Connect with us

Published

on

الشهيد خطاب إسمه بالكامل ثامر بن صالح بن عبد الله السويلم العريني

ولد  عام 1389هـ الموافق 14 إبريل 1969م في السعودية في مدينة عرعر شمال المملكة العربية السعودية، وخطاب كان لقبه وهو اختصار للقبه القديم ابن الخطاب لإعجابه الشديد بالصحابي عمر بن الخطاب ويلقب أيضا بين أنصاره “الأمير خطاب”. يعتبر خطاب أحد رموز ما يسمى بالمجاهدين العرب وسموا لاحقاً بالأفغان العرب حيث قاتل في كل من أفغانستان، طاجيكستان، داغستان والشيشان

بدأ رحلته منذ أربعة عشر عاماً في أفغانستان وكان ذلك عام 1988 وحضر أغلب العمليات الكبرى في الجهاد الأفغاني منذ عام 1988 ومن ضمنها فتح جلال آباد وخوست وفتح كابل في عام 1993.

كما كان يتحدث بأربع لغات، اللغة العربية واللغة الروسية والإنجليزية والبوشتو. توفي في أوائل شهر صفر من عام 1423هـ والموافق 20 مارس 2002م وله من العمر 33 عاماً.

نتيجة لعملية اغتيال من أحد المجاهدين مزدوجين العمالة دسه الجيس الروسي بين المجاهدين.

نشأته وأسرته

ينتمي خطاب لعائلة اشتهرت بالشجاعة والشهامة حتى أن جده عبد الله عرف في منطقة الأحساء “بالنشمي” ولقد نزحت هذه العائلة من بلاد نجد إلى الأحساء عام 1240هـ وهناك ولدأجداده، وولد فيها والد خطاب صالح الذي انتقل إلى عرعر وهناك ولد خطاب، ومكث فيها حتى انتهى من الصف الرابع الابتدائي وعمره عشر سنوات، وفي عرعر كان والده يأخذه مع أخوته كل أسبوع إلى المناطق الجبلية يعلمهم الشدة والشجاعة ويضع على ذلك الجوائز والحوافز ويطلب من أولاده العراك والصراع حتى تشتد سواعدهم وفي هذا الجو بدأت تظهر آثار النجابة والشجاعة على خطاب، ثم انتقل والده بأبنائه إلى مدينة الثقبة بالقرب من الدمام. أمه ما زالت على قيد الحياة وهي بنت إسماعيل بن محمد المهتدي، وهي تركية الأصل هرب أبوها من تركيا عند سقوط الخلافة الإسلامية واستيلاء كمال أتاتورك على تركيا وفي سوريا ولدت أم خطاب، ولخطاب من الإخوة خمسة هو خامسهم في الترتيب. وكان بيت خطاب كأي بيت في ذلك الوقت من جهة حب الدين والاهتمام بشعائره الظاهرة إلا إنه كان يتفوق على كثير من البيوت بالاهتمام بالشريط الإسلامي والمجلة الإسلامية، وهذه كانت شبه معدومة في ذلك الوقت

شبابه

خطاب طفلاً

كان خطاب في بداية شبابه يحلم كأي شاب بالوظيفة والرتبة العالية, لهذا عرف بتفوقه الدراسي حتى أنه تخرج من الثانوية العامة بتخصص علمي ومعدله أكثر من 94% في النصف الثاني وكان أمله أن يدخل شركة أرامكو بمنطقة الظهران شرقي السعودية في نظام – CPC وهو نظام يتيح للدارس الابتعاث إلى خارج المملكة العربية السعودية – وفعلاً تحققت أمنيته ودخل في ذلك النظام التدريبي وكان يستلم راتباً شهرياً قدره 2500 ريال وجلس على مقاعد الدراسة قرابة النصف سنة وكان من أميز الطلاب في فصله ونال إعجاب معلميه وزملائه ولكن بعد أحداث أفغانستان الأولى ترك الدراسة وضحى بحلمه راجياً ما عند ربه.

مواقف وأحداث

كانت مرحلة شبابه مليئة بالمواقف ومنها أنه ذات يوم خرج ليركب سيارته وكان هناك قط داخل محرك السيارة فحرك السيارة فقطعت القط. كان يوماً عصيباً على ثامر فقد حمله أخواه منصور وماهر وهو كاد أنيغمى عليه، وقد خرجت الدموع من عينيه لأجل تلك القطة وكان يسأل ويصرخ هل هي ماتت. وأيضاً كان يداعب الأطفال في شبابه عندما كان طالباً في الثانوية بحمله لهم على ظهره وصدره ويقول لهم اركبوا على ظهري واضربوا رأسي والتي كانت تضيف سعاده على قلبه كثيراً . عرف خطاب “بصاحب الجيب الخالي” فلم يكن المال له حظ في جيبه منذ شبابه وتعاهد إخوته أن لايعطوه شيئاً إن طلب منهم شيئاً ليس بغضاً فيه وإنما خوفاً عليه من كثرة ماينفق يقول أخوه ماهر: عاهدت نفسي أن لا أعطيه شيئاً لأننا لو أعطيناه فسينفقها على الناس كرماً ولكن خطاب لديه أسلوباً في الإقناع فيأتيني فيكلمني قليلاً حتى يأخذ ما لدي فإذا خرج صحت لقد سحرني وأخذ مالي. كان خطاب صاحب كلمات حلوة وعذبة فلم نستطع يوماً أن نرد له طلباً.

ويذكر أخوه منصور أن خطاب انطلق يوماً بسيارته وفي طريق المطار شاهد مسلماً سودانياً يرفع يديه طالباً المساعدة فتوقف عنده وتبين أن السيارة أصابها العطل والرجل مسافر على الطائرة بعد قليل فقال خطاب دع سيارتك وسافر وأنا سأسحبها فوافق الرجل وهو خائف على سيارته حيث لم تكن بينهم صلة معرفة، وفعلاً سافر الأخ السوداني ثم قام خطاباً بسحب سيارته ثم اقترض مبلغاً من المال وأصلح السيارة بدون أن يعلم أحد وعندما حضر السوداني كانت المفاجأة فالسيارة أصلحت وخطاب يرفض المبلغ فأصر السوداني على الدفع فصاح في وجهه خطاب نحن لا نريد المال وخرج الرجل من البيت ووجهه يتهلل فرحاً.

كان خطاب منذ أن كان صغيراً يكره الظلم وأهله حتى وردت عليه المشاكل من كل حدب وصوب بسبب حبه للنصرة حتى ولو على من هو أقوى منه, خرج ذات يوم مع أحد زملائه من الدراسة في شركة أرامكو وعندما وصلا إلى مواقف السيارات شاهدا خمسة من الشباب المعروفين بفسادهم وظلمهم يحيطون بشاب طيب يريدون ضربه وقد أعدوا عدتهم من العصي الغلاظ فقال خطاب لصاحبه السائق: قف حتى نعينه, فقال صاحبه دعهم ونحن لا نريد المشاكل فأقسم ونزل من السيارة نصرة لذلك المستضعف ورفض صاحبه النزول لعدم رغبته في المشاكل، ثم تحرك هؤلاء الشباب المفسدون جهته فقاتلهم مدة لوحده وكلما ازدادوا في ضربه ازداد صبراً وثباتاً. يقول صاحبه الذي في السيارة : لم أصدق ما رأيت وخرج ثامر من هذا القتال وقد أثخنوه وأثخنهم رغم توحده وانفراده.

وفي يوم آخر حصل نزاع في فصله الدراسي في نفس الشركة السابقة بين طالب سني وطالب من إحدى الطوائف المخالفة لأهل السنة فتنادى أبناء هذه الطائفة من كل مكان وأدخلهم الحراس الذي ينتمي بعضهم لهذه الطائفة واجتمع أكثر من 200 منهم أمام المدرسة التدريبية وكان عدد أهل السنة قليلاً جداً فخشوا من الغلبة وكان يسمع خلف الصفوف صراخاً وصياحاً من شاب يقول لاتدعوهم لن اتركهم أبداً فلما نظروا خلف الصفوف وإذا هو خطاب قد استعد للعراك والقتال وفعلاً اشتعلت النار بين الطرفين، ومن ذلك اليوم علت الناس رهبة وهيبة من هذا الشاب.

أفغانستان

توجه إلى أفغانستان والتحق بالمجاهدين. تدرب على يد أسامة بن لادن في أفغانستان. كما اشترك في القتال ضد القوات السوفيتية العادية منها والقوات الخاصة. حضر خطاب الكثير من العمليات العسكرية في الجهاد الأفغاني منذ عام 1988 م، ومن ضمنها جلال آباد، وخوست، وكابول في عام 1993م.

طاجكستان والذهاب إلى الشيشان

بعد هزيمة الجيش السوفيتي وانسحابهم من أفغانستان سمع خطاب ومجموعة صغيرة من رفاقه عن حرب أخرى تدور ضد نفس الجيش ولكنها هذه المرة كانت في طاجيكستان فأعد حقائبه ومعه مجموعة صغيرة من الرفاق وذهبوا إلى طاجيكستان في عام 1993م، ومكثوا هناك عامين يقاتلون الجيش السوفيتي في الجبال المغطاة بالثلوج ينقصهم الذخائر والسلاح. وهناك فقد أصبعين من أصابع يده اليمنى، حين انفجرت قنبلة يدوية في يده ما نتج عنها إصابة بالغة ادت إلى قطع أصبعين من يده اليمنى، وقد حاول إخوانه المجاهدون إقناعه بالعودة إلى بشاور للعلاج ولكنه رفض وصمم على وضع عسل النحل على إصابته، وضع العسل وربطها قائلاً أن هذا سوف يعالج هذه الإصابة وليس هناك حاجة للذهاب إلى بيشاور، هذا الرباط لا زال ملفوفاً على يده منذ ذلك اليوم إلى يوم اغتياله. بعد عامين في طاجيكستان عاد خطاب ومجموعته الصغيرة إلى أفغانستان في بداية عام 1995م وكان في هذا الوقت بداية الحرب في الشيشان. وصف خطاب شعوره عندما رأى أخبار الشيشان على محطة تليفزيونية تبث عبر القمر الصناعي في أفغانستان فقال: عندما رأيت المجموعات الشيشانية مرتدية عصابات مكتوباً عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله ويصيحون صيحة الله أكبر علمت أن هناك جهاداً في الشيشان وقررت انه يجب علي أن اذهب إليهم

الشيشان

رحل خطاب من أفغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة إلى الشيشان كان ذلك في ربيع 1995م أربع سنوات مضت بعد ذلك جعلت تجربة خطاب في أفغانستان وطاجيكستان تظهر كأنها كانت لعبة أطفال, يقول المسئولون في الجيش الروسي طبقاً لإحصائياتهم أن عدد الجنود الذين قتلوا في خلال ثلاث سنوات من الحرب في الشيشان فاق أضعاف عدد الجنود الذين قتلوا خلال عشر سنوات من الحرب في أفغانستان . كانت الشيشان هي المحطة الأهم في حياته حيث كان قائدا للمجاهدين العرب هناك حيث كانت له أهمية عسكرية كبيرة كمخطط ورديف حيث تعاون مع القائد الشيشاني شامل باسييف في عمليات كثيرة في الشيشان وفي داغستان كما استطاع اجبار القوات الروسية على اعلان وقف إطلاق النار فيالحرب الشيشانية الأولى عام 1996م. كانت نفسه تحدثه بالبقاء أو الانصراف عن الشيشان والرجوع إلى طاجكستان. خاصة وأنه جاءها لعلاج يده فقط, ولم يكن ينوي الإقامة فيها, ولكنه لما رأى الجهاد بدأت نفسه تراوده في البقاء ولكن مع تردد كثير.

جرت عادته على رسم خريطة حول كل منطقة يريد العمل فيها سواء من جهة الأماكن أو الطبائع أو العادات أو الأشخاص، ولما ذهب إلى الشيشان لم يكن يعرف حقيقة هذه المنطقة فجعل من نفسه كمراسل تلفازي يمر بين الناس، ويضع معهم اللقاءات ويلقي عليهم الأسئلة، ويتحسس المعاني المهمة في أجوبتهم، وقابل شامل باساييف بهذه الطريقة.

ولكن الموقف الذي هز شعوره وحرك عواطفه هو لقاؤه مع عجوز طاعنة في السن حيث سألها: ماذا تريدون من قتال الروس ؟ فقالت العجوز له: نريد أن نخرج الروس حتى يرجع إلينا الإسلام، فسألها هل عندكِ شيء تقدمينه للجهاد ؟ فقالت: ليس عندي سوى هذا “المعطف” أجعله في سبيل الله. فجعلت خطاب يبكي بشدة وتبتل لحيته بدموعه. فكانت هذه العجوز سبباً في ظهور خطاب.

ومن أهم قرراته هو أنه جعل القيادة العسكرية بيد الشيشانيين، والسبب في ذلك أن الشعب الشيشاني عرف بحميته لأرضه وعرقه، فخشي أن يكون ذلك مدخلاً لخلخلة الجهاد من خلال العملاء والخونة الذين يجيدون هذا النوع من المكر، وكذلك كان هناك الصوفية يحاولون نزع الإجماع الشعبي من حوله بالتذكير بأصله غير الشيشاني، وقد دخل تحت قيادة جوهر دوداييف القائد الشيشاني السابق، وأعجب خطاب به لخفة نفسه وحسن تعامله، وارتفع في نفسه عندما سأله قائلاً: ما هو هدفكم من الجهاد ياجوهر دوداييف ؟ فقال القائد الشيشاني: كل طفل من القوقاز هجر إلى المهجر عشرات السنين يحلم أن يرجع الإسلام إلى أرضه.

العمليات والمواقع

في يوم 16 أبريل 1996م قاد خطاب عملية من أجرأ العمليات وكانت عبارة عن كمين “شاتوى” وفيها قاد مجموعة مكونة من 50 مجاهداً لمهاجمة والقضاء على طابور تابع للجيش الروسي مكون من 50 سيارة مغادرة من الشيشان, تقول المصادر العسكرية الروسية أن 223 عسكرياً قتلوا من ضمنهم 26 ضابطاً كبيراً ودمرت الخمسون سيارة بالكامل, نتج عن هذه العملية إقالة ثلاثة جنرالات، وقد أعلن بوريس يلتسين بنفسه عن هذه العملية للبرلمان الروسي. وقام المجاهدين بتصوير هذه العملية بالكامل على شريط فيديو.بعدها بشهور نفذت نفس المجموعة عملية هجوم على معسكرللجيش الروسي نتج عنه تدمير طائرة هليكوبتر بصاروخ AT- 3 Sager المضاد للدبابات ومرة أخرى تم تصوير العملية بالكامل على شريط للفيديو.كما شاركت أيضا مجموعة من مقاتليه في هجوم غروزني الشهير في أغسطس 1996م الذي قاده القائد الشيشاني شامل باسييف.

وقد ظهر اسمه مرة أخرى على الساحة في يوم 22 ديسمبر 1997م عندما قاد مجموعة مكونة من مائة مجاهد شيشاني وغير شيشاني، وهاجموا داخل الأراضي الروسية وعلى عمق 100 كيلو متر القيادة العامة للواء 136 الآلي ودمروا 300 سيارة وقتلوا العديد من الجنود الروس وقد استشهد في هذه العملية اثنان من المجاهدين من ضمنهم أحد كبار القادة من مصر في جماعة خطاب هو أبو بكر. بعد انسحاب القوات الروسية من الشيشان في خريف 1996م أصبح خطاب بطلاً قومياً في الشيشان وقد منح هناك ميدالية الشجاعة والبسالة من قبل الحكومة الشيشانية. وقد منحوه أيضاً رتبة لواء في حفل حضره شامل باسييف وسلمان رودييف وهم قادة في حرب الشيشان. وقبل مقتل جوهر دودايف كان خطاب يحظى لديه بالإحترام. والجدير بالذكر أن خطاب نجا من محاولات عديدة لاغتياله منها عند قيادته لشاحنة روسية كبيرة انفجرت وأصبحت حطاماً ومات من كان بجانبه وهو لم يصب بخدش

العقيدة والدعوة

كان سلفي العقيدة والمنهج، ويصرح بذلك في أشرطته الخاصة وجلساته العامة ولكنه لم يكن متعصباً أبداً لمجموعته، فكتب له قبولاً لدى كل الاتجاهات الإسلامية بلا استثناء، وينصح أهلها، ويقبل نصيحتهم، وله علاقة قوية بشيوخ المجاهدين من أمثال الشيخ حمود العقلا وكان يستشيرهم في قضايا الجهاد والعلم والدعوة، ولهذا لم يعهد على مجموعته الجهادية في الشيشان بدع أو انحرافات أو خرافات. ورأى أن الشيشان بلد خصبة للدعوة، فعمل محاضن دعوية لتكوين مجموعات دعوية جهادية على الخط الصحيح، فأنشأ “معهد القوقاز لإعداد الدعاة” حيث يلزم كل شخص بالانضمام إليه قبل قبوله في الجهاد فيخضع لدورة علمية مكثفة تقارب الشهرين، ثم ما لبث أن تكاثر الناس عليه يريدون العلم والجهاد حتى وصل عددهم إلى 400 طالب جاءوا من التتر وداغستان وطاجكستان وأوزبكستان والأنجوش وغيرها، ثم تطور العمل فأنشأ داراً لتحفيظ القرآن، ووضع برنامجاً لإعداد الدعاة، وبرنامجاً آخر لإقامة محاضرات في القرى، ودورة للتعليم الأساسي، ودورة لرفع مستوى الدعاة، وكما قال: رأينا أثر هذا العمل على مجاهدين في تضحياتهم وبذلهم. وجعلوا لهم مفتياً لا يتجاوزونه أبداً وهو الشيخ أبو عمر السيف الخالدي من منطقة الدمام بشرق السعودية

قاتل خطاب في أفغانستان، ولم يتقاتل مع أحد الأفغان لخلاف عقدي رغم أنتشار التصوف فيه، ثم قاتل في طاجكستان تحت قيادة عبد الله نوري, ورغم سيادة التصوف هناك إلا أن الناس تعلقوا بخطاب حتى دب الحسد في قلوب بعض القادة كالقائد رضوان وعندما وصل للشيشان دعاهم للصلاة والزكاة وقراءة القرآن، ولم يدعهم إلى أي مسألة عقدية، فلما تمكن هناك وصار حبه في قلوب الناس كلهم أنشأ المعاهد العلمية التي تعلم العقيدة الصحيحة. وكان يحذر أصحابه من الخوض فيما يثير الناس في بداية جهاده في كل منطقة، فإذا رأى من الناس إقبالاً على الخير دعاهم بعد ذلك إلى العقيدة السلفية، ولهذا منع أصحابه من الذهاب إلى الأسواق، والدخول للمدن والقرى لأن التصوف قوي في تلك البلاد، فخاف أن يقوم مشايخ الصوفية بإثارة الناس عليهم، فكان هناك من يقوم بالذهاب إلى السوق كل يومين ليقضي حاجات المجاهدين، بل إنه لم يذهب في حياته كما قال إلى جروزني إلا مرة واحدة، وبعد إصرار من القادة الشيشانيين لحضور حفل تكريم له. ورغم محاولة علماء الصوفية استثارته إلا أنهم فشلوا، فوصفوه بأنه وهابي أكفر من اليهود والمسيحيين، وزعموا أن جهاده أيام دوداييف باطل لأن حرب دوداييف حرب وطنية فقط, وقد حارب تحت راية جوهر دوداييف – الرئيس الشيشاني السابق – ولكن كان له برنامج خاص لمجموعته، واعترض عليه في بداية جهاده في الشيشان بعض الدعاة فقالوا: كيف تقاتل مع صوفية وحلولية، فكان يحدث أصحابه أن هؤلاء حديثي عهد بكفر وإلحاد فلا تعجلوا، واستطاع أن يقنعهم كعادته في أسلوب الإقناع وهو الذي قال فيه أحد زملائه: لو قال خطاب عن كأس اللبن إنه ماء لصدقته

جهاده وصفاته الشخصية

الفكر الجهادي لدى خطاب

خمسة عشر عاماً تقريباً قضاها خطاب في جهاد متواصل، في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، في أفغانستان، وطاجيكستان، وداغستان والشيشان، وخلال تلك الأعوام المتلاحقة، تكونت لديه رؤية واضحة للجهاد، كانت تسوقه في مسيرته، وتمهد له الطريق في دروب الجهاد الوعرة، رؤية تنطلق من كتاب الله وسنة نبيه  وترتكن على خبرة وتجربة عريقة رغم حداثة السنه،

ويمكن ان نصوغ معالم الفكر الجهادي لخطاب في النقاط التالية:

  • الجهاد ذروة سنام الإسلام، وله أهدافه التي لا ينبغي أن يحيد عنها المجاهدون، وإلا لم يعد ما يفعلونه جهاداً، والانطلاق من الكتاب والسنة، وفهم السلف في مسيرة الجهاد الطويلة الشاقة أمر لا تفريط فيه، وكان خطاب سلفياً في جهاده، فقد كان يرى أن تطبيق شرع الله هو الهدف الأسمى للجهاد، كما أن نصرة المسلمين واجب شرعي لا يترك
  • أيقن خطاب تماماً أن النصر في هذه المعركة مع الروس ثاني أقوى دولة في العالم، إنما يكون بتوفيق الله – سبحانه وتعالى – وبقوة الإيمان واليقين.
  • الحرب التي يخوضها العالم الغربي وروسيا، إنما هي في مجملها حرب ضد الإسلام، مهما اختلفت المسميات ومهما حاولوا أن يظهروها على غير ذلك.
  • يعلم خطاب جيدا في جهاده ضد الروس أن هزيمتهم لن تكون هزيمة عسكرية بالمعنى المفهوم، أي مواجهة بين جيش الشيشانيين والروس تنتهي بانتصار المسلمين، وانسحاب الروس لعجزهم العسكري، ولكن النصر على الروس يكون باستغلال أهم نقطة ضعف عندهم وهي العجز عن تحمل قدر كبير من الخسائر البشرية بالأخص يستمر لفترة طويلة، على الرغم من احتفاظهم بقوتهم العسكرية كاملة كما هي، وقدرتهم على تعويض خسارتهم، كما قال خطاب
  • في إطار المواجهة العسكرية مع الجيش الروسي يعتبر خطاب ورفاقه أن أهم عوامل التفوق وإرباك العدو، هو عدم وجود اي منشآت حيوية، أو مقرات ثابتة للمجاهدين في الشيشان، بل هم دائما مجموعات صغيرة دائمة التنقل، يتبدل مكانها منالمدن والقرى إلى الجبال حسب تطورات المعارك، وينعى خطاب على الجيش الروسي الذي عجز عن التوافق مع هذا التكتيك فمضى يحارب المجاهدين بأسلوب عقيم لا يتناسب مع ظروف الميدان.
  • كان خطاب يؤمن بالجهاد من خلال الإعلام, لذلك فهو دائماً يصر على تصوير كل عملياته. ويقولون إن لديه مكتبة بها مئات الشرائط المصورة في أفغانستان وطاجيكستان والشيشان. وهو يعتقد بأن الكلام وحده ليس كافياً لدحض الادعاءات الكاذبة لإعلام العدو بل يجب توثيق هذا الكلام بالأدلة عن طريق الأفلام المصورة لدحض ادعاءاتهم. وهو أيضا قد صور شرائط مطولة للعمليات الأخيرة في داغستان تظهر مقتل أكثر من 400 جندي روسي وهذا الرقم يزيد عشرة مرات عن الرقم الرسمي للمسؤولين الروس الذين قالوا أن قتلاهم في داغستان كانوا 40 جندياً.
  • النصر في المعركة بين المجاهدين والروس له علامات خاصة، وتدهور الأحوال العسكرية للجيش الروسي لا تعني بالضرورة أن يسترجع الشيشانيون أراضيهم ويطردوا الروس منها بين عشية وضحاها، بل لابد قبل ذلك من صبر طويل، واستنزاف للعدو الروسي، وهذا يعني أن الاحتفاظ بالأرض يحتاج إلى فقه واقعي عسكري حكيم، ففي بدء المعارك أصر المجاهدون على الاحتفاظ بالمدن الرئيسة تحت سيطرتهم وقاوموا الغزو الروسي أسابيع طويلة، لأن الاحتفاظ بها يرمز إلى الثبات، ولكن لما اشتد الهجوم وزادت وحشية القصف، ولحق الضرر بالمسلمين، ظهرت المرونة في تكتيك المجاهدين، حيث تنازلوا عن المدن التي يحتفظون بها، وانتقلوا فورا إلى مرحلة حرب العصابات، والتي من أهم شروطها عدم الاحتفاظ بمكان ثابت، والدفاع عنه بالقوة.

نظريات خطاب في الجهاد

لم يكن خطاب، يقاتل بأسلوب عشوائي وإنما كان له فكر جهادي ناضج حتى أصبح مدرسة ومنهجاً، نظرياته القتالية الثلاث هي :

  • النظرية الأولى: التربية، وعلى هذا الأساس كلما أتى بلداً من البلدان وأراد أن يفتح باب الجهاد فيها قام بأخذ مجموعة من شبابها، ثم اعتنى بهم ووضعهم في محاضن دعوية حتى يكونوا هم أساس الدعوة والجهاد في ذلك البلد، وفي الشيشان أنشأ “معهد القوقاز الديني” لتخريج الدعاة، وأول مجموعة اعتنى بها في الشيشان كانت من 90 شخصاً ثم صفاها حتى وصل عددها إلى 60 شخصاً، مع العلم أنه وجد معارضة من بعض الطيبين في هذا الأمر حيث طالبوا بالقتال ابتداء وكانوا يحتجون بضيق الوقت واحتلال بلاد المسلمين والعبث بها ولكنه أصر على هذا الأمر. وكان يحث جنوده على مسألة مهمة وهي مطابقة الفعل مع القول
  • النظرية الثانية: التجهيز، فقد بلغ به الأمر أنه كان يجهز عتاد السنة قبلها فكان يُعْجِز من حوله بدقة الترتيبات, حتى كان مدرسة في التنظيم والترتيب منذ كان في أفغانستان، وكان استعداده يشمل الطعام والسكن والطريق والاستخبارات حول العدو بحيث يحصل التكامل في تجهيزه واستعداده
  • النظرية الثالثة: القتال, طالب بعض الخبراء العسكريين الروس أن تدرس أفكاره العسكرية في جامعاتهم، نظراً لعدة أمور منها هو أن الشيشان صغيرة ومكشوفة تكنولوجياً وعسكرياً، ومع ذلك نجح في مهمتين: استطاع التخفي بجنوده والحفاظ عليهم، واستطاع أيضاً دك القوات الروسية وإيقاع الخسائر بها

ثوابت في جهاد خطاب

لم يكن خطاب، يقاتل بأسلوب عشوائي، أو يجاهد انطلاقا من عاطفة غير موزونة، بل كان في جهاده عبر سنوات طويلة ينطلق من ثوابت واضحة وأكيدة استمدها من كتاب الله وسنة النبيوتعلمها من رفاقه المجاهدين الذين التقاهم عبر خمسة عشر عاما من الجهاد المتواصل ومنها:

  • الجهاد ليس مرتبطا بحياة القائد، إن بقي يمضي الجهاد في طريقه، وإن قتل استمر الجهاد إلى قيام الساعة، وهذا أمر كان خطاب يؤكد عليه، لأنه يعلم أنه من الممكن أن يلقى حتفه في أي لحظة
  • الجهاد هدفه الأول إقامة شرع الله عز وجل، هكذا كان خطاب يعتقد، ويظهر ذلك جليا في مراحل كثيرة من حياته وكلماته، فقد ذهب هو وإخوانه لكي يدعموا المسلمين في القرى الداغستانية التي أعلنت إقامة الشريعة، فأعلنت روسيا الحرب عليها، كما أنه ذكر أكثر من مرة أن تطبيق الشريعة هو الهدف الرئيس للجهاد في الشيشان
  • لا سبيل للتفاوض مع الأعداء، ولا يمكن أن يجلس المجاهدون مع قتلة المسلمين على مائدة واحدة لكي يخرجوا بقرارات وهمية
  • لا انتهاء للحرب مع الأعداء إلا بأن يزال الضرر الواقع على المسلمين، وأن ترجع إليهم حقوقهم، وأراضيهم، ويستردوا حريتهم، أما وضع نهايات أخرى ملفقة للحروب، فذلك أمر من قبيل الخداع، لا ينبغي الاستجابة له
  • القائد ليس منصباً مريحاً، ولا يعني الأمان أو الابتعاد عن أوجه الخطر، بل بالنسبة إلى خطاب القيادة معناها مزيد من التضحية، والفداء لرجاله من كل خطر، القيادة هي مسؤولية وولاية تولاها على المسلمين، فعليه أن يكون ناصحا لهم، وهكذا كان خطاب، كما يروي عنه رفاقه، ويقول أبو عمر النجدي في مقالاته عن الانحياز من جروزني، والصعاب التي واجهوها في ذلك: قام القائد خطاب برصد الطريق بنفسه لضمان سلامة الطريق وسهر الليالي الطوال المتواليات يفكر في أمر الجرحى والمرضى والأصحاء على حد سواء

ويقول في موضع آخر: كان القائد العام يبحث لنا عن طريق سهل علينا يحافظ فيه على قوانا وطاقتنا فعرض نفسه للخطر أكثر من أربع مرات كل ذلك حتى يجنبنا الإرهاق وذلك بصعود جبل شاهق كان يعرف أنه سينهك قوانا لو سلكناه أولاً فحاول الاستبقاء على قوانا ولكن دون جدوى، فأمرنا أخيراً بعد المحاولات مضطراً الصعود إلى الجبل الذي تجنبه أولاً

  • وحدة الصف هي دعامة أساسية في مواجهة عدو غاشم وملحد كالروس، وعندها ينبغي التغاضي عن أي خلاف سياسي، واعتبار أن الجميع في خندق واحد، وكان خطاب رغم ما بينه، وبين أصلان مسخادوف من اختلافات كثيرة في المواقف أو الرؤى، إلا أنه كان يحرص على إظهار وحدة الصف، وأن الخلاف أمر طبيعي، والمهم أن يكون الجميع في نفس الخندق.
  • لا ينبغي للقائد أن يصاب بالياس أو القنوط من رحمة الله، حتى وهو في أحلك الظروف، وعليه أن يبذل كل الجهد للخلاص من الأزمة، دون أن يبدي هلعاً أو يثير الفزع في نفوس الرفاق، وكان خطاب ذا إرادة حديدية لا يعرف اليأس لقلبه طريقا، وفي حصار جروزني الشهير، لما ضاقت السبل بالمجاهدين، لم يدفعهم ذلك للاستسلام أو التخاذل، بل صمدوا، حتى تحقق لهم الانحياز بما يشبه المعجزة العسكرية.
  • الرفق بالمدنيين والحرص على سلامتهم فالجهاد بالنفس وطلب الشهادة، والتضحية بالغالي والنفيس، لا يعني ان يتعامل المجاهدون مع المدنيين والاهالي، بنفس الأسلوب الذي يتبعونه مع أنفسهم، بل ينبغي الرفق بهم، والحرص عليهم وعلى أرواحهم، وكان خطاب مدركا لذلك تماما، وكان حريصا على ألا يصيب الأهالي أي أذى بسبب المجاهدين، يقول أبو عمر حاكيا عن دخول المجاهدين قرة تاوزني:

    « كان استقبال أهل القرية للمجاهدين عجيباً حيث خرجوا لهم بالطعام والشراب بل وفتحوا أبواب بيوتهم للمجاهدين للنوم والاستحمام والاستراحة مما كان له الأثر في رفع معنويات المجاهدين، وارتحنا فيها بعد عناء طويل، ثم أمرنا القائد العام بالخروج من القرية خشية أن يعلم الروس بنا فيحاصروا القرية ويؤذوا المدنيين، فكان القادة حريصين على حياة المدنيين العزّل أكثر من حرصهم على راحة المجاهدين، فالحفاظ على أرواح المدنيين كانت على قائمة المهمات التي يراعيها القادة فهم على استعداد أن يتحملوا ويحملوا المجاهدين العناء بشرط ألا يتضرر مدني واحد، وكان من أهم الأسباب التي تم تحويل أسلوب حرب المجاهدين من حرب نظامية إلى حرب عصابات هو الحفاظ على أرواح المدنيين وحتى لا يقصف الروس القرى التي يقطنها المدنيون.

الحزم

أما حزمه وانضباطه فتحدث عن حزمه هو شخصياً حيث يقول: لما جئت إلى الشيشان انضمت إلي مجموعة من 90 رجلا من طلاب الشيخ فتحي الشيشاني، وصرفت أولاً منها 15 رجلاً ثم صرفت أيضاً 15 رجلاً، وبقي معي ستون، وحذرني بعض الإخوة من الطرد لأن الشيشانيين عندهم حمية، فلو ذهب بعضهم فاحتمال كبير أن يلحق بهم الآخرون، وفي يوم من الأيام نمنا ولما أصبحنا إذا فرقة الحراسة نائمة معنا، وتركت مهمتها، وكانت ليلة باردة، فطلبت منهم أن يخلعوا خفافهم، ثم طلبت منهم المسير إلى النهر، وكان العشب من شدة البرد كأنه عيدان يابسة، ثم ساروا وهم يكادوا أن يهلكوا من شدة البرد، فلما وصلنا للنهر طلبت منهم أن يدخلوا أقدامهم فيه تأديباً لهم، وبعد فترة أمرتهم بالخروج، وقد تجمدت أقدامهم حتى أن بعضهم سقط على ركبتيه من الإعياء والألم، وارتفعت أصواتهم علي حتى هددوني بالخروج وتركي، فقلت لهم لا مانع لدي حتى لو لم يبق معي أحد. مع أني كنت أخشى من ذهابهم، وبالتالي ذهاب أملي بتحرير تلك البلاد ولكن يسر الله، فبقي منهم ستون رجلاً أخذوا دورة علمية مدتها 25 يوماً، وهم الآن قادة السرايا.

غض الطرف

كان يكره الالتحام مع المخالفين حتى لا ينشغل بالمسلمين عن عدوهم المشترك، فيمنع التعرض للجماعات السنية بأي سوء حتى لا يحصل التشرذم والتفرق، ولهذا كان إذا سمع أحداً يخوض في هذا يقول له:

« عجباً لبعض الناس سلم منه الملاحدة والنصارى ولم يسلم منه إخوته المسلمون»

وعندما كان في طاجكستان حاول القائد الطاجيكي العسكري رضوان الإساءة إليه، ورغم طلب جنوده منه أن يرد عليه إلا أنه طلب منهم أن لا يشغلهم هذا القائد عن قتال الشيوعيين حتى أنه عندما جاء إلى الشيشان كان 60% من طلابه ومجاهديه صوفية، ثم لبث معهم فترة حتى صحح معتقدهم رغبة منهم واقتناعاً.

اغتياله

في 19 مارس سنة 2002 م استطاع الجيش الروسي تنفيذ عملية اغتيال لخطاب، حيث دس عميل لهم في صفوف المقاتلين وإعطاء خطاب رسالة مسمومة أدت إلى مقتله. لم يعترف مجلس الشورى العسكري بمقتل خطاب إلا بعد اسبوعين من وفاته، حيث اصدر بيان رسمي يوضح كيفية الوفاة وكيف تسلل الفيديو الذي تم تصويره لجثة خطاب بعد وفاته إلى الجيش الروسي ومنه إلى وسائل الإعلام الروسية. وأما تفاصيل استشهاده فقد اختلفت الروايات في ذلك: فما بين موقع وا إسلاماه وتناقلته أكثر من جهة أن قتله كان على يد واحد من أولئك العملاء ممن وثق بهم خطاب وقربه منه حيث سلمه رسالة مسمومة مات على إثرها.

وكان أحد القادة الميدانيين العرب قد أرسل رسولاً إلى خطاب يحمل إليه رسالة خطيه وفي وسط الطريق أرسل خطاب رسولاً من عنده ليتسلم الرسالة, ولكن ذلك الرسول الذي من عند خطاب كان عميلاً – وثق به المجاهدون – فوضع سماً في الرسالة وفور تسلم خطاب لها وملامسة السم ليده لم يلبث سوى خمس دقائق وفاضت روحه. إلا أن هناك رواية أشار إليها إجمالاً موقع القوقاز أن قتله كان بسم دس في طعامه غدراً، كما ذكر وأن السم وضع له بينما كان يتناول طعام الغداء في دعوة خاصة حيث وقع الغدر به. إلا أن المجاهدين تكتموا خبر موته لمصلحة الجهاد ولحين ترتيب الأوضاع إلا أنه تسربت أنباء استشهاده حيث وقع شريط الفيديو الذي صوره المجاهدون لجثمان خطاب في أيدي القوات الروسية وبادرت القوات الروسية بنشر الشريط.

كانت أمنية والد خطاب أن يراه قبل وفاته, انتظر والده سنوات وسنوات لعل يوماً يطل عليه من الباب وجه خطاب ولكن عرف الوالد أن رؤيا ابنه من الصعوبة بمكان، ثم فاضت روح والده ولم تتحقق أمنيته. وقال خطاب في إحدى المناسبات:

«من عاش صغيراً مات صغيراً، ومن عاش لأمته عظيماً مات عظيماً

خبر وفاته على الشاشات

رغم أن خطاب عربي مسلم ورغم أنه قائد معروف لدى دول العالم إلا أنه لم تبد أي قناة عربية ماعدا الجزيرة له اهتماماً, فهي أول وأكثر قناة تناولت الخبر, ووضعت له برنامجاً خاصاً، وأعادت لقاءات تمت معه لتعطي صورة واضحة في متابعة الحدث. أما القنوات الأجنبية فكانت متابعة للحدث بقوة، ففي روسيا قطع البث التلفازي من أجل عرض بيان وزارة الدفاع الخاص باستشهاد خطاب، وعرض عدة مرات في تلك الليلة واليوم التالي، ووزعت التبريكات من خلال مشاركات المشاهدين، ووضعت اللقاءات التي تحدثت عن هذا النصر الروسي، وأقيمت برامج كاملة عن حياة خطاب ونوقشت فيها أفكاره العسكرية وخططه التي وصفها أحد خبراء الروس في برنامج عرض في أحد أيام السبت بأنها “جهنمية” ووصفها خبير آخر بأنها “شيطانية”. ولم تغفل البي بي سي ولا السي إن إن هذا الحدث، فتحدثت عنه بإسهاب كعادة القنوات الإخبارية

أعلام الإسلام

الصين – تركستان الشرقية : صوت تركستان الشرقية الحر .. عبد القادر يبتشان

Published

on

الصين – تركستان الشرقية | أحوال المسلمين

ولد عبد القادر يبتشان  بتاريخ 10 أكتوبر 1958 في بلدة يبتشان التابعة لمحافظة كاشغر ضمن قسم تركستان الشرقية، من عائلة تعتمد على الفلاحة و تربية المواشي.

بدأ عبد القادر الدراسة في سنة 1966، و كان من الأوائل في صفه، و ما إن بلغ 15 سنة حتى اعتقلته السلطات الصينية بدعوى تنظيم مجموعة من تلاميذ الثانوية و انشاء عصبة، و كان ذلك بتاريخ 8 نونبر 1973، ليتم بعد ذلك تقديمه للمحكمة و الحكم عليه بقضاء 10 سنوات من الأعمال الشاقة، ليتم لاحقا ارساله الى مخيم العمل.

بعد وفاة الدكتاتور الشيوعي ماو زيدونغ (Mao Zedong)، تم تخفيف الحكم على عبد القادر و أطلق سراحه في 8 أكتوبر 1979، و بذلك قضى 6 في المعتقل.

خلال إقامته في السجن تعرف عبد القادر على الشيخ العالم عبد الحكيم محسوم، المشهور في تركستان الشرقية بسعة حفظه و اتقانه للأمور الدينية، و بدأ في تحصيل العلم منه بطرق سرية.

بعد مغادرته السجن، قصد عبد القادر مقر مدرسة الشيخ عبد الحكيم محسوم في بلدة كاجالك التابعة لمحافظة كاشغر في سبيل إتمام طلب العلم و أصبح لاحقا مهتما بالدعوة و الإرشاد.

في الخامس من أبريل/نيسان 1990 قام القائد المجاهد زيدين يوسف بانتفاضة ضد الظلم الصيني في بلدة بارين التابعة لمحافظة أرتوج الملاصقة لمحافظة كاشغر، و على إثر ذلك قام القوات الجوية و البرية الصينية بمحو المدينة من الخريطة.

في خضم ذلك، أرسل القائد عبد القادر يبتشان الى مكتب كاشغر رسالة من 8 مواد، يطلب فيها السلطات الصينية الإلتزام بها و هي :

1- التوقف عن “تحديد النسل” في تركستان الشرقية

2- البدأ في إيذاع دروس إسلامية في التلفاز

3- تحرير جريدة في سنجان تخاطب المسلمين و تعرف بهم

4- إنشاء معاهد لتدريس الأئمة

5- تخصيص صفحة من جريدة سنجان للحديث عن الأمور الدينية

6- تخصيص ساعة كل أسبوع في المدارس لتعليم الأطفال أمور دينهم

7- حذف الماركسية من المناهج الدراسية للطلبة المقيمين في تركستان الشرقية

8- حذف القوانين التي تواجه الدعاة و ناشري الإسلام.

بعد اجهاض الإنتفاضة، ادعت السلطات الصينية أن لعبد القادر علاقة بالمجاهد يوسف، و حكمت عليه بالسجن 3 سنوات، و تم إطلاق سراحه في سنة 1993، غير أنه لم ينعم بالحرية مدة حتى أعيد سجنه بتهمة المشاركة في جنازة العالم عبد الحكيم محسوم بتاريخ 19 يونيو 1993.

بعد خروجه من السجن في 25 يناير 1996، و في إطار القيام بواجبه الديني، قصد مكة للحج، و في نفس الرحلة بدأت هجرته و تغربه عن بلده.

بعد قضائه فريضة الحج، زار القائد عبد القادر مدن آسيا الوسطى ذي العرق التركي، و هي كل من قرغيزستان، كازاخستان و أوزبكستان، و مع ارتفاع التأثير الصيني على تلك البلدان، هاجر عبد القادر الى باكستان.

خلال إقامته في باكستان، أنشئ عبد القادر “الحزب الإسلامي لشرقي تركستان” و واصل الدفاع عن حقوق المسلمين الأويغور و التعريف بمحنتهم، و بقي هناك الى غاية أواخر سنة 2002.

بعد هجمات الـ 11 سبتمبر/أيلول بدأت كثافة الصينيين في باكستان ترتفع، عندها قرر عبد القادر الهجرة الى تركيا، باعتبارها ديار الإسلام و الأتراك، و أنها بر الأمان، و منذئذ لازال مقيما فيها.

يشهد للقائد التركستاني عبد القادر درايته العميقة في الدين، و حرصه على العمل به، و تعليمه للمسلمين.

بعد قدومه الى تركيا، و تعرفه على حقوقه التي يكفلها له القانون التركي، قام القائد عبد القادر باستعمال كافة حقوقه للدفاع عن المسلمين المضطهدين في تركستان الشرقية، وذلك بتقديم طلب لجوء في تركيا الى الأمم المتحدة، و الذي سرعان ما تم قبوله باشرت السلطات الصينية في بث العديد من الإفتراءات على عبد القادر في سبيل الضغط على الأمم المتحدة لترحيله الى الصين، لكن مكتب الهجرة أعلن أن كل هذه الاداعات زائفة و عارية من الصحة، و بذلك لم تبطل الأمم المتحدة حق اللجوء على القائد عبد القادر.

قام عبد القادر بانشاء مجموعة من المشاريع الاقتصادية و الدورات الدينية و قناة إعلامية في سبيل نصرة الأويغور المسلمين و كشف الهم عليهم.

و في سبيل ذلك، أنشئ عبد القادر مع شراكة العديد من الزعماء، مؤسسة إعلامية تدعى “إعلام الأويغور”، دشنت كلا من نسختي الموقع الإلكتروني و قناة فضائية “إستقلال TV” تحرص على البث باللغتين الأويغورية و التركية، و على التعريف معاناة المسلمين في تركستان، بالإضافة للمجازر و الجرائم التي يتعرضون لها.

%d9%82%d9%86%d8%a7%d8%a9-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d9%82%d9%84%d8%a7%d9%84

و مع استمراره و كفاحه في هذا الطريق أصبح القائد عبد القادر يبتشان مشهورا بين التركستانيين في الخارج و الداخل، و يكنى بـ”صوت تركستان الشرقية الحر”، و أصبح إسمه بالمقابل في مقدمة اللائحة السوداء للسلطات الصينية الى جانب 14 أويغوري آخرين.

و في سبيل تركيعه و دفعه للتنازل على القضية، قامت السلطات الصينية بسجن والدته ذي 70 عاما، و تم تهديده أكثر من مرة، لكن كل هذا لم يمنع القائد عبد القادر يبتشان من التخلي عن القضية.

طالب عبد القادر غير مرة بمراجعة طلب الجنسية التركية، لكن طلبه رفض في كل مرة، مع أن زوجته و ابنته يحملان الجنسية التركية.

في يونيو 2003 قامت الشرطة التركية في منتصف الليل باعتقال عبد القادر و اخضاعه للمراقبة، مما استرعى تدخل المؤسسات و الجمعيات التركستانية للدفاع عنه، الأمر الذي أدى الى إطلاق سراحه صبيحة تلك الليلة.

قبيل الألعاب الأولمبية المنعقدة في بكين سنة 2008، تم اعتقال عبد القادر و اخضاعه للمراقبة مجددا، و لاحقا تم الحكم عليه بقضاء إقامة جبرية في مدينة يوزقاط المحاذية للعاصمة أنقرة.

قضت محكمة غول باشي للصلح و الجزاء ضمن قسم المعلومات التقنية و التواصل، بتاريخ 1 سبتمبر/أيلول 2016، إقفال قناة “إستقلال TV”، و تم مباشرة توقف البث بها.

abdulkadir_yapcan_dogu_turkistan_3-768x499

أما بتاريخ 31 غشت/أغسطس 2016 احتجزت السلطات التركية عبد القادر من إقامته في صفاكوي، و وضعته تحت المراقبة، و في 1 سبتمبر/أيلول تم إطلاق سراحه، ليصدر في نفس اليوم قرار من لدن محكمة بكر كوي باحتجازه و اخضاعه للمراقبة، الأمر الذي أثار حنق و أسف التركستانيين المقيمين في داخل تركيا و خارجها.

و يعتقد التركستانيون أن اعتقال عبد القادر يبتشان قبيل قمة العشرين التي نظمت في مدينة هانجو في الصين، تم بضغط صيني على تركيا، و أن أبعاد هذه الضغوط ضبابية، قد تصل الى درجة تسليم القائد عبد القادر الى السلطات الصينية في سبيل إرضائها.

Continue Reading

أعلام الإسلام

سوريا : سيرة شيخ الإسلام إبن تيمية

Published

on

 ولادته و نسبه

نسبه ومولده

 

هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله تقي الدين أبو العباس النميري العامري، ولد في حران يوم الاثنين العاشر من ربيع الأول سنة 661 هـ ،وهي بلدة تقع حاليا في الجزيرة الفراتية بين دجلة والفرات.

 

يرجع نسب اسرته إلى جده الأكبر محمد بن الخضر، ولم يذكر المؤرخون اسم قبيلته بل ينسبونه إلى حران والبعض ينسبه إلى قبيلة نمير، حاله كحال كل القبائل العربية التي أخفت انسابها في تلك المنطقة خوفا من العقاب والتهجير من قبل الشعوبيين اثناء حكم بني العباس الذين كانوا يحقدون على العرب ويضطهدونهم.

وأما سبب شهرة الأسرة بإبن تيمية؛ فهو أن جده محمد بن الخضر حج وله امرأة حامل ومر في طريقه على درب تيماء فرأى هناك جارية طفلة قد خرجت من خبائها فلما رجع إلى حران وجد امرأته قد ولدت بنتا فلما رآها قال: ياتيمية فلقب بذلك. وقيل أن جده محمدا هذا كانت أمه تسمى تيمية، وكانت واعظة فنسب إليها هو وبنوه .

 

نشأته

حياة بن تيمية عصره سجنه جهاده مشايخه تلاميذه

 

نشأ ابن تيمية بين أسرة معروفة بالعلم والصلاح ، كانت لهم الصَّدارة في المسجد الجامع، وكان من أسرته الإمام مَجْد الدين بن عبدالسلام، وولده الإمام الشيخ عبدالحليم والد الإمام أحمد ابن تيمية ، فشرِب العلمَ منذ نعومة أظفاره في حجْر أبيه، فكان للعلم تقديرٌ خاص لديه؛ بسبب إجلال أسرته للعلم، وشهرتها به، فدرس علومَ الشريعة المختلفة منذ صِغَره فختَم القرآن صغيرًا، ثم اشتغل بحِفظ الحديث و دراسة الفِقه والعربية، حتى برع في ذلك، مع ملازمة مجــالس الذِّكْر وسمــاع الأحاديث والآثار.حتى إنَّه تولَّى الدرس بعد موت أبيه وكان عمره اثنتان وعشرون سَنة فكان يناقش ويردّ ويفتي وهو في ريعان الشباب.

ويُذكر أنه حين استولى المغول على بلاد حران وجاروا على أهلها، انتقل ابن تيمة مع والده وأهله إلى دمشق سنة 667 هـ فنشأ فيها وتلقى على أبيه وعلماء عصره العلوم المعروفة في تلك الأيام.. وقدم مع والده إلى دمشق وهو صغير. قرأ الحديث والتفسير واللغة وشرع في التأليف من ذلك الحين. بَعُدَ صيته في تفسير القرآن واستحق الإمامة في العلم والعمل وكان من مذهبه التوفيق بين المعقول والمنقول. يقال عنه أنه كان مقترحا متحمسا للجهاد والحكم الشرعي, وقد كان أيضا شخصا مؤثرا في نمو حركة الإسلام السياسي.

وكانتْ أسرته تسلك في التدليلِ على المسائل العقدية والفقهية مسلكَ الحنابلة ومع أنه نشَأ وتربَّى وتعلَّم على أصول المذهب الحنبلي، فأبوه وجَدُّه – بل أسرته – أعلامُ الحنابلة في دمشق والشام، لكنَّه لم يقتصرْ في دراسته على المذهب الحنبلي؛ بل درس المذاهب الفقهية الأخرى، ثم آل أمره في آخر حياته إلى عدم التقيُّد بمذهب معيَّن، بل كان يُفتي بما يترجَّح له دليلُه.

وكان يذكُر أنَّ اختلاف العلماء رحمةٌ واسعة، فقال: ولهذا كان بعضُ العلماء يقول: إجماعهم حُجَّة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة.

مشايخه

عن شيوخ الذين تلقى على أيديهم العلم يقدرون بأكثر من مائتي شيخ منهم أربع شيخات ..

الإمام ابن عبدالدايم.

الشيخ عفيف الدين عبدالرحمن بن فارس البغدادي.

الشيخ علي الصالحي.

والشيخ محمَّد بن عبدالقوي.

الشيخ محمَّد بن إسماعيل الشيباني.

ويعد أيضا والده شِهاب الدين أبو المحاسن هو أحد شيوخه الذيت تعلم على أيديهم.

ومن الشيخات :

فعمته ست الدار.

والشيخة أمُّ الخير الدمشقية.

والشيخة أمُّ أحمد الحرانية.

والشيخة أم محمَّد المقدسية.

عصره

عاش ابن تيمية في عصر كثرت فيه البدع والضلالات، وسادت كثير من المذاهب الباطلة، واستفحلت الشبهات، وانتشر الجهل والتعصب والتقليد الأعمى، وغزيت بلاد المسلمين من قبل التتار والصليبيين

ومن صور الضلالات في عصره على سبيل المثال :

كثرة البدع والشركيات، خاصةً حول القبور والمشاهد والمزارات المزعومة، والاعتقادات الباطلة في الأحياء والموتى، وأنهم ينفعون ويضرون، ويُدعون من دون الله.

انتشار الفلسفات والإلحاد والجدل.

هيمنة التصوف، والطرق الصوفية الضالة على العامة من الناس، ومن ثَمَّ انتشار المذاهب والآراء الباطنية.

توغل الروافض في أمور المسلمين، ونشرهم للبدع والشركيَّات، وتثبيطهم للناس عن الجهاد، ومساعدتهم للتتار أعداء المسلمين.

عزوفه عن الزواج

لمّا كان ابن تيمية عالما ربانيّاً مجاهداً أخذ على عاتقه عدة أدوار منها الدور الدعوي والإصلاحي، وتربية النشء، ودَوْره الجهادي، فتعرض للحبس والترسيم، وتنقّل من مكان لآخر، واغتراب عن الوطن والأهل، مجاهدًا وداعيًا ومعتقلاً، ومدافعًا عن المسلمين وديارهم.

كل هذه الأمور جعلت ابن تيمية وغيرَه من كبار العلماء مِن صالحي هذه الأمة يعزفون عن الزواج، لا رغبةً عنه ورهبنة ولكنه مسلك شخصي اختاروه لأنفسهم مايزوا فيه ببصيرتهم الخاصَّة بيْن خير الزواج وخير العلم الذي يقومون به، فرجح لديهم خيرُ العلم على خير الزواج لهم، فقدَّموا مطلوبًا على مطلوب، ولم يَدْعُوا أحدًا من الناس إلى الاقتداءِ بهم في هذا المسلَك.

ودليل ذلك أن ابن تيمية رحمه له لهم في مصنَّفاته كلامٌ رصين أبان فيه أحكامَه الشرعية؛ بل وتكلَّم على سائر الموضوعات التي لها علاقةٌ بالزواج، سواء من قريب أو من بعيد، بمعرفةٍ فاحصة، وعِلم غزير كما في مصنفه “فتاوٍ عن النِّكاح” و صفحاته 362 صفحة.

خدمته للإسلام و المسلمين

ابن تيمية

مِن مِحْراب العلم إلى مَيْدان القتال كتاب يهدي وسيف ينصر .. لابن تيمية مواقف مشهودة في مجالات أخرى عديدة ساهم فيها مساهمة قوية في نصرة الإسلام وعزة المسلمين؛ فإن العالِم الربَّاني عابدٌ لله – تعالى – في كـل وقت، وعلى أيِّ حال، فإنْ كان في المسجد فهو المعلِّم الواعظ المرشِد، وإنْ كان على مِنبر فهو الخطيب المصقاع، وإنْ كان في الطريق، فهو ذاكِرٌ لله – عز وجل – آمِرٌ بمعروف أو ناهٍ عن منكر أو ناصح، وإنْ دعا داعي الجهاد كان أوَّلَ الملبِّين، وإنِ التحم الصفَّان كان هو المقاتلَ الصنديد، والمدافعَ المِقْدام الشجاع، وإنْ كان هناك مكانٌ شاغر من أماكن المرابطة، كان السابقَ إليه؛ وكان هذا حالَ الإمام ابن تيمية، فمَع أنه يعلِّم، فهو يقاتل، ولقد كان الإمام ابن تيمية عاكفًا على الدَّرْس والفَحْص، والوعظ والإرشاد، وبيان الدِّين صافيًا نقيًّا، كما نزَل على النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – وكما تلقَّاه السلف الصالح – رضوان الله سبحانه وتعالى عليهم أجمعين.

مع عُكوفه على الدَّرْس، كان متصلاً بالحياة والأحياء، يُقيم الحسبة، ويبلغ ولاة الأمر إن رأى أمرًا يُوجِب تبليغهم، ما كان يشغله درسُه عن شؤون الدِّين العامَّة، والقيام على حِراسته وحمايته مِن المتهجِّمين عليه، وأنه في سبيل حمايته لا يخشَى في الله لومةَ لائم وإنَّ وقوفه في مَيْدان القِتال وشجاعته، قد ضُرِبت بها الأمثال، وهذا مما لا يختلف فيه اثنان، سواء ممَّن عاصروه أو تَرْجموا لـه، فكان ينزل منزلَ الموت عندَ اللِّقاء، ولا يراه المحارِبون إلا بعدَ انتهاء المعركة، وفي أثنائها مَن يراه يرى أسدًا هَصورًا مندفعًا، يصول ويجول، ويقاتل الأعداء طالبًا الشهادةَ، وإنْ رأى من الجنود وَهنًا أو ضعفًا أو جبنًا، شجَّعهم وثبَّت قلوبَهم مِن خلال تلاوته عليهم آياتِ الجهاد، وبما يرونه مِن قتاله وبسالته، وإنَّ تتبُّع كلِّ المعارك والوقائع التي شهِدها الإمام، أو حصْر مواقفه الشُّجاعة، ليست من السهولة بمكان، وبفَرْض حصرها، فجمُعها وسردها يحتاج إلى كتابةٍ مسهبة، ولكن الذي يُمكِنُنا هو الإشارةُ إلى بعض تلك المواقِف، الدالَّة على شجاعته وجرأته مع الأعداء على اختلاف مشاربهم وتنوُّعهم، كما يلي:

1- جهاده وقتاله ضدَّ التتار – وهو الأغلب.

2- جِهاده وقتاله ضدَّ النَّصارَى.

3- جهاده ضد الروافض والمعتدين.

جهاده ضد التتار

 

أمَّا جِهاده ضدَّ التتار، فمعروفٌ ومشهور، فمِن ذلك موقفُه من غازان ملك التتر، حيث ذهب إليه هو ووفدٌ من أعيان دمشق في 699هـ، حيث أغلَظ له القول، وكان ذلك الموقف سببًا في عدم اعتداء ذلك الملِك على دمشق، وكذلك بعدَ رحيل التتار خاف الناس مِن عودتهم مرَّةً أخرى، فاجتمعوا حولَ الأسوار لحِفظ البلاد، وكان الإمام يدور عليهم كلَّ ليلة يُثبِّت قلوبهم ويصبِّرهم، وبعد ذلك في سنة 700هـ لما طارتْ شائعة قدوم التتار مرَّةً ثانية لغزو الشام، وخاف الناس وهَرَب كثيرٌ من الأعيان والأُمراء والعلماء، ولكن الإمام ابن تيمية جلَس في الجامِع يحرِّض الناس على القِتال، وينهاهم عن الفرار، ويحثُّهم على فضْل الإنفاق في سبيل الله.

ولما انتشر خبرعزم المغول على غزو الشام تسامعتِ الأخبار بأنَّ السلطان تراجَع عن الحرْب انتدبه الناس للسفر إلى مصر لملاقاة سلطانها الناصر محمد بن قلاوون فسافر إليه ليحثَّه على الجهاد ويثبِّت قلْبه، ووعْده بنصْر الله – عز وجل – ثم خاطَب السلطان بلهجةٍ غليظة قائلاً لـه: “إنْ كنتم أعرضتم عن الشام وحمايته، أقمْنا سلطانًا يحوطه، ويستغلُّه في زمن الأمْن.
عندما أقنع شبخ الإسلام إبن تيمية السلطانَ بضرورة المواجهة مع التتار واجتمعت الجيوش المصرية والشامية في جنوبي دمشق، برزت وقتها مشكلة فقهية. إذ قال الناس (وبعض الفقهاء) كيف نحارب هؤلاء التتار وهم مسلمون؟، فقال لهم ابن تيمية: هؤلاء من جنس الخوارج الذين خرجوا على عليّ – رضي الله عنه ـ وقال لهم : إن كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه ـ يجب قتالها، وإن تكلموا بالشهادتين ـ وقال: لقد شاهدنا عسكرهم (التتار) فرأينا جمهورهم لا يصلي وهم يقاتلون على ملك جنكيزخان ويقدسون تعاليمه، وإذا رأيتموني والمصحف على رأسي في ذلك الجانب (مع التتار) فاقتلوني.

ولقد ظهرتْ شجاعة الإمام ابن تيمية، ولمعَتْ في جهاده في نوبة شَقْحب سنة 702هـ، بتحريضه على القِتال، وبتثبيت السلطان والأمراء والجنود، ووعْده إيَّاهم بالنصر، وكان يقبل على الخليفة تارةً، وعلى السلطان أُخْرى، ويربط جأشهما ويشجعهما، حتى كتَب الله النصر للمسلمين، فارتفعتْ منزلة الشيخ، وعلا قدرُه عند العامَّة والخاصَّة، وعرَفوا فضله، ودوره في إحراز النصْر.

جهاده ضد النصارى

 

وأمَّا جهاده ضدَّ النَّصارى، فقد حكَى تلميذه وصاحبه الحافظ البزَّار عمَّن رأَوا الشيخ وشاهدوه في جهاده ضدَّ النصارى، فقال: “وحدَّثوا أنهم رأَوْا منه في فتْح عكة أمورًا من الشجاعة يُعجَز عن وصفها. قالوا: ولقد كان السببُ في تملُّك المسلمين إيَّاها بفِعْله ومشورته”، وكان ذلك في سَنة 690هـ، وكان عمره أقلَّ من ثلاثين سَنة، واشتهر في تلك المعركة لَمَّا نادى منادي الجهاد، فاستعدَّ المسلمون للقِتال “ونُودِي في دمشق: الغزاة في سبيل الله إلى عكة… وخرجت العامَّة والمتطوِّعة يجرون في العجل حتى الفقهاء والمدرِّسين والصلحاء وخرج الناس من كل صوب.

ومِن جهاده ضدَّهم أنه “لمَّا ظهر السلطان غازان على دمشق المحروسة، جاءه ملِك الكَرَج وبذَل له أموالاً كثيرةً جزيلةً؛ على أن يمكِّنَه من الفتْك بالمسلمين من أهل دمشق، ووصل الخبرُ إلى الشيخ، فقام من فوْره، وشجَّع المسلمين ورغَّبهم في الشهادة، ووعدهم بالنصر والظفر، والأمن وزوال الخوف، فانتُدب منهم رجالٌ مِن وجوههم وكبرائهم وذوي الأحلام منهم، فخرجوا معه إلى حضرةِ السلطان غازان، فلما رآهم السلطان، قال: من هؤلاء؟ فقيل: هم رؤساء دمشق، فأذن لهم، فحَضَروا بيْن يديه، فتقدَّم الشيخ – رضي الله عنه – أولاً، فلمَّا أن رآه، أوقع الله له في قلْبه هيبةً عظيمة، حتى أدناه وأجلسه، وأخذ الشيخ في الكلام معه أولاً في عكس رأيه عن تسليط المخذول ملِك الكَرَج على المسلمين، وضَمِن له أموالاً، وأخبره بحُرْمة دماء المسلمين، وذكَّره ووعَظه، فأجابه إلى ذلك طائعًا، وحُقِنت بسببه دماءُ المسلمين، وحُميت ذراريهم، وصِين حريمُهم، فكان جهاده ضد النصارى مباشرةً بالسيف، كما كان غيرَ مباشر عن طريق دفْع ضررهم، إحباطا لمحاولتهم الفاشلة في الاستيلاء على المسلمين من قِبَل التتار.

جهاده ضد الروافض

 

وأمَّا جهاده ضدَّ الروافض والمعتدين، فمِن ذلك في سنة 704 هـ، حيث إنَّه “لم يزل الشيخ – رحمه الله – قائمًا أتمَّ قيام على قِتال أهل جبل كِسْروان، وكتب إلى أطراف الشام في الحثِّ على قتالهم، وأنها غزاة في سبيل الله، ثم توجَّه هو بمَن معه لغزوهم بالجبل، وبصُحبته ولي الأمر نائب المملكة، وما زال مع وليِّ الأمر في حِصارهم، حتى فتح الله الجبل، وأجلى أهله ونصَره الله عليهم، وأخْمد فِتنتهم، وألْزمهم اتِّباعَ الشريعة المطهَّرة قولاً وعملاً واعتقادًا.

وعن الروافض جاء في مجمع فتاواه : أما إعانتهم لهولاكو ابن ابنه لما جاء إلى خراسان والعراق والشام فهذا أظهر وأشهر من أن يخفى على أحد , فكانوا بالعراق وخراسان من أعظم أنصاره ظاهرا وباطنا , وكان وزير الخليفة ببغداد الذي يقال له ابن العلقمي منهم , فلم يزل يمكر بالخليفة والمسلمين ويسعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين وضعفهم وينهى العامة عن قتالهم ويكيد أنواعا من الكيد حتى دخلوا فقتلوا من المسلمين , ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان , أو أكثر أو أقل , ولم ير في الإسلام ملحمة مثل ملحمة الترك الكفار المسمين بالتتر , وقتلوا الهاشميين وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين , فهل يكون مواليا لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسلط الكفار على قتلهم , وسبيهم وعلى سائر المسلمين.

ومن اهم أقواله في الروافض ما قاله في كتابه “منهاج السّنة : الرافضة , إنما نقابلهم ببعض ما فعلوه بأمة محمد صلى الله عليه وسلم سلفها وخلفها , فإنهم عمدوا إلى خيار أهل الأرض من الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين , وإلى خيار أمة أخرجت للناس , فجعلوهم شرار الناس , وافتروا عليهم العظائم , وجعلوا حسناتهم سيئات , وجاءوا إلى شر من انتسب إلى الإسلام من أهل الأهواء , وهم الرافضة بأصنافها غاليها وإماميها وزيديها , والله يعلم وكفى بالله عليما ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر منهم , لا أجهل ولا أكذب ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان وأبعد عن حقائق الإيمان منهم.

تلاميذه

شخصيةً كشخصية الإمام ابن تيمية لا بدَّ وأن يكون لها آثارٌ بارزة؛ لهذا فقد تأثَّر به وبمنهاجه الكثيرُ، ، ، وتتلمذوا على يديه، ونهلوا من مَعِينه ، بحيث أصبح الواحدُ منهم بعد ذلك إمامًا في فنِّه، ومن أهم تلاميذه :

لإمام ابن قيِّم الجوزية، والإمام الذهبي، والإمام ابن كثير، والحافظ البزار، والإمام ابن عبدالهادي ،والشيخ الواسطي، والشيخ ابن الوردي ، والشيخ ابن رشيق، والإمام ابن مُفلِح وغيرهم الكثيرين .

سجنه

سجن بن تيميه

 

لما كان ابن تيمية رحمه الله صادعاً بالحق لا يخشى أحد مدافعاً عن القرآن والسنة، كانت ضريبة ذلك أنه دخل حرب متعدِّدةِ الجبهات مع خُصومَه من المذاهب والطرق، وسلطان زمانه الذي أدْخله سجنَه، حتى مات فيه.

فكانت حياته منظومة مِن المِحن تتابعتْ عليه، حيث إنَّه سُجِن سبع مرَّات : أربع مرات بمصر، بالقاهرة والإسكندرية، وثلاث مرَّات بدمشق، وكانت بداية السجن له حينما بلَغ الثانية والثلاثين من عمره

حيثث بدأ تعرُّضه لأخبئةِ السجون، وبلايا الاعتقال والترسيم عليه؛ “أي: الإقامة الجبرية” خلالَ أربعة وثلاثين عامًا، ابتداءً من عام 693هـ إلى يوم وفاته في سجن القلعة بدمشق، يومَ الاثنين 20 ذي القعدة سنة 728هـ، ولسجناته أسباب متعدِّدة:

أما السجنة الأولى، فكانتْ بدمشق عام 693 هـ لمدة قليلة.

وأمَّا السجنة الثانية، فكانتْ بمصر بسبب مسائلَ في الصِّفات؛ كمسألة العرْش والنزول، حيث عقدوا له محاكمة كان يظن شيخ الإسلام رحمه الله أنها مناظرة، فامتنع عن الإجابة حين علم أن الخصم والحكم واحد، فتم سجنه لمدة سَنَة وسِتَّة شهور مِن رمضان 705هـ – شوال ربيع الأول 707 هـ.

وأما السجنة الثالثة، فكانتْ بمصر بسبب مسألة منْعِه الاستغاثةَ والتوسل بالمخلوقين، وكلامه في ابن عربي الصوفي، وكانت هذه المدة يسيرة، ابتداءً من أول شوال 707 هـ – 18 شوال 707 هـ.

وأمَّا السجنة الرابعة، وكانتْ بمصر، وهي امتدادٌ للثالثة لمدَّة تزيد على شهرين من آخر شوال 707 هـ أول سنة 708 هـ.

وأما السجنة الخامسة، فكانت بمصر، وهي امتدادٌ للرابعة، حيث وقَع الترسيم عليه بالإسكندرية لمدة سبعة شهور وأيام، من غرة ربيع الأول 709 – شوال 709هـ، وكان ذلك بإيعازٍ من بعض المغرِضين.

وأما السجنة السادسة، فكانتْ بدمشق بسبب مسألة الحَلِف بالطلاق، وأنه من الأَيْمان المُكفَّرة، وكانتْ لمدة خمسة شهور وثمانية وعشرين يومًا من 12 رجب 720 هـ – إلى 10 محرم 721 هـ.

وأما السجنة السابعة والأخيرة، فكانت بدمشق بسببِ مسألة الزِّيارة السُّنية والبدعية للمقابرحيث زوّر خصومه كلاماً له حول زيارة القبور، وقالوا بأنه يمنع من زيارة القبور حتى قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فكتب نائب السلطنة في دمشق إلى السلطان في مصر بذلك، ونظروا في الفتوى دون سؤال صاحبها عن صحتها ورأيه فيها فصدر الحكم بحقه في شعبان من سنة 726هـ بأن ينقل إلى قلعة دمشق ويعتقل فيها هو وبعض أتباعه ودام سجنه لعامين وثلاثة أشهر وأربعة عشر يومًا، ابتداءً من يوم الاثنين 6 شعبان 726 هـ – إلى ليلةِ وفاته ليلة الاثنين 20 ذي القعدة 728 هـ.

وفاته

مكث شيخ الإسلام في سجنه الأخير الذي كان في(شعبان سنة 726هـ ) حتى مرض بعد أيّاماً يسيرة، ولم يعلم أكثر الناس بمرضه حتى فوجئوا في ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة من سنة (728هـ) بخبر وفاته بقلعة دمشق التي كان محبوساً فيها حيث ذُكر خبر وفاته مؤذن القلعة على منارة الجامع وتكلم به الحرس على الأبراج فتسامع الناس بذالك واجتمعوا حول القلعة حتى أهل الغوطة والمرج وأذن للناس بالدخول فيها، ثم غُسل فيها وقد اجتمع الناس بالقلعة والطريق إلى جامع دمشق، وصُلي عليه بالقلعة، ثم وضعت جنازته في الجامع والجند يحفظونها من الناس من شدة الزحام، ثم صُلي عليه بعد صلاة الظهر، ثم حملت الجنازة، واشتد الزحام، و أغلق الناس حوانيتهم، ولم يتخلف عن الحضور إلا القليل من الناس، أو من أعجزه الزحام، وصار النعش على الرؤوس تارة يتقدم، وتارة يتأخر، وتارة يقف حتى يمر الناس، وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها وهي شديدة الزحام ،وكانت جنازته عظيمة جدا وأقل ما قيل في عددهم خمسون ألفا والأكثر أنهم يزيدون على خمسمائة ألف . وقال العارفون بالنقل والتاريخ لم يسمع بجنازة بمثل هذا الجمع إلا جنازة الامام احمد بن حنبل الشيباني

وعن رثائه قال الإمام ابنُ فضْل الله العمري : “رثاه جماعاتٌ من الناس بالشام ومصر، والعراق والحجاز، والعرب من آل فضل” بِمَراثٍ كثيرة، نثرًا ونظمًا، وقد قال الإمامُ ابن حجر العسقلاني: “ورَثَاه شهابُ الدين بن فضل الله بقصيدة رائية مليحة… ورثاه زَينُ الدين ابن الوردي بقصيدة لطيفة طائية”

مؤلفاته

مؤلفات بن تيمية

 

لشيخ الإسلام ابن تيمية كتب وؤسائل ومؤلفات لا حصر لها ولكن سنذكر لكم بعض منها :

الاستقامة.

بيان تلبيس الجهمية.

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.

درء تعارض العقل والنقل.

الصفدية.

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية.

النبوات.

الصارم المسلول على شاتم الرسول.

الواسطة بين الحق والخلق.

الجواب الباهر في زوار المقابر.

اقتضاء الصراط المستقيم.

وله من الكتب والرسائل الكثير جداً مما طبع بعضه مستقلاً، وبعضه في مجاميع كبيرة وصغيرة، والكثير منه لا يزال مخطوطاً سواء كان موجوداً أو في عداد المفقود .

أقوال العلماء فيه

اقوال العلماء

 

لَقَدْ أثْنى كِبارُ علماء عصْر الإمام ابن تيمية عليه، وأكثروا من ذلك؛ لِمَا لمسوه من جَمْعه بيْن القول والعمل، وبيْن الإمامة في الدِّين والزهد في الدنيا بزَخارِفها، وبما رأَوْا منه من موافقة للسلف الصالح، وإحيائه لهَدْيهم، وحمْله رايةَ الجهاد في سبيل الله.

فقال عنه الإمام ابن الزملكاني: “مَـاذَا يَقُـولُ الْوَاصِفُونَ لَـهُ وَصِفَـاتُهُ جَلَّتْ عَـنِ الْحَصْـرِ”

قال عنه الإمام الذهبي: “كان آيةً من الذكاء وسُرْعة الإدراك، رأسًا في معرفة الكتاب والسُّنة والاختلاف، بحرًا في النقليَّات، هو في زمانه فريدُ عصْره علمًا وزهدًا، وشجاعةً وسخاءً، وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وكثرةَ تصانيف

قال الإمام عَلم الدِّين البِرْزَالي: “كان إمامًا لا يُلحق غبارُه في كل شيء، وبلغ رُتبةَ الاجتهاد، واجتمعت فيه شروطُ المجتهدين”

وقال الإمام ابن الحريري: “إنْ لم يكن ابن تيمية شيخَ الإسلام، فمَن هو؟!”

وقال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني : “قرَأ بنفسه ونَسَخ سُنن أبي داود، وحصَّل الأجزاء، ونظر في الرجال والعِلل وتفقَّه وتمهَّر، وتميَّز وتقدَّم، وصنَّف ودرَّس وأفْتى، وفاق الأقران، وصار عجبًا في سُرعة الاستحضار، وقوَّة الجَنان، والتوسُّع في المنقول والمعقول، والاطلاع على مذاهب السَّلَف والخَلَف”

وقال عنه الإمام الشوكاني : “شيْخ الإسلام، إمام الأئمَّة، المجتهد المطلق”
الحافظ البزار: “وأمَّا تواضعه فما رأيتُ ولا سمعتُ بأحد من أهل عصره مثله في ذلك، كان يتواضع للكبير والصغير، والجليل والحقير، والغني والصالح والفقير، وكان يُدني الفقيرَ الصالح، ويكرمه ويؤنسه، ويباسطه بحَديثه المستحلى زِيادةً على مثله مِن الأغنياء، حتى إنه ربما خدَمه بنفسه، وأعانه بحَمْل حاجته؛ جبرًا لقلْبه، وتقربًا بذلك إلى ربِّه، وكان لا يسأم ممن يستفتيه أو يسأله؛ بل يُقبِل عليه ببشاشة وجه، ولِين عَرِيكة، ويقف معه حتى يكونَ هو الذي يفارقه؛ كبيرًا كان أو صغيرًا، رجلاً أو امرأةً، حرًّا أو عبدًا، عالمًا أو عاميًّا، حاضرًا أو باديًا، ولقد بالَغ معي في حال إقامتي بحضرتِه في التواضُع والإكرام، حتى إنه لا يذكرني باسمي؛ بل يُلقِّبني بأحسن الألقاب.

وعن إيثاره رغم فقره قال الحافظ البزار في الأعلام العلية : انه ذات مرة رأى محتاجًا إلى ما يعتمُّ به، فنزع عمامته من غير أن يسألَه الرجل ذلك، فقطعها نِصفين، واعتمَّ بنصفها، ودفع النصف الآخر إلى ذلك الرجل.

من أقواله

من اقوال بن تيمية

 

“المـؤمن مأمورٌ بأن يفعـل المأمور، ويترك المحظور، ويصبر على المقدور”

” إنَّ في الدنيا جَنَّةً مَن لم يدخلها لا يدخُل جَنَّةَ الآخرة”
” ولا أنفع للقلب من التوحيد وإخلاص الدين لله ، ولا أضر عليه من الإشراك “

“ما يَصنع أعدائي بي؟! أنا جَنَّتي وبُسْتاني في صدري، أين رحتُ فهي معي لا تُفارقني؛ إنَّ حبسي خلوة، وقتْلي شهادة، وإخراجي مِن بلدي سياحة”

“لن يخاف الرجلُ غيرَ الله إلا لمرَض في قلبه”
” وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره أو مطاع متبوع غير الرسول هو أعظم الفساد في الأرض، ولا صلاح لها ولأهلها إلا أن يكون الله وحده هو المعبود والدعوة له لا لغيره والطاعة والاتباع لرسول الله”

“مَن فارق الدليل ضلَّ السبيل، ولا دليل إلا بما جاء به الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم”

“لا تجعل قلْبك للإيرادات والشُّبهات مِثل السفنجة فيتشربها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعلْه كالزُّجاجة المصمَتة، تمرُّ الشبهات بظاهرها، ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته”

“المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك ; فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه والإكرام لأوليائه والإهانة لأعدائه والثواب لأوليائه والعقاب لأعدائه

وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة : استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعادات والعقاب بحسب ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته “

الحرب على ابن تيمية حيّاً وميتاً

الحرب على بن تيميه

 

كما حورب ابن تيمية في حياته من أصحاب المناهج الفاسدة ..تحاربه حكومات اليوم، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة حملات شنّتها بعض الحكومات العربية والغربية ضد مؤلفات شيخ الاسلام ابن تيمية وجاء ذلك في سياق انخراط الحكومات في الحرب على ما أسموه “الإرهاب”متمثلاً تحديداً في الحرب على “الدولة الإسلامية” التي ترى الحكومات انها تستند في أعمالها على فتاوى ابن تيمية

ففي 8 يونيو 2015 قررت دائرة المطبوعات والنشر الأردنية التحفظ على مؤلفات ابن تيمية، حيث صرّح مصدر مطلع من دائرة المطبوعات والنشر (الجهة المخولة بإجازة دخول الكتب إلى المملكة الأردنية) إن “القرار يقضي فقط بالتحفظ على مؤلفات ابن تيمية، إلى حين صدور قرار نهائي يتضمن المنع أو السماح بدخولها”، و المفارقة أن الكثير من هذه المؤلفات يتم تدريسها في كليات الشريعة بالجامعات الأردنية.

وفي مصر تعرض شيخ الإسلام ابن تيمية إلى حملة ضارية في الإعلام المصري تتهمه فيها بأنه أحد مرجعيّات تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية.

ففي 23 فبراير 2015 قام نائب مستشار مفتي مصر بكتابة مقال بعنوان “ابن تيمية شيخ الإسلام أم شرخ الإسلام” زعم فيه أن من يقرأ فتاوى ابن تيمية يعلم جشداً أنه شرخ في الإسلام وليس شيخاً للإسلام.

وفي25 يونيو للعام الحالي 2015 وزارة الأوقاف المصرية قامت بشن حملة تفتيشية على عدد من مساجد القاهرة، صادرت خلالها كتبًا لشيوخ التيار السلفي، وفي مقدمتها كتب: ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب.

أما في كردستان العراق وبالتحديد في العاشر من مايو لعام 2015 فقد قامت السلطات في وزارتي الأوقاف والثقافة بمنع تداول عدد من الكتب لعشرات المؤلفين بدعوى أنها “تحض على التطرف” واحتلت مؤلفات لابن تيمية رأس القائمة.

وفي 23 أبريل 2015 قامت دار الإفتاء في القرم -التابعة للحكومة الموالية لروسيا- بنشر قائمة من الكتب المحظورة داخل القرم وحثت المواطنين على عدم انتشار تلك الكتب بينهم، أو تواجدها في المنازل ،وكانت القائمة تتضمن أكثر من 75 كتابًا من كتب الإسلام وعلومه وكان من ضمن الكتب المحظورة كتباً لابن تيمية .

وسبقتهم في ذلك الجزائر والسعودية، حيث قامت الحكومة الجزائرية في الرابع من نوفمبر لعام 2011 فيما أسمته (حربها على الوهابية) بمنع إدراج الكتب التي أسمتها (سلفية) في معرض الكتاب منها كتب لابن تيمية والألباني وغيرهم.

أما في السعودية، فقد أصدرت وزارة التربية والتعلي بتاريخ 14 فبراير 2011 قراراً بسحب كتبٍ تحوي “فكراً مخالفاً وتحريضياً” من مكتبات المدارس العامة التابعة لها، ومنعت الوزارة قبول أي إهداءات أو تبرعات بالكتب إلا بموافقة مسبقة.
وفي مداخلة مع قناة “العربية” قال الدكتور محمد الزلفى، عضو مجلس الشورى سابقاً، إن تلك الخطوة متأخرة جداً، وإن الجميع يعلم أن مكتبات المدارس في المملكة موبوءة بكتب تحرض على التشدد والتزمت، لدرجة أن بعض مكتبات المدارس الابتدائية توجد بها كتب فتاوى ابن تيمية وهي فوق مستوى استيعاب التلاميذ، ناهيك عن كتب سيد قطب والإخوان الذين سيطروا على توجيه وسياسة التعليم في السعودية على مدى ثلاثة عقود.

Continue Reading

أعلام الإسلام

داغستان: القائد الداغستاني الذي جمع بين الأدب و السياسة في سبيل نصرة الإسلام و المسلمين علي عدلو

Published

on

محج قلعة – داغستان | أحوال المسلمين

لا تكاد تسأل أحد من الداغستانيين عن شخص شاعر و صحفي و عضو نشط في اتحاد الكتاب الا أجابك على الفور قائلا إنه علي ييف (علي) عدلو ، فهو بذلك شخصية عامة وشهيرة في داغستان، أديب لم يمنعه الأدب من عدم التدخل في الحياة السياسية و التأثير بها في سبيل صحوة المسلمين و الذب عنهم، المفكر الإسلامي الذي اقتحم مدارات السياسة حتى جعلته محط أنظار الحكومات مما أدى لإعتقاله وقضاء حياته وسط ضغط أمني .. من هو ؟  تعريف له ومقتطفات من سيرته العطرة

مولده

  ولد الأديب المسلم علي عدلو في 15 فبراير 1932 بمقاطعة جيداتل، حي شامل ييفسكوغو (المقاطعة السوفياتية أوراد سابقا) داغستان، بدأت تنتشر أشعار علي ييف في المجلات المحلية و الوطنية خلال سنوات ثانويته، أما بعد تخرجه من معهد موسكو للأدب الذي يدعى مكسيم غوركيو، فقد هم بالإشتغال في عدة مؤسسات في داغستان.

حياته المهنية

احدى منشوراته و كتبه في بداية رحلته المهنية

احدى منشوراته و كتبه في بداية رحلته المهنية

اشتهر في أوساط المجتمع الداغستان بالشاعر الأواري (من اللغة الأوارية التي تهم المجتمع الأواري و هو شعب قوقازي يسكن في شمال شرق القوقاز في جمهورية داغستان بروسيا الاتحادية. ويبلغ إجمالي عددهم حوالي المليون نسمة)، و قد ألف في زمن السوفييت أكثر من ثلاثين كتابا في الشعر باللغتين الأوارية و الروسية، و كان إنتماء تلك الكتب الى الشعر الأواري الكلاسيكي، و قد نشرت ترجمات لأشعاره في موسكو وقتئذ، ودٌرست في المناهج الدراسية.

في أواخر الثمانينيات صنف الشاعر علي ييف من أكثر الناشطين في برنامج الإصلاحات الاقتصادية “بيريسترويكا” (يعني إعادة بناء) الذي أطلقه رئيس الإتحاد السوفييتي ميخاييل غورباتشوف، و تم في 1985 انتخاب علي ييف رئيسا لحركة “الجماعة” التي تهتم بالسياسة و الثقافة الإجتماعية الوطنية للشعب الأواري.

في سنة 1992 خرج علي ييف من اتحاد الكتاب الداغستاني برسالة مفتوحة الى رفقائه الأعضاء و إلى العامة، في طريقة لجذب انتباه الشعب الى ما يقع فعلا في داغستان، مميطا الغطاء على إستبداد نومنكلاتورا خروجها ن القانون.
أما في 1994 فقد أصبع علي ييف رئيس المحررين في الصحيفة المستقلة “لواء الإسلام” التي شغلت دور مهم و نشيط في الحياة السياسية للمنطقة، و منذئذ أصبح الشاعر علي ييف يتنقل كثيرا الى الشيشان، و التي أتاحت له إقامة علاقة وطيدة مع القادة الرسميين و الغير الرسميين لإشكيريا.
في اواخر ابريل و أوائل شهر مايو من عام 1999 بادر القائد الميدانى شامل باسييف إلى انشاء علاقات ماراطونية خلصت الى الإجتماع مع قادة داغستان وتم تشكيل اتحاد شعبى الشيشان وداغستان و الاعلان عن جمعية تأسيسية له، تم تنصيب الشيخ المجاهد شامل باسييف رئيسا له و تنصيب الأديب الباحث علي عزلة النائب الأول للرئيس، ويرمي هذا الاتحاد إلى ترسيخ وحدة الشعبين الداغستانى والشيشانى وبقية شعوب القوقاز، وقد شارك فى هذة الجمعية التاسيسية التى عقدت اجتماعاتها فى غروزنى مسؤولون شيشانيون وداغستانيون.

في 7 أغسطس 1999 بدأت الحرب الداغستانية، عندما شن اللواء الإسلامي الدولي بقيادة شامل باساييف وخطاب، هجوم على جمهورية داغستان الروسية لدعم حركة مجلس شورى داغستان التي تدعو للتحرر من احتلال روسيا، و انتهت الحرب بانتصار روسي كبير، وانسحاب اللواء الإسلامي الدولي، و كان من آثار ذلك زج الكثير من المسلمين في لائحة المطلوبين للأنتربول، من بينهم علي عدلو، و زج باسم علي عدلو في قائمة المطلوبين الاتحادية والدولية، وعلى اثر ذلك غادر روسيا لمدة خمس سنوات (1999-2004)، كان لاجئا خلالها في جورجيا، ثم انتقل الى تركيا.

https://www.youtube.com/watch?t=332&v=52H4qCS2lVs

 

قامت السلطات الداغستانية في ذلك الوقت باتخاذ عدة تدابير في سبيل تشويه سمعته و كتم صوته، و من بين تلك التدابير حذف جميع اقتباساته و أشعاره من المناهج بالإضافة الى سحب جميع جتبه من الكتبات و حرقها، بالاضافة الى تدمير جميع سجلاته الصوتيه التي احتفظ بها في المكتبة الإذاعية الجمهورية، و بالموازاة أصدر عدلو عدى كتب في الخارج، من بينها باللغة التركية و الإنجليزية.

عودته الى داغستان و محاكمته

view_adallo (1)

في سنة 2004 الحافلة بالعمليات القتالية بين الحكومة الموالية لروسيا و المجاهدين، و التي كان أهمها اغتيال الرئيس الشيشاني الداعي للاستقلال زليم خان يانداربييف في منفاه بقطر، و اعقبه اغتيال الموالي لروسيا الرئيس الشيشاني أحمد قاديروف (أب الرئيس الشيشاني الحالي رمضان قاديروف) في 9 ماي 2004 خلال مهرجان له في غرونزي، خلال هذه الأحداث حظي علي عدلو بموافقة إدارية من داغستان بالعودة إليها من دون التعرض إليه، و بمساندة عدد كبير من الشعراء و الكتاب الروسيين، و الأعضاء في مجمع القلم الروسي، أمثال أندري فوزنيسنسكي، أندري بيتوف، فاضل اسكندر و آخرون، في حين نادى وزير الداخلية أديلجري محمد تاغيروف مرارا و تكرارا و في العموم الى عدم السماح لعدلو بالعودة الى داغستان، و في أوائل يوليو 2004 عاد علي طواعية الى داغستان، غير أن السلطات اعتقلته حين عودته في داغستان

في أكتوبر 2004 تم تقديم علي عدلو الى المحكمة العليا في داغستان، و حكم عليه بالسجن لثماني سنوات (معلقة)، وقد اتهم بموجب ثلاث مواد من القانون الجنائي، وهي قيامه بالتمرد المسلح، المشاركة في جماعة مسلحة غير مشروعة والحيازة غير المشروعة على الأسلحة.

огрызко

في أوائل أغسطس 2007 نشر الأديب علي عدلو كتاب جديد بعنوان “حوارات مع عدلو” (الكتاب الثاني). و قد التقى علي عدلو كثيرا مع رئيس داغستان موهو علي ييف، حول عدة قضايا، من بينها مراقبة مجهولين لإبنيه الإثنين، و الذي كان يعتبرهم عدلو عملاء للسلطة.
علي عدلو و جريدة العقدة القوقازية
خلال حواره مع جريدة “العقدة القوقازية” بتاريخ 23 ديسمبر 2009، وصف علي جمهورية داغستان أنها تعيش “حرب أهلية شاملة”، لافتا الى أنه “لا ينبغي أن يكون المسؤولون محميون بحواجز ضخمة تفصلهم عن الشعب” و ذلك من اجل تحسين الوضع الاجتماعي والسياسي في المنطقة، و أضاف “يجب أن يكون قانون واحد للجميع، و يجب علينا حقا أن نكافح الرذائل، مع عدم ذكر حسن نواياهم.

و قد حصلت أحوال المسلمين على حواره الكامل و المثير مع جريدة العقدة القوقازية و ستنشر ترجمته الكاملة في الأيام القليلة المقبلة

استهداف و تضييق له و لعائلته

adallo

في ديسمبر 2010، أدلى علي عدلو بتصريح لـ “العقدة القوقازية” معلقا على رسالة الرئيس الروسي السنوية إلى الجمعية الاتحادية، وذكر عدلو أنه فوجئ بأن الرئيس لم يشر الى شمال القوقاز أو يتناول محنتها ضمن رسالته وفي العام نفسه صرح الشاعر علي أن أبناءه تعرضوا لظغوط مهولة من لدن قوات الأمن

وفي يوم 4 يوليو 2010 ألقي القبض على “غامزت” نجل الشاعر الداغستاني علي مع أقارب زوجته، شقيقها “عبد الكريم موف رمضان” في نقطة تفتيش للشرطة الجمهورية بمنطقة جامبيت، و قد جدت المحكمة “غامزت علي ييف” و “عبد الكريم موف رمضان” مذنبين بارتكاب جريمة بموجب الفصل 1 الجزء 19.3 من القانون الإداري، وحكمت المحكمة عليهم بالاعتقال الإداري لمدة خمسة أيام لكل منهما و في ال 10 يوليو 2010، أطلق سراح المحتجزين لاحقا.
في مارس 2012، اشتكى علي عدلو إلى “العقدة القوقازية” من زيارة ضابط شرطة لبيته، و ذكر أن الزيارة و سببها لا يمكن تبريره، و قد كان سبب الزيارة ما ادعاءات ضابط الشرطة ان لديه “بيانا تتهم في الشرطة الشاعر عدلو بأنه كان يعتنق “الوهابية” في عام 1983

وفاته

logo_company_orig_aliev_adallo_magomedovich

أصدرت جريدة “العقدة القوقازية” خبر عن وفاة الشاعر الداغستاني المسلم ” علي عدلو” وذلك يوم 30 أغسطس 2015 عن عمر يناهز 83 عاماً، و قد حضر جنازته الكثير من أحبائه و معجبيه، موارينه الثرى في العاصمة محج قلعة.

Continue Reading

أعلام الإسلام

داغستان: القائد الداغستاني الذي جمع بين الأدب و السياسة في سبيل نصرة الإسلام و المسلمين "علي عدلو"

Published

on

محج قلعة – داغستان | أحوال المسلمين

لا تكاد تسأل أحد من الداغستانيين عن شخص شاعر و صحفي و عضو نشط في اتحاد الكتاب الا أجابك على الفور قائلا إنه علي ييف (علي) عدلو ، فهو بذلك شخصية عامة وشهيرة في داغستان، أديب لم يمنعه الأدب من عدم التدخل في الحياة السياسية و التأثير بها في سبيل صحوة المسلمين و الذب عنهم، المفكر الإسلامي الذي اقتحم مدارات السياسة حتى جعلته محط أنظار الحكومات مما أدى لإعتقاله وقضاء حياته وسط ضغط أمني .. من هو ؟  تعريف له ومقتطفات من سيرته العطرة

مولده

  ولد الأديب المسلم علي عدلو في 15 فبراير 1932 بمقاطعة جيداتل، حي شامل ييفسكوغو (المقاطعة السوفياتية أوراد سابقا) داغستان، بدأت تنتشر أشعار علي ييف في المجلات المحلية و الوطنية خلال سنوات ثانويته، أما بعد تخرجه من معهد موسكو للأدب الذي يدعى مكسيم غوركيو، فقد هم بالإشتغال في عدة مؤسسات في داغستان.

حياته المهنية

احدى منشوراته و كتبه في بداية رحلته المهنية

احدى منشوراته و كتبه في بداية رحلته المهنية

اشتهر في أوساط المجتمع الداغستان بالشاعر الأواري (من اللغة الأوارية التي تهم المجتمع الأواري و هو شعب قوقازي يسكن في شمال شرق القوقاز في جمهورية داغستان بروسيا الاتحادية. ويبلغ إجمالي عددهم حوالي المليون نسمة)، و قد ألف في زمن السوفييت أكثر من ثلاثين كتابا في الشعر باللغتين الأوارية و الروسية، و كان إنتماء تلك الكتب الى الشعر الأواري الكلاسيكي، و قد نشرت ترجمات لأشعاره في موسكو وقتئذ، ودٌرست في المناهج الدراسية.

في أواخر الثمانينيات صنف الشاعر علي ييف من أكثر الناشطين في برنامج الإصلاحات الاقتصادية “بيريسترويكا” (يعني إعادة بناء) الذي أطلقه رئيس الإتحاد السوفييتي ميخاييل غورباتشوف، و تم في 1985 انتخاب علي ييف رئيسا لحركة “الجماعة” التي تهتم بالسياسة و الثقافة الإجتماعية الوطنية للشعب الأواري.

في سنة 1992 خرج علي ييف من اتحاد الكتاب الداغستاني برسالة مفتوحة الى رفقائه الأعضاء و إلى العامة، في طريقة لجذب انتباه الشعب الى ما يقع فعلا في داغستان، مميطا الغطاء على إستبداد نومنكلاتورا خروجها ن القانون.
أما في 1994 فقد أصبع علي ييف رئيس المحررين في الصحيفة المستقلة “لواء الإسلام” التي شغلت دور مهم و نشيط في الحياة السياسية للمنطقة، و منذئذ أصبح الشاعر علي ييف يتنقل كثيرا الى الشيشان، و التي أتاحت له إقامة علاقة وطيدة مع القادة الرسميين و الغير الرسميين لإشكيريا.
في اواخر ابريل و أوائل شهر مايو من عام 1999 بادر القائد الميدانى شامل باسييف إلى انشاء علاقات ماراطونية خلصت الى الإجتماع مع قادة داغستان وتم تشكيل اتحاد شعبى الشيشان وداغستان و الاعلان عن جمعية تأسيسية له، تم تنصيب الشيخ المجاهد شامل باسييف رئيسا له و تنصيب الأديب الباحث علي عزلة النائب الأول للرئيس، ويرمي هذا الاتحاد إلى ترسيخ وحدة الشعبين الداغستانى والشيشانى وبقية شعوب القوقاز، وقد شارك فى هذة الجمعية التاسيسية التى عقدت اجتماعاتها فى غروزنى مسؤولون شيشانيون وداغستانيون.

في 7 أغسطس 1999 بدأت الحرب الداغستانية، عندما شن اللواء الإسلامي الدولي بقيادة شامل باساييف وخطاب، هجوم على جمهورية داغستان الروسية لدعم حركة مجلس شورى داغستان التي تدعو للتحرر من احتلال روسيا، و انتهت الحرب بانتصار روسي كبير، وانسحاب اللواء الإسلامي الدولي، و كان من آثار ذلك زج الكثير من المسلمين في لائحة المطلوبين للأنتربول، من بينهم علي عدلو، و زج باسم علي عدلو في قائمة المطلوبين الاتحادية والدولية، وعلى اثر ذلك غادر روسيا لمدة خمس سنوات (1999-2004)، كان لاجئا خلالها في جورجيا، ثم انتقل الى تركيا.

https://www.youtube.com/watch?t=332&v=52H4qCS2lVs

 

قامت السلطات الداغستانية في ذلك الوقت باتخاذ عدة تدابير في سبيل تشويه سمعته و كتم صوته، و من بين تلك التدابير حذف جميع اقتباساته و أشعاره من المناهج بالإضافة الى سحب جميع جتبه من الكتبات و حرقها، بالاضافة الى تدمير جميع سجلاته الصوتيه التي احتفظ بها في المكتبة الإذاعية الجمهورية، و بالموازاة أصدر عدلو عدى كتب في الخارج، من بينها باللغة التركية و الإنجليزية.

عودته الى داغستان و محاكمته

view_adallo (1)

في سنة 2004 الحافلة بالعمليات القتالية بين الحكومة الموالية لروسيا و المجاهدين، و التي كان أهمها اغتيال الرئيس الشيشاني الداعي للاستقلال زليم خان يانداربييف في منفاه بقطر، و اعقبه اغتيال الموالي لروسيا الرئيس الشيشاني أحمد قاديروف (أب الرئيس الشيشاني الحالي رمضان قاديروف) في 9 ماي 2004 خلال مهرجان له في غرونزي، خلال هذه الأحداث حظي علي عدلو بموافقة إدارية من داغستان بالعودة إليها من دون التعرض إليه، و بمساندة عدد كبير من الشعراء و الكتاب الروسيين، و الأعضاء في مجمع القلم الروسي، أمثال أندري فوزنيسنسكي، أندري بيتوف، فاضل اسكندر و آخرون، في حين نادى وزير الداخلية أديلجري محمد تاغيروف مرارا و تكرارا و في العموم الى عدم السماح لعدلو بالعودة الى داغستان، و في أوائل يوليو 2004 عاد علي طواعية الى داغستان، غير أن السلطات اعتقلته حين عودته في داغستان

في أكتوبر 2004 تم تقديم علي عدلو الى المحكمة العليا في داغستان، و حكم عليه بالسجن لثماني سنوات (معلقة)، وقد اتهم بموجب ثلاث مواد من القانون الجنائي، وهي قيامه بالتمرد المسلح، المشاركة في جماعة مسلحة غير مشروعة والحيازة غير المشروعة على الأسلحة.

огрызко

في أوائل أغسطس 2007 نشر الأديب علي عدلو كتاب جديد بعنوان “حوارات مع عدلو” (الكتاب الثاني). و قد التقى علي عدلو كثيرا مع رئيس داغستان موهو علي ييف، حول عدة قضايا، من بينها مراقبة مجهولين لإبنيه الإثنين، و الذي كان يعتبرهم عدلو عملاء للسلطة.
علي عدلو و جريدة العقدة القوقازية
خلال حواره مع جريدة “العقدة القوقازية” بتاريخ 23 ديسمبر 2009، وصف علي جمهورية داغستان أنها تعيش “حرب أهلية شاملة”، لافتا الى أنه “لا ينبغي أن يكون المسؤولون محميون بحواجز ضخمة تفصلهم عن الشعب” و ذلك من اجل تحسين الوضع الاجتماعي والسياسي في المنطقة، و أضاف “يجب أن يكون قانون واحد للجميع، و يجب علينا حقا أن نكافح الرذائل، مع عدم ذكر حسن نواياهم.

و قد حصلت أحوال المسلمين على حواره الكامل و المثير مع جريدة العقدة القوقازية و ستنشر ترجمته الكاملة في الأيام القليلة المقبلة

استهداف و تضييق له و لعائلته

adallo

في ديسمبر 2010، أدلى علي عدلو بتصريح لـ “العقدة القوقازية” معلقا على رسالة الرئيس الروسي السنوية إلى الجمعية الاتحادية، وذكر عدلو أنه فوجئ بأن الرئيس لم يشر الى شمال القوقاز أو يتناول محنتها ضمن رسالته وفي العام نفسه صرح الشاعر علي أن أبناءه تعرضوا لظغوط مهولة من لدن قوات الأمن

وفي يوم 4 يوليو 2010 ألقي القبض على “غامزت” نجل الشاعر الداغستاني علي مع أقارب زوجته، شقيقها “عبد الكريم موف رمضان” في نقطة تفتيش للشرطة الجمهورية بمنطقة جامبيت، و قد جدت المحكمة “غامزت علي ييف” و “عبد الكريم موف رمضان” مذنبين بارتكاب جريمة بموجب الفصل 1 الجزء 19.3 من القانون الإداري، وحكمت المحكمة عليهم بالاعتقال الإداري لمدة خمسة أيام لكل منهما و في ال 10 يوليو 2010، أطلق سراح المحتجزين لاحقا.
في مارس 2012، اشتكى علي عدلو إلى “العقدة القوقازية” من زيارة ضابط شرطة لبيته، و ذكر أن الزيارة و سببها لا يمكن تبريره، و قد كان سبب الزيارة ما ادعاءات ضابط الشرطة ان لديه “بيانا تتهم في الشرطة الشاعر عدلو بأنه كان يعتنق “الوهابية” في عام 1983

وفاته

logo_company_orig_aliev_adallo_magomedovich

أصدرت جريدة “العقدة القوقازية” خبر عن وفاة الشاعر الداغستاني المسلم ” علي عدلو” وذلك يوم 30 أغسطس 2015 عن عمر يناهز 83 عاماً، و قد حضر جنازته الكثير من أحبائه و معجبيه، موارينه الثرى في العاصمة محج قلعة.

Continue Reading

أعلام الإسلام

سوريا : من كبار رواد الأدب الإسلامي الكاتب الأديب محمد الحسناوي

Published

on

دون سيرة حياته : زوجته هيفاء علوان، عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام

مولده و نشأته

ولد محمد حسناوي في مدينة جسر الشغور وهي مدينة تقع على نهر العاصي وهي مدينة من أعمال محافظة إدلب ، ودرس الابتدائية فيها ، وأكمل دراسته الثانوية في مدينة اللاذقية .

تعليمه

تخرج بالليسانس في كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة دمشق عام 1961 ، وفي كلية التربية بدبلوم عامة عام 1962 ثم حصل على الماجستير من كلية الأداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية –ببيروت بشهادة الماجستير في موضوع ( الفاصلة في القرآن ) ، وسجل لنيل الدكتوراة في معهد الآداب الشرقية ببيروت عام (1973 ) بعنوان ( السورة في القرآن ) ، ولكن قدر الله لم يمكنه من متابعة هذا الأمرإذ حالت ظروف قاهرة دون استكمال هذا الشوط – وإن كان بعلمه وسعة اطلاعه يوازي أو يفوق بعض الحاصلين على الدكتوراة .

عمله و حياته الأدبية

درّس في أكثر من مدينة ، في عفرين لبعض الوقت، وفي حلب وثانوياتها عبد الرحمن الكواكبي طوال ثمانية عشر عاماً إلى أن اضطر أن يغادر سوريا حيث كانت البيئة السياسية في سورية تتلوى على الجمر.

بدأ حياته الأدبية بنظم الشعر وصدر له بعض المجموعات الشعرية ، ثم أضاف إلى ذلك في السبعينات كتابة القصة وانقطع عن كتابة الشعر حوالي عشرة سنوات من 1980- 1990-لانشغاله المكثف بقضايا أمتنا العامة . أما الكتابات النقدية ، فكانت في مراحل كتابة الشعر الخصبة ، وإن لم ينقطع عنها في المراحل كلها لاسيما المراحل الأخيرة .

في مراحل حياته الأدبية الأولى تابع الحركة الأدبية المحلية والعربية ، وكتب في المجلات الأدبية والإسلامية المعروفة مثل (مجلة الآداب ، والأديب والفكر) اللبنانية ومجلة ( حضارة الإسلام والمعرفة ومجلة مجمع اللغة العربية) الدمشقية و( مجلة البعث الإسلامي) الهندية ومجلة (المشكاة) المغربية ومجلة ( الفكر) التونسية وغيرها .

كان وما يزال يتطلع إلى التجديد في الشكل والمضمون ، من خلال إفادته من تراث أمتنا العظيم ومن معطيات الآداب الغربية والشرقية .

ومن ذلك اهتمامه بحركة الشعر الحديث ( شعر التفعيلة ) ومؤسسه الأديب الرائد الكبير علي أحمد باكثير .

اهتمّ – رحمه الله- بالدراسات القرآنية من خلال كتابه الفاصلة وكتابه الذي كتبه في السنة الأخيرة من حياته العامرة ( دراسة جمالية بيانية في أربع سور ) .

في دراسته للفاصلة في القرآن –وهي كلمة آخر الآية كقافية الشعر وسجعة النثر – اكتشف آثاراً مهمة للموسيقى القرآنية على شعر الموشحات والشعر الحديث من خلال الأديب باكثير . وقد أجرى الأديب رشيد العويد مقابلة معه –رحمه الله – في جريدة الرأي العام الكويتية عام 1978 تحت عنوان في حوار مع الشاعر محمد الحسناوي ( ظاهرة الشاعر الناقد ليست بدعا في أدبنا ) ومما قال في هذه المقابلة رحمه الله ( معظم آرائي في الشعر والنقد مشابهة لآراء الشاعرة نازك الملائكة. )

ولما سأله الأستاذ رشيد العويد عن “سبب اتجاهه إلى النقد الأدبي الذي تجلى في كتاب الفاصلة” أجاب :

(في الحقيقة هناك أكثر من سبب ، لعل في مقدمتها التحدي الكبير الذي يواجهه الشاعر المعاصر لاسيما الشاعر المسلم، فهناك الحاجة إلى إبداع شكل فني متميز في هوية الشعر العربي الإسلامي ، وهناك الحاجة إلى تعميق البعد الإسلامي لاستيعاب الالتزام الإسلامي ونظرته إلى الإنسان والكون والحياة) .

وقد نُشِر في مجلة البيان العدد0 (209) عام 2005 مقال للأديب عباس المناصرة بعنوان ( الخطاب الأدبي في القرآن الكريم والسؤال الغائب)كتب الأديب الأستاذ عباس المناصرة في هذا المقال :

(ولا يسعني في هذا المجال إلا أن أذكر بجهد رائد ، قدمه لنا الناقد الإسلامي الكبير محمد الحسناوي في كتابه الرائع ( الفاصلة في القرآن ) حيث كشف أمورا كثيرة تخص تطور الشعر والنثر وكيف تغلغل التأثير القرآني في أساليب الأدباء ،كما ناقش فرضيات كثيرة حول تطور الشعر الحديث والموشحات وربط ذلك بتاثير لغة النبأ العظيم عليها. لذلك نحن بحاجة إلى استمرار جهد الحسناوي وجهد غيره في هذا المجال لاستخراج نظريتنا الأدبية من داخل مرجعيتنا وذاتنا الحضارية المستقلة عن حضارة العقل الشرقي( الصوفي) وحضارة العقل الغربي ( الفلسفي) . انتهى

قدم شاعرنا –رحمه الله تعالى – عشرات المحاضرات في رابطة ألأدب الإسلامي العالمية أحدها تحت عنوان (قوانين الجمال في الفاصلة القرآنية ) ففي صحيفة اللواء الأردنية في 5 3 2003 وتحت عنوان ” قوانين الجمال في الفاصلة القرآنية محاضرة للأديب الإسلامي محمد الحسناوي ” والتي قدم لها الأديب نعيم الغول ومما قاله :

وقد قدم لهذه المحاضرة د. عودة أبو عودة وبعد أن عرض السيرة الذاتية للحسناوي تحدث للحاجة إلى فهم القرآن فهما سلوكيا في وقت عجز فيه كثير من الناس عن تطبيقه ، ثم عرض إلى مفهوم الفاصلة في القرآن وقال أي د” عودة أبو عودة أنه بعد قراءته الكتاب ” الفاصلة في القرآن ” علم أن للفاصلة القرآنية أحكاماً وأقساماً أكثر بكثير مما كان يظن ، فقد كنا نظن أن الفاصلة هي الكلمة الأخيرة في الآية وإذا بالأستاذ الحسناوي يقدم تفصيلاً وآراء وتقسيماً للفاصلة القرآنية مرتبط با لدلالة القرآنية والإيقاع ، ويذكر بأن تلاوة القرآن بهذا الوعي لتقسيم دلالاته يمكن أن تؤدي لقراءة دلالات جديدة لم تحظَ بالانتباه من قبل .وذكر الدكتور عودة بأن المرحوم الحسناوي عرض لدراسات قديمة وحديثة مثل دراسة عبد الكريم الخطيب وسيد قطب ومصطفى صادق الرافعي .

ثم تكلم د. كمال رشيد – رحمه الله – ومما قال إن مسألة الترادف في القرآن لايستقيم في وضع مفردة مرادفة بدل مفردة في القرآن الكريم لأن الكلمات فيه تأتي منسجمة من حيث المعنى والصوت .

مما ذكره د. مأمون جرار تعليقا على هذه المحاضرة وقال إنه عرض إلى مصطلح جديد يراوده وهو هندسة النص القرآني مثل الوقوف على بدايات ونهايات الآيات وهذا يعني الربط بين الآية والآية والسورة والسورة وقال إن كل بحث من هذا القبيل هو بحث في وجه من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم

وتحت عنوان ” ومضات قرآنية : تطبيقات على موضوعات الفاصلة القرآنية” وفي موقع نبض العربية الألكتروني ، كان فيه تعليق على قصة النبي موسى مع أخيه هارون من كتاب الفاصلة في القرآن وكثيرة هي الشواهد التي استفادت من هذا الكتاب المرجع .

لابد لي من القول بأن واقع الأمة انعكس على مرآة بحر أشعاره ، وقد زغردت أشعاره ونطقت زمرداً وعسجداً في ديوانه الأول” ربيع الوحدة” .

لقد كان متعاطفا مع قضايا أمته وناطقاً بلسان حالها في حس إنساني متدفق ، مشجعا وداعياً إلى الوحدة العربية المنشودة .

استمد –رحمه الله – ثقافته مما قرأه من الأدب العربي القديم ،كان منذ نعومة أظفاره يمتح من معين أدب الأجداد ، فكان يستعير وقد يستأجر الكتب والقصص في مراحل دراسته المتقدمة ، وكان لايُشفى ظمؤه من القراءة والمطالعة .

ومما لمسته منه – أنا زوجته ورفيقة دربه – أنه لايدع دقيقة في حياته إلا وخليله الكتاب بين يديه ، في الطائرة وفي السيارة وعلى الشرفة إلا في الحديقة فهو يدع لنفسه فرصة للتأمل في كتاب الله المفتوح ، وللتخطيط لأعماله حيث الصفاء وخلو البال والمناظر الخلابة التي تُجلى فيها الخواطر وتنساب فيها الإبداعات .

وكان تأثره واضحاً بأدباء العربية، فقد بدأ نظم الشعر في المرحلة الإعدادية

وشارك في الساحة الأدبية المحلية مشاركة واسعة ، وكان له نصيب في المهرجانات وهو حينها في سني الجامعة الأولى .

أسهم في مهرجان عكاظ الأدبي الذي أقيم في دمشق في الستينات وقد فاز بالجائزة الأولى.

وشارك في مهرجانات ومؤتمرات .

المؤتمرات الأدبية :

اشترك بمهرجان الشعر : دورة الشاعرأبي فراس الحمداني-بقصيدة ميزان السماء- عن الصحابي عبد الله بن أم مكتوم 1962 .

اشترك في الملتقى الدولي الأول للفن الاسلامي في جامعة الأمير عبد القادر الجزائري في قسنطينة –الجزائر- ببحث( العواطف البشرية في الأدب والتصور الإسلامي ).

وشارك في عام 1999 بالمؤتمر الثاني لكلية الآداب في جامعة الزرقاء الأهلية –الأردن ببحث عنوانه ( توظيف التراث في الشعر الإسلامي الحديث) وبأكثر من قصيدة .

وبالملتقي الدولي الثالث للأدب الإسلامي دورة محمد مختار السوسي- كلية الآداب والعلوم الإنسانية –أغادير ببحث ( خماسيات عمر بهاء الدين الأميري ) ولم يتم نشره بعد، وشارك أيضا بقصيدة عن الشهيد ( محمد الدرة)عام (2001) .

وكذلك شارك بالملتقى الدولي للأدب الإسلامي في المغرب دورة محمد المختار السوسي في موضوع (النقد التطبيقي بين النص والمنهج) عام (2001) في يناير .

وشارك أيضاً في العام نفسه في مهرجان الإسراء برعاية جامعة الموصل بكلية الحدباء ببحث( تجليات الشكل في القصة الإسلامية الحديثة ) وبقصيدة أيضاً عن الشهيد محمد الدرة .

– وقد قدم بحثاًَ عن الحركة الإصلاحية عند المرحوم الشيخ د. مصطفى السباعي ليقرأ نيابة عنه في ملتقى للأدب الإسلامي في المغرب.

وقد دعته مديرية الثقافة ليشارك في مدينة معان في المملكة الأردنية في أمسية قصصية سنة- 2001-

كتب –رحمه الله – القصيدة والقصة والمسرحية والمقالة والرواية ، وأبدع في شعر التفعيلة والمقالة الأدبية والسياسية ، وقد قدم أوراقاً لتشجيع المبدعين من هواة الأدب الإسلامي والأقلام الواعدة فكتب لهم :

( كيف تكتب مقالاً ؟) و( كيف تكتب رسالة ؟)

وله مقالات قيمة في التحليل السياسي تفرد بها عن معاصروه . وكانت اهتمامته عالمية سياسية داخلية وخارجية تشمل جميع الدول عربية وأجنبية ، واتسمت كتاباته بدقة الحدْس ، وكان بارعاً في تحليل الأحداث .

وكان كثيرا ما يشجع من يجد عندهم الإبداع كما ذكر الأديب د. محمد بسام يوسف في مقالة في تأبينه للمرحوم الحسناوي وكما ذكر ذات الكلام الأستاذ المهندس الطاهر إبراهيم . ولقد ساعد الكثيرين في وضع أفكار وخطط لأطروحاتهم الجامعية وأعمالهم الأدبية . في كل بلد يحل فيه .

نفح المرحوم محمد الحسناوي أطفال المسلمين في آخر سني حياته كثيراً من بوحه ، فقدم لهم أناشيد رائعة لحنت في أشرطة أربعة ، وقصائد أخرى مازالت خبيئة تنتظر الخروج إلى النور ، كما كتب قصصاً للأطفال .ومسرحيات شعرية للأطفال أيضاً تذكرنا بمسرحيات أمير الشعراء أحمد شوقي .كتب قصيدة عن الأسد ، وعن القطة والغزال وعن القرد والدلفين وغيرها .

اهتم بالدراسات القرآنية وكان أولها ( كتاب الفاصلة في القرآن )رسالة ماجستير(1973).

وثانيها (دراسات جمالية في أربع سور)1906-1907 . وكان قرر في آخر أيام حياته أن يصب اهتمامه على الدراسات القرآنية .

وقد برع وأبدع في مجال النقد وله فيه (في الأدب والأدب الإسلامي)1986 و(دراسات في القصة والرواية في بلاد الشام ) والذي علق عليه الأديب الدكتور عبد الباسط بدر في رسالة بعثها للمرحوم قائلاً فيها :

“الأخ الكريم محمد الحسناوي –حفظه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأسأله تعالى أن تكونوا على خير ما نحبه لكم صحة وسعادة ورضوانا من الله أكبر وبعد:فقد تسلمت هديتكم القيمة كتاب ( دراسات في القصة والرواية في بلاد الشام)وقرأت صفحات منه أول ما استلمته ، وأشهد أنه شغلني عما كنت فيه من عمل إلى أن رفعته –مضطرا- إلى خلوة استرقها قريباً من زحمة المشاغل لأنعم بما فيه من علم و ذائقة نقدية عالية وأسلوب رفيع عذب .بارك الله في مواهبك الكثيرة وزادك عطاء وتقبل منك .”

– صدر كتاب ( في الأدب والحضارة ) 1985-

– وصدر له كتاب ” صفحات في الفكر والأدب ” في دار القلم ببيروت . ويضم هذا الكتاب دراسات ومقالات حول التصور الإسلامي للفنون ، وحول العواطف البشرية في القرآن الكريم ، أو في أدب علي أحمد باكثير، ويضم أيضا مراجعات نقدية لثلاثة كتب حول السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد ، و حول انهيار الحضارة الغربية ، و الجريمة والعقاب على الطريقة الروسية . وفي الوقت نفسه يكشف النقاب عن حذف فصل مهم من كتاب “السلام العالمي” والإسلام لسيد قطب ويعيد نشره لما ينطوي عليه من أهمية مصيرية .

وله أيضا( دراسات جمالية في أربع سور ) وبمناسبة صدوره أجريت مقابلة في برنامج المرصد الثقافي أجرته الأستاذة سميرة ديوان في إذاعة حياة إف إم بتاريخ 5 8 2006 ومما ذكر في هذه المقابلة

( لم يكن هذا الكتاب المشع كباقي الكتب ، فكان تعاملنا معه ليس بالكم وبالكيف المثيرين للأعجاب والدهشة ، التي تدفع قارئ الكتاب نحو الإغراق والاسترسال والتمعن في كل حرف وكل كلمة في كتاب ماهو إلا شرح لجمال أعظم كتاب في تاريخ الأمم على الإطلاق ، وهو قرآننا العظيم .

وله دراسات كثيرة في الأدب العربي والغربي لم يجمعها كتاب بعد . وله كتب في السيرة الذاتية التي تميز بها عن كثيرين غيره بشهادة العديد من الأدباء منها رواية (خطوات في الليل 1997). وقد نشرت دراسة لها في مجلة المجتمع الكويتية في أربع حلقات تفضَل بدراستها الدكتور محمد حلمي القاعود وكانت بحق دراسة قيمة ورائعة ، وهذه الرواية تركز على أحداث سورية في الثمانينات.

وله مجموعات قصصية لها نكهة خاصة ،إذ تكاد تكون حلقات متتابعة متكاملة زمنياً وفنيا ، ًفالبطل (حامد) وهو المؤلف نفسه تدور حوله أقاصيص “بلد النوابغ” ذات الطابع الاجتماعي ، و”قصص راعفة” ذات الطابع السياسي. وبذلك توطئ القصص القصيرة لتشكيل نوع من الرواية المؤلفة من حلقات قصصية ،وهذا الصنيع يشهد للمرحوم بقصب السبق والابتكار في هذا الميدان .

ومجموعة ( بلد النوابغ ) صدرت في( 1999) نشرت في دار عمار ودار الشهاب ، وهذه المجموعة هي قصص قصيرة وهي في الوقت نفسه شكل من أشكال الرواية الحديثة ، وهي نصوص منفصلة ومتصلة بآن واحد، نصوص مستقلة من جهة ومتكاملة من جهة ثانية. إن شخصية حامد عبد الواحد هي الشخصية الأولى في طفولتها وفتوتها وشبابها وكهولتها تنمو فنياً أحاسيسها ومشاعرها وخبراتها كما تنمو شبكة العلاقات حولها ومعها ، فتتحول التراكمات الكمية إلى نقلة نوعية في آخر المطاف .

تغطي هذه الأقاصيص –الرواية- مساحة أربع وخمسين سنة من حياة المؤلف ، وهي مرآة المجتمع السوري بوجه عام ، ولمسقط رأس المؤلف مدينة جسر الشغور-( بلد النوابغ). وهي بذلك وثيقة أدبية تاريخية لنصف قرن من حياة مجتمع زاخر بالحيوية والمفارقات والتفاعلات المتنوعة والعطاء لايقدر على سبرها بعمق وجمالية إلا أديب متميز . أما إذا كان هذا القاص شاعراً فسوف تزداد الشفافية وتتآلف اللوحات والتصورات ،هكذا يبدو النبض المحلي رؤيا إنسانية عالمية .

وللحسناوي مجموعة ( بين القصر والقلعة ) التي أصدرها في عام(1988) وهي مجموعة قصصية إحداها قصة بين القصر والقلعة والتي سميت المجموعة باسمها، ويربط بين هذه القصص خط واحد وهمّ واحد ، وهذه المجموعة أيضا هي وثيقة أدبية لمرحلة معينة من عمر الأديب الشاعر ، وهذا ما عودنا عليه الأديب الرائع محمد الحسناوي .

أما مجموعة “قصص راعفة ” القصصية فهي قصص قصيرة وفي الوقت نفسه شكل من أشكال الرواية الحديثة كما هي (بلد النوابغ) منفصلة ومتصلة ومتكاملة تنمو كما تنمو شبكة العلاقات والأزمات من حولها ومعها لتتحول التراكمات في النهاية إلى نقلة نوعية .

تغطي هذه الأقاصيص الرواية مساحة ربع قرن من حياة المؤلف وهي مرآة للمجتمع السوري بوجه عام وللنخبة المثقفة بوجه خاص ، وهي بذلك وثيقةأدبية تاريخية للربع الأخير من هذا القرن في بعده السوري ، إنه ربع قرن حافل بالحيوية والمفارقات والتفاعلات المتنوعة العطاء يعكسه أديب شاعر مفكر ، كان فيه شاهدا وضحية ومرآة ورقماً غير مستهلك .

ولعل إحدى هذه المعطيات التي يكشفها هذا العمل الأدبي التاريخي أن المثقف السوري لم يكن غائباً عن مجريات الأحداث الداخلية والخارجية في بلده في يوم من الأيام ، كما يكشف الحقائق بوجهها الإنساني الذي لايقبل التزييف .

سمة أخرى في هذه المجموعة أنها حلقة فنية من سلسلة المؤلف القاص الشاعر مضافة إلى ديوانه في “غيابة الجب”وروايته “خطوات في الليل ”

للتاريخ غير المعلن للمجتمع السوري .

بدأ الشاعر –محمد الحسناوي – نشرقصائده وهو في المرحلة الثانوية ثم الجامعية ،وكتب في العديد من الصحف والمجلات والدوريات، منها مجلة المجتمع الكويتية حضارة الإسلام الدمشقية، وقد أصبح رئيسا للتحرير فيها لفترة .ونشر في مجلة الآداب اللبنانية ومجلة الأحمدية القطرية الدورية والمنار السعودية , والشقائق والدعوة والبيان السعودية ، وفي مجلة آفاق الأردنية التي كانت تصدر من جامعة الزرقاء الأهلية وفي مجلة الفرقان الأردنية ، التي نشرت له الدراسات القرآنية والنصوص الشعرية . ونُشِر له في مجلة أفكار وفي مجلة جذور الدورية دراسة أدبية عن أدب الديارات . ونشر له كثير في مجلة منار الإسلام .

ونشر لمحمد الحسناوي الكثير في مجلة الوعي الإسلامي الكويتية ونشر في كثير من الصحف .

وله بحوث كثيرة متميزة عن المرحوم علي أحمد باكثير ، وعمر بهاء الدين الأميري وعن الأستاذ الشيخ مصطفى السباعي وعن أبي الأعلى المودودي ، وله جهود كبيرة في الدفاع عن الأديب الكبير علي أحمد باكثير .كتب أكثر من مسرحية ومن مسرحياته :

– ” ضجة في مدينة الرقة ” كتبت عام ” 1993″،

– المكيدة “وتصور العهد الجاهلي كتبها عام 2000″

– ” ألا من يشتري سهرا بنوم ” كتبها عام 2000

– “الحنيفية ” أيضا في عام 2000

– “إبراهيم هنانو في جبل الزاوية”1993 .

خصائص أدبه :

إن شعره كان مواراً صخّاباً، يشحذ الهمم ويقوي العزائم ومن أجمل ماكتب في ديوانه (عودة الغائب) ويريد به الإسلام تميزشعره بالجزالة والقوة والسيرورة . وتميز بالنقد البناء

كان من أنصار الفن للحياة ، كان مثل باكثير على غزارة علمه كان يشعر محدثه أنه أعلم منه ، فمنهم من يقدر له ذلك ، ومنهم من يتغافل تواضعه فيدعي علو الباع والتقدم والنجاح .

كان محمد الحسناوي رائداً للأدب الإسلامي في العصر الحديث وقد ذكر الدكتور عبد الباسط بدر في مقدمة كتاب ( دليل مكتبة الأدب الإسلامي في العصر الحديث مايلي :

” لايفوتني في ختام هذا التقديم أن أشير إلى الريادة الكبيرة في هذا الميدان ، ميدان التعريف بمكتبة الأدب الإسلامي ريادة الأديب الناقد الأستاذ محمد الحسناوي ، الذي كان له فضل السبق ، عندما نشرعام 1989ه/ 1969 مقالا عرض فيه أسماء الكتب والبحوث التي نشرت حتى ذلك الوقت ، وقد استفدت من مقاله ذاك ، كما استفدت من إبداعه ومنهجه المتميز من قبل ”

هذه واحدة من الشهادات التي تلقي ضوءا على الحسناوي في مضمار الأدب الإسلامي إبداعاً ونقداً .

لابد من القول بأن أديبنا كان يعبر عن قضايا أمته بصدق وأصالة .

ولا بد أن نذكر تقديم الأديب الكبير عبد الله عيسى السلامة لرواية خطوات في الليل تحت عنوان (أجنحة الفن والواقع في رواية خطوات في الليل لمحمد الحسناوي ) نقتطف منها :

( إن المؤلف بطل هذه الرواية قد يكون مكرهاً في تمثيل دور البطولة على أرض الواقع . أو مكرهاً في صناعة بعض أحداثها على الأرض . . فإذا كان مكرها هناك في واقع الحياة على تمثيل دور البطولة ، أو تمثيل بعض أدوارها كدور السجين أو المنفي عن بلاده، فهل هو مكره حقيقة على تمثيل دور البطل في الرواية المكتوبة ؟

لا نظن بل نظنه اختار هذا الدور عن وعي وقصد ، وبعيد عن كل ضغط وإكراه ، بعيد عن فوهة المسدس وجدران الزنزانة ).

تعالوا نتابع ما قاله الأديب الشاعر القاص عبد الله عيسى السلامة عن الرواية :

( هذه الرواية ميدان خصب مثير لتحليلات أنماط من المحترفين والهواة ولغير هؤلاء وأولئك من القراء . .

كما يفيد المرء منها بطرائق شتى ، القارئ – أي قارئ الذي لم يقيد مزاجه بنموذج معين من نماذج الرواية . . القارئ الباحث عن المعرفة الممزوجة بمتعة فنية قصصية ، معرفة ما جرى ويجري . . معرفة بعض مسارات الحركة والفكر لشرائح من الدعاة ، على مستوى الفرد والمجموعة . . معرفة مايجري في الأقبية والسجون لرجال الفكر معرفة طعم البعد عن الأهل والوطن . . ثم معرفة أحلام الداعية ، أحلام اليقظة وأحلام النوم . . ومعرفة أنماط من الصراعات والمفارقات والموافقات بين أنواع من الشرائح الاجتماعية والسياسية . ومعرفة كيف يفكر ابن الخمسين الإنسان والرجل والولد والداعية والمفكر والأديب والمنفي والسجين . ثم معرفة أسلوب جديد من أساليب الكتابة الروائية ) .

كان الحسناوي من أنصار نظرية الفن للحياة ، وكان الحسناوي مثل باكثير على غزارة علمه كان يشعر محدثه أنه أعلم منه

ومن الذين أثنوا عن المرحوم محمد الحسناوي بعد وفاته الأديب فاروق صالح باسلامة من المملكة العربية السعودية الذي نشر في جريدة ( البلاد ) السعودية مقالاً اقتطف منه :

( والحسناوي في هذه السبيل يذكرني برعيل الأدب الإسلامي الراحلين مثل الأستاذ علي باكثير وأمين يوسف غراب وعبد الحميد جودة السحار الذين ينتجون أكثر مما يتكلمون وهذا ديدن المؤمنين العاملين والفضلاء الجيدين )

وسرني أن قرأت للأديب الشاعر (يحي حاج يحيى ) مقالاً عن الفقيد الأديب محمد الحسناوي وشعر الأطفال، وقد سررت كثيرا لهذا الطرح

لكونه أول أديب تنبه لهذا اللون من الأدب الذي برز فيه الفقيد- رحمه الله – هذا اللون من الأدب الذي قد يكون قد خفي على الأدباء وهو أول من كتب عن أدب الأطفال عند محمد الحسناوي فجزاه الله كل خير ، والسبب بيّن وهو تأخر نشر ديواني الأطفال ( العصافير والأشجار تغرد مع الأطفال )

والديوان الثاني ( هيا نغني ياأطفال ) تسع سنوات تقريباً . وعدم إلمام الأدباء بالأشرط التي أنشدت لأحبائنا الأطفال .

وقد نشر كثيرا من قصائد الأطفال في مجلة الشقائق السعودية وكذلك الفرقان الأردنية وفي بعض المواقع الالكترونية .

لقد أتحفنا – رحمه الله – بنظريات ضمّنها كتابه الفاصلة في القرآن ، هذا الكتاب المرجع في الدراسات القرآنية والذي كان ثمرة معاناة عاشها الباحث في فكره ووجدانه إلى أن أتيح له هذا البحث الأكاديمي ، وخير ما نستضيء به ماكتبه الدكتور العلامة ( صبحي الصالح –رحمه الله -) في مقدمته لكتاب الفاصلة في القرآن الكريم للمرحوم ( محمد الحسناوي )

( قيل إن الناقد فنان في الأصل ، فإذا كان الناقد الأدبي شاعرا موهوباً بالفعل أوفى على الغاية . ذلك ماخطر لي وأنا أشرع القلم لتقديم هذا البحث الجاد وهذا البحث ثمرة معاناة عاشها الباحث في فكره ووجدانه إلى أن أتيح لها هذا المسار الأكاديمي الطريف . فصارت معلماً من معالم حركة الأحياء المعاصرة في عالمنا الواعد بالكثير .

وأهمية هذا البحث لا تتأتى من مؤهلات صاحبه الخصبة ، بقدر ما تتصل أسبابه بقضايانا الكبرى في الثقافة والحياة : من دين وفن ، فهو ينطلق من قمة التراث

( القرآن الكريم ) وينتهي إلى معاركنا النقدية الجديدة مروراً بالنقد القديم وبفنوننا الأدبية التليدة كالشعر والسجع والموشحات .

منذ زمن بعيد سئمت حياتنا –بله الأدب والنقد – أساليب الوعظ والخطابة ، وقد آن الأوان لتأخذ الانجازات العلمية المعافاة مواقعها الجديرة بها .

وما أحرى هذا البحث وصاحبه أن يحلهما الدارسون محلهما اللائق .

إخالني لم أسرف في الثناء على البحث وصاحبه ، وإن كانا غرساًُ من غراسي التي أعتز بها ، وأحتسب أجرها عند الله .

وإخالني أكون منصفاً إذا جعلت البحث شاهدا على ما أقول ، أما صاحبه فقد أخرجت له المطبعة العربية دواوين شعرية ودراسات في المجلات والدوريات المعروفة ) .

وقد ورد في ترجمة لمعجم من معاجم الأدباء عن المرحوم مايلي : ” كان لجمال مرابع طفولته أثر كبير في لغته الشعرية والنثرية ، ولاشك أن الشعر له حس مرهف لذا فمن طبيعته أن يحب الطبيعة والجمال ويمكن أن نطلق عليه شاعر الطبيعة والجمال .وقد تجلت هذه السمة في ديوان شعره الذي نظمه للأطفال ( العصافير والأشجار تغرد مع الأطفال ) الذي سينشر بعون الله ، وجاءت في مفردات الطبيعة في ديوانه “عودة الغائب ” ويضم أربع عشرة قصيدة من الشعر العمودي تجسيدا للأفكار المجردة وكتب مقدمة له بلغت عشرين صفحة بعنوان “في الشعر والشعر الإسلامي عبر فيها عن معاناة الإنسان المعذب المقهور الجسمية والنفسية من خلال تجربته في ديوان ( في غيابة الجب المنشور (1968) تجربة عبر عن معاناتها بديوان كامل ( شعر حديث ) واضطر حينها لنشر الديوان باسم مستعار ( محمد بهار ) ويضم إحدى وثلاثين قصيدة من شعر التفعيلة ويتكون من قسمين : الأول في السجن والثاني بعد الإفراج .أما روايته (خطوات في الليل ) 1994 فتجربة من الرعب ، وأصدر ديوان (ربيع الوحدة) -1958- وملحمة النور -1974- ”

صدر للفقيد بعد وفاته –رحمه الله- مجموعة قصص ومسرحيات ( بطل في جبل الزاوية ).

كتب رحمه الله في التاريخ (ذكرياتي عن السباعي )

وبالاشتراك مع الاستاذ عبد الله الطنطاوي ( في الدراسة الأدبية )

-و بالاشتراك مع آخرين أصوات –مجموعة قصصية-

ومع آخرين كتب -عالم المرأة –

كذلك كتب مع آخرين مجموعة (خط اللقاء )

ومع الدكتور عماد الدين خليل ( مشكلة القدر والحرية )

وكتب للأطفال (هيا نغني يا أطفال ) ديوان شعر . لم ينشر

و( العصافير والأشجار تغرد مع الأطفال ) لم ينشر .

له من الأعمال المخطوطة :

رسائل وأغان : ديوان شعر .

قصص راعفة : مجموعة قصصية–

كتاب عن الشيخ مصطفى السباعي .

جوائز المسابقات الأدبية :

– فاز بالجائزة الأولى لمهرجان عكاظ الجامعي .1960 .

– الجائزة الثانية في أدب الأطفال من رابطة الأدب الإسلامي عن ديوان ( العصافير والأشجار تغني مع الأطفال) عام 1999 .

-الجائزة الأولى في القصة الإسلامية من مهرجان الإسراء في الموصل

عام -2001-

شارك في الحفل الختامي لجمعية المركز الإسلامي لليتيم وشارك في تحكيم القصة القصيرة في هذا المهرجان سنة 2003- وكذلك سنة 2004 .

وقد كتب عنه كثيرون :

شعراء الدعوة الإسلامية ( أحمدالجدع وحسني أدهم جرار) ج4.

دواوين الشعر الإسلامي –أحمد الجدع .

شعراء وأدباء على المنهج الإسلامي – د. محمد عادل الهاشمي ج2

محاولات جديدة في النقد الإسلامي – د عماد الدين خليل

في الأدب الإسلامي المعاصر – محمد حسن بريغش .

في جماليات الأدب الإسلامي .

الشعر السوري في شعر أعلامه .

دليل مكتبة الأدب الإسلامي ( المقدمة ) د. عبد الباسط بدر نظرية نشأة الموشحات الأندلسية بين العرب والمستشرقين –مقداد رحيم –

الرؤية والفن في رواية( خطوات في الليل ) لمحمد الحسناوي ( رسالة جامعية ) لمنصورة الزهراء من المغرب .

القصص الإسلامي المعاصر – يحيى حاج يحيى ,

القبض على الجمر – د محمد حوّر .

الأندلس في الشعر العربي المعاصر د . عبد الرزاق حسين (دراسة)

الأندلس في القصيدة العربية المعاصرة د. عبد الرزاق حسين – مختارات.

– أصدر الأديب التركي المعروف الأستاذ علي نار رئيس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية بتركيا كتابا بعنوان ” ثلاثة وثلاثون شاعرا” عن منشورات مجلة الأدب الإسلامي باستانبول 2004، رصد فيه مسيرة ثلاثة وثلاثين شاعراً عربياً حديثاً ومعاصراً من المشرق والمغرب، مع مختارات شعرية. وتضمن الكتاب تقديما بقلم الأستاذ علي نار ودراسة بقلم الأستاذ عبد الهادي دمرداش

والشعراء الذين تناولهم الكتاب هم:محمود سامي البارودي، احمد شوقي، حافظ إبراهيم، مصطفى صادق الرافعي، أحمد محرم، محمود أبو النجا، محمد المجذوب، علي أحمد باكثير، محمد محمود الزبيري، محيي الدين عطية، أحمد فرح عقيلان، عدنان النحوي، عمر بهاء الدين الأميري، وليد الأعظمي، عبد القدوس أبو صالح، صالح آدم بيلو، حسن بن يحي الذاري، هاشم الرفاعي، عبد الرحمن بارود، محمد منلا غزيل، محمد الحسناوي، احمد محمد صديق، كمال رشيد، محمود مفلح، مصطفى أحمد النجار، عبد الله عيسى السلامة، يحي حاج يحي، عصام العطار، عبد القادر حداد، يوسف أبو هلالة، حسن الأمراني، مأمون جرار، عبد الرحمن العشماوي.

ليس لنا في ختام هذه المقدمة للأعمال الكاملة للمرحوم محمد الحسناوي إلا أن نشد على أيدي الأدباء وبالأخص رواد الأدب الإسلامي ، أن يدرسوا أعمال هذا الأديب الكبير وفاء منهم لريادته ولما قدم لهذا الأدب من نظريات وأعمال ، راجية منه – سبحانه- أن يجعلها في ميزان حسناتهم وحسناته – رحمه الله- .

Continue Reading
Advertisement
MEDIUM RECTANGLE