x8df
(more…)

Continue Reading

أخبار

السعودية تعتقل ناشطة لانتقادها التقارب السعودي الإسرائيلي

Published

on

 

الرياض – السعودية | أحوال المسلمين

اعتقلت السلطات السعودية الناشطة نهى البلوي على إثر مقطع لها على شبكات التواصل الاجتماعي تنتقد فيه التوجه الذي يسير عليه ولي العهد محمد بن سلمان بغرض التطبيع مع “إسرائيل”.

واستنادا على ما نشره حساب “معتقلي الرأي” على موقع تويتر يوم الخميس: “تأكد لنا (اليوم) اعتقال الناشطة السعودية نهى البلوي (الذي جرى بتاريخ 26/01/2018، فما تزال قيد الاعتقال إلى يومنا هذا.

نهى البلوي كاتبة وناشطة سعودية، لها إسهامات ومقاطع مرئية كثيرة في عدد من القضايا، خاصة الرامية للتحسيس وإدانة التطبيع مع “إسرائيل” وكذلك مواقف مشرفة للدفاع عن معتقلي الرأي بالمملكة العربية السعودية.

ويأتي هذا بعد تركيز الصحافة “الإسرائيلية” في الشهور الأخيرة على العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني وما بلغته من تطور، كما أن إحدى التقارير كشفت عن زيارة سرية لمسؤول سعودي لتل الربيع (تل أبيب) مع إمكانية كونه ولي العهد محمد بن سلمان أو شخص مقرب منه.

وبهذا تنضم نهى البلوي إلى لائحة طويلة من المعتقلين من طرف النظام السعودي بعدما كانت ممن يدافع عنهم في انتظار من يدافع عنها أيضا.

https://goo.gl/2AeA8F

https://goo.gl/97x8df
(more…)

Continue Reading

أخبار

الهند : الحكومة تُوقِفُ الدَّعم عن حُجَّاج المسلمين، لَكِن ماذا عن الهندوس؟

Published

on

نيودلهي – الهند | أحوال المسلمين

في قرارٍ جديدٍ لها، أعلنت الحكومة الهندية، الثلاثاء، إلغاء الدعم الحكومي الذي يُمنح – منذ عقودٍ طويلة – للحجاج المسلمين بشكلٍ سنويّ. يعادل هذا الدعم الذي رفعته الحكومة عنهم نصف القيمة الإجمالية لنفقة الحج. وادَّعَت الحكومة مُبَرِّرَةً هذا القرار أنها ستوجه أموال الدعم هذه لإعانة الأقليات المسلمة بالبلاد وتحسين التعليم والحالة الاجتماعية لديهم.

أما في السنوات الأخيرة فقد لاقى هذا القانون انتقاداتٍ بارزة من مختلف الأطراف. وفي عام 2012، قضت المحكمة العليا في الهند بإلغاء دعم الحج تدريجيا في غضون السنوات العشر المُقبِلة. ثُمَّ في عام 2017، عقدت اللجنة المركزية للحج اجتماعًا قررت فيه إلغاء الدعم نهائيا بحلول العام الجاري 2018.

ما هو الدعم الحكومي للحج ؟

المقصود بدعم الحج هو خصومات تكاليف تذاكر الطيران المقدمة من قبل شركة طيران الهند الحكومية. كما يشمل المساعدة المقدمة للحجاج المسلمين للسفر الداخلي للوصول إلى صالات المغادرة بالمطار المصممة خصيصا للحجاج، بالإضافة إلى السكن والرعاية الطبية والوجبات.

وبعد قرار المحكمة العليا لعام 2012 بإلغاء الإعانة تدريجيا في السنوات العشر المقبلة، كانت الحكومة تخفض باطّراد مقدار الإعانة المقدمة لمؤدين الحج سنويا. في عام 2014، كانت تكلفة السفر المدعومة للحج 35.000 روبية لكل حاج. وبحلول عام 2016، ارتفع المبلغ الذي دفعه كل حاج إلى 45.000 روبية. وصولا إلى عام 2017، حيث خفضت إعانات الحج بنسبة 50% تقريبا من التكلفة المتوقعة.

متى بدأ قانون الدعم ؟  

يعود أول تطبيق لقانون دعم المسلمين في السفر لتأدية الحج إلى عام 1932، وذلك عندما قدمت الحكومة البريطانية دعمل ماليا للجنة ممولة من الحكومة خاصة بالحج، وحددت مدينتي بومباي وكلكتا الهنديتين ميناءين بحريين يستطيع المسلمون الانطلاق منهما في رحلة الحج.

وقد تم سن قانون لجان الحج مع قانون الأحوال الشخصية الإسلامي من قبل الحكومة للوفاء بالمطالب الإسلامية في أيام ما قبل التقسيم. بعد الاستقلال، في عام 1959 ألغت الحكومة القانون السابق. ووفقا للقانون الجديد، أنشئت لجنة في بومباي لرعاية جميع شؤون الحجاج، بما في ذلك ترتيبات السفر أثناء الحج ولتغطية النفقات العامة.

وقد خضع هذا القانون لتعديلاتٍ عِدَّة خلال العقود التالية لذلك وصولا إلى عام 1995 حيث تم إلغاء السفر للحج بحريا بعد ارتفاع أسعار النفط والاقتصار على نقل الحجاج جوا. 

ما هي الانتقادات الموجهة إلى دعم الحج ؟

قد تعرض قامون الدعم الحكومي للحج لانتقادٍ شديد، خاصةً بسبب احتكار شركة طيران الهند لنقل الحجاج على متن طائراتها. وحسب التصريحات، فإن الدعم الحكومي أسفر عن تحقيق أرباح كبيرة لشركة طيران الهند، مما أفاد الخطوط الجوية أكثر بكثير من الحجاج وجعلها المستفيد الأكبر.

ووفقا للانتقادات الكثيرة للدعم، فإنه إذا تم الحجز مُقدَّماً قبل أشهرٍ من السفر، فمن الممكن شراء تذاكر طيران أرخص، وبالتالي التخلص من الحاجة إلى الدعم. وقد هاجمت بعض الأحزاب السياسية أيضا الدعم ووصفته بأنه “استرضاء” للأقلية المسلمة سياسيا.

هل تقدم حكومة الهند الدعم لشعائرٍ دينيةٍ أخرى ؟

حج المسلمين ليس هو الحج الوحيد المُدَعَّم ماليا من قِبَل الدولة، بل هناك عدد من الجولات الدينية الأخرى تدعمها الحكومية.

فعلى سبيل المثال، تُنفق الدولة والحكومة المركزية أموالًا ضخمة لتقديم التسهيلات للجولات المليونية لمهرجان “كومبه ميلا” الهندوسي الذي يُقام بالتناوب في أربع مدن هي هاريدوار وأوجاين وناشيك و مدينة الله أباد.

كما تنظم الحكومة حجا هندوسيا آخر هو “كايلاش ماناساروفارياترا” الذي ينطللق من شمال الهند إلى جبال التبت وتتخذ تدابير السلامة والرعاية الصحية للحجاج الهندوس.

وبينما توقف الحكومة الدعم عن حج المسلمين، نجد أنها وافقت مؤخرا، في هذا الشهر يناير/ 2018، على زيادة الدعم المالي لحج “ياترا” الهندوسي من 25.000 روبية إلى 30.000 روبية !

Continue Reading

أخبار

الصين – تركستان الشرقية : إجبار المسلمين الأويغور على ضيافة الصينيين 14 يوم شهريا

Published

on

كاشغر – تركستان الشرقية | أحوال المسلمين

 أصبحت حياة 11 مليون مسلم أويغوري في تركستان الشرقية مكتنفة بالرعب و الخوف بسبب الإجراءات القمعية المتجددة و المتنوعة التي تفرضها السلطات الصينية اتجاههم.

وصل الإضطهاد حد المذابح الجماعية و حظر اللُحى و الحجاب الشرعي و الإكراه على الشرك و المحرمات، مرورا بمنع الصلاة في بعض الأوقات، و وصولا لمنع الصيام و مختلف الأنشطة الدينية على الطلبة و الموظفين، و لم تتوقف الإجراءات عند هذا الحد، بل استمرت الى إجبار المسلمين على شرب الخمر خلال شهر رمضان و الرقص في الأماكن العامة.

فوق كل ما سبق، أفاد مراسلنا من تركستان الشرقية أن السلطات الصينية أمرت أكثر من مليون مسؤول شيوعى صينى بالانتقال الى منازل المسلمين الأويغور في برنامج أسمته “الأسرة المتحدة” تحت شعار “غرس قيم مؤيدة للحزب”.

نص قرار السلطات الصينية عن مشروع “الأسرة المتحدة”

برنامج “الأسرة المتحدة” الذي أطلقته السلطات الصينية حديثا يحض المسؤولين الذين يعيشون مع الأسر على ضمان ولائهم للحزب، وطبقا لوسائل الاعلام الحكومية، فانهم يعلمونهم “ممارسة روح المؤتمر الوطنى التاسع عشر للحزب الشيوعى الصينى”.

و قد أبلغت السلطات الأسَرَ الأويغورية بوجوب عرض صورة الرئيس شي في غرف المعيشة الخاصة بها والمشاركة في احتفالات رفع العلم الوطني وأداء الولاء.

أما “الأقارب” الشيوعيون، المصطلح الذي أطلقته السلطات على المسؤولين المقتحمين بيوت المسلمين الأويغور، فيشجعون “عائلاتهم البديلة” على إبلاغ السلطات بأي شخص يشتبه في انتمائه لـ”قوى الشر الثلاث”، و هي حسب زعمهم الإرهاب، الانفصالية والتطرف.

رعب الحكومة من أن تقوم قائمة للمسلمين الأويغور في تركستان الشرقية دفعها لتكرار حملات القمع بوتيرة مرتفعة باضطراد، كما تم اتخاذ تدابير مراقبة ومتابعة أمنية دقيقة، علق عليها كثير من السكان المسلمين أن المنطقة تحولت بشكل أساسي إلى ولاية بوليسية.

البروبغندا الإعلامية الحكومية في سعي منها لتجميل البرامج الإجرامي بحق الأويغور المسلمين، ذكرت أن المسؤولين يناقشون مشروع المؤتمر الوطنى التاسع عشر للحزب الشيوعى الصينى مع العائلة المسلمة بلغتهم الأم و هي الأويغورية بدلا من الصينية، و يقنعونهم أن التغييرات الجيدة فى حياتهم جاءت من الحزب والحكومة، وان عليهم العمل بجد، والاستماع للحزب ومتابعة قراراته، و من أجل ترسيخ هذا الأمر، يعتمدون على طرق عدة :

  • المساعدة : و تشتمل على مساعدة المسؤولين الحكوميين للأطفال على تأدية واجباتهم المنزلية.

  • تودد : تشجيع العائلة على سرد قصصها و تبادلها عن الجنود و المزارعين الصينيين المخلصين.

  • إغراء : و ذلك عبر هدايا تقدم للأطفال أو للعائلة بأكملها من قبيل تذاكر سفر و رحلات.

  • إجبار : و ذلك بإشغال المسلمين عن ممارسة الشعائر الدينية من أذكار و تسبيح، انتهاءا من حرمانهم أداء الصلاة و ارتداء الحجاب.

  • تهديد : و يكون هذا إن تم منع المسؤول الوافد للعائلة المسلمة من البقاء في المنزل، سواءا من أول يوم أو قبل انتهاء المدة التي حددتها السلطات ب14 يوم، و عقاب العائلة غرامة بالإضافة الى السجن.

يذكر أن أول تطبيق لمشاريع إقامة المبعوث الحكومي مع الأسر الأويغورية بدأت في عام 2016، ولا زالت مستمرة إلى يومنا هذا، إضافة الى ذلك، أفادت إذاعة آسيا الحرة، أن في أكتوبر الماضي، قام المبعوثون المستوطنون في منازل الأويغور المسلمين بإيقاف مضيفينهم المسلمين من ممارسة الدين و إقامة الشعائر الإسلامية.

Continue Reading

أخبار

مصر : وفاة حامد مشعل بسجن طرة نتيجة الاهمال الطبي

Published

on

القاهرة – مصر | أحوال المسلمين

ذكرت وسائل إعلام مصرية، الأربعاء، أن القيادي في حزب الراية، حامد مشعل، توفي في محبسه بسجن طرة جراء تفاقم المرض والإهمال الطبي المتعمد بحقه.

قضية حامد حظيت بتضامن شعبي و إصرار من عائلته على براءته، خصوصا في بيانها الذي أصدرته في أيلول/ سبتمبر 2015 بعد إحالة أوراقه للمفتي في قضية اتهم فيها بأنه ينتمي لخلية إرهابية، و أن النيابة تتعنت في القضية والمحكمة لا تستمع لمرافعة محاميه.

من يكون حامد مشعل

اسمه الكامل هو حامد محمد علي مشعل، من مواليد 3 يناير 1972، و كان يقيم في مدينة نصر مع عائلته.

حصل على بكالوريوس الهندسة المعمارية في جامعة الأزهر سنة 1997، و اشتغل بعدها مهندسا معماريا،  و ترأس شركة مقاولات وإنشاءات.

مضايقات في السعودية

سافر حامد لأداء العمرة بتاريخ 15 أغسطس 2011، و أثناء عودته من أداء العمرة وبتوصيات من أمن الدولة في مصر، تم اعتقاله في السعودية، وكان ذلك قبل حفل زفافه بأسبوع، وبعد تحقيق السلطات السعودية معه لم تجد أي دليل لإدانته فقامت بالإفراج عنه وتعويضه عن فترة احتجازه لمدة عشرة أيام.

همته لنصرة المسلمين

بعد الإفراج عنه من قبل السلطات السعودية قرر م. حامد مشعل أن لا يدع مظلوما إلا ويسانده، وباطلا إلا ويدفعه بكل الوسائل المشروعة، فتجده تارة يطالب بالإفراج عن المصريين المعتقلين بالسعودية، وتارة أخرى رافضا لواقعة كشوف العذرية، ومرة أخرى تجده واحدا من ثوار محمد محمود ومدافعا عنهم، ومدافعا بشدة عن “ست البنات” ومهاجما كل من أساء إليها أو أيد وبرر الاعتداء عليها حتى من أبناء التيار الإسلامي.

مضايقات السلطات المصرية المتكررة

بعد حل مجلس الشعب ووجود فراغ برلماني وحرصا منه على مشاركة الثوار في تحقيق أهداف ثورة 25 يناير قام بالاشتراك في تأسيس حزب الراية حتى جاءت أحداث 3 يوليو وتم القبض عليه في 16 نوفمبر 2013 بأمر ضبط وإحضار على ذمة محضر تظاهر امام الأمن الوطني بتاريخ 2 مايو 2013.

حصل على قرار باخلاء سبيله يوليو 2014 في قضية التظاهر أمام أمن الدولة ولم ينفذ القرار وتم احتجازه في قسم ثاني مدينة نصر بدون وجه حق.

تم تجديد اعتقاله على ذمة قضية أخرى بعد عرضه على أمن الدولة.

القضية الجديدة بدأت تحقيقات النيابة فيها في شهر مايو 2014 وتم إدراجه بها وبدء التحقيق معه في نهاية يوليو 2014.

القضية الجديدة المتهم بها، كل أوراقها هي محضر تحقيقات لضابط أمن دولة يتهمه بالاشتراك مع خلية بالزقازيق.

– القضية لا يوجد بها أي أحراز أو مبالغ مالية، ولا يوجد بها أي جرائم حدثت تضر بالمجتمع.

المتهمون بالقضية لا يعرفون بعضهم من الأساس.

عند سماع شهادة ضابط الأمن الوطني بالمحكمة أعطى م. حامد دليل براءته من القضية حيث أن م. حامد مشعل كان متهما بالتمويل في هذه القضية،

– وعندما سئل ضابط الأمن الوطني عن التمويل قال بأنه يأتي من خارج مصر،
وسأله القاضي هل قبضتم على أحد من الممولين قال الضابط لا لم نقبض على أحد منهم!
وعندما سأل القاضي الضابط عن م. حامد مشعل قال الضابط لا أعرفه !!

– تقرير البنك المركزي أثبت عدم وجود أي تحويلات خارجية تم تحويلها للمهندس حامد مشعل.

لم يسمح القاضي للمحامي بالترافع أمامه أو تقديم أي مذكرات دفاع.

في 12 سبتمبر 2015 كان لحامد جلسة الحكم مع 11 آخرين تم إصدار الحكم فيها عليه و ال11 شخص آخرين بالإعدام، بعد أن تمت إحالة أوراقهم للمفتي بالجلسة السابقة 27 أغسطس 2015.

وفاته

بقي المهندس حامد في محبسه يقاسي المرض و الإهمال و التعذيب الى أن وافته المنية أمس في سجن طرة سيء السيط.

Continue Reading
Advertisement
MEDIUM RECTANGLE